ارتفعت أسعار التأمين على الشحن بشدة بسبب الهجمات الصاروخية على بعض السفن في البحر الأحمر. لكن وكالة التصنيف الائتماني الأميركية العالمية "موديز" استبعدت تأثيراً كبيراً لهذه الهجمات على التضخم.
فقد أدت الهجمات التي شنها الحوثيون في اليمن على السفن التجارية في البحر الأحمر إلى ارتفاع أقساط التأمين، الأمر الذي فاقم التكاليف المثقلة بالفعل بسبب ارتفاع أسعار الشحن وطرق التجارة البديلة الأطول.
فالحوثيون نفذوا هجمات بلا هوادة منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023 على السفن التي تعبر البحر الأحمر متجهة إلى إسرائيل، علماً أنه مركز بحري يمر عبره عادة 12% من التجارة العالمية.
وانخفض النقل البحري بالحاويات بنحو الثلث حتى الآن في عام 2024، مقارنة بالعام السابق، وفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي.
وتحتاج السفن التجارية إلى الحصول على 3 أنواع من التأمين: الأول التأمين على بدن السفينة ويغطي الأضرار التي تلحق بالسفينة، فيما يغطي الثاني، وهو تأمين البضائع، حمولة السفينة، بينما يشمل الثالث، وهو تأمين الحماية والتعويض، تغطيةَ الأضرار التي تلحق بأطراف ثالثة.
وقد "زادت أقساط التأمين على السفن وحمولاتها بشكل كبير" في أعقاب هجمات الحوثيين، وفقاً لما نقلت وكالة "فرانس برس"، اليوم الجمعة، عن رئيس شركة "غاريكس" فريدريك دينيفل، وهي شركة فرنسية متخصصة في التأمين ضد المخاطر البحرية، مضيفاً أن أعدادها زادت بما يتناسب مع مستوى التهديد.
كما أن تهديد البحر الأحمر غير عادي ولكنه ليس استثنائياً، وفقاً لرئيس قسم الملاحة البحرية والطيران في رابطة سوق لويدز (LMA) لنيل روبرتس، والتي تمثل جميع شركات الاكتتاب في سوق التأمين لويدز لندن.
وقال روبرتس لوكالة "فرانس برس" إن "الوضع في البحر الأحمر ديناميكي وغير عادي على حد سواء، حيث تستهدف دولة غير مقاتلة السفن التجارية لتحقيق هدف سياسي في دولة ثالثة".
وأضاف أن "الأمر ليس استثنائياً لأنه لسوء الحظ يتعرض الشحن التجاري بانتظام للتهديدات سواء في غرب أفريقيا أو قبالة الصومال أو في أي مكان آخر"، مشيراً إلى أن البحر الأحمر منطقة مدرجة، وهو ما يعني أنه يتعين على السفن التي تخطط للدخول أن تخطر شركات التأمين الخاصة بها.
ويمكن لمقدمي التأمين بعد ذلك مراجعة كل من السفينة ورحلتها، ويمكنهم المطالبة بعلاوة حرب إضافية بالإضافة إلى التغطية العادية. لكن قسط الحرب هذا يقتصر على فترة زمنية قصيرة.
تقييم مخاطر الشحن عبر البحر الأحمر هذا، وتجتمع لجنة الحرب المشتركة التابعة لـLMA بانتظام لتقييم المخاطر الأمنية التي تهدد الشحن في جميع أنحاء العالم.
و"إذا كنت تتداول في منطقة تقول فيها هذه اللجنة إن هذا أمر خطير بعض الشيء، فإن التغطية تتوقف فعلياً بمجرد دخولك، ثم يتعين عليك الدفع مقابل تلك الفترة أثناء وجودك فيها، ثم تتم إعادة ربطها عندما تخرج، حسبما قال الرئيس العالمي للخدمات البحرية والشحن والخدمات اللوجستية في شركة مارش ماركوس بيكر.
وقدرت المديرة العامة لشركة أسكوما إنترناشيونال كلير هامونيك أن أقساط التأمين على الحرب تضاعفت بما يراوح ما بين 5 و10 أضعاف للسفن والبضائع التي تعبر البحر الأحمر.
ووفقاً للعديد من مصادر الصناعة، فإن المعدل الحالي لعلاوة مخاطر الحرب يراوح بين 0.6% و1% من قيمة السفينة. ويمكن أن يعادل ذلك مبلغاً كبيراً عندما تتجاوز قيمة بعض السفن الضخمة 100 مليون يورو.
وبالإضافة إلى العلم، يتم إيلاء اهتمام خاص لجنسية السفينة، وفقاً لرئيس العمليات في شركة Vessel Protect المتخصصة في التأمين الحربي مونرو أندرسون، الذي قال لوكالة "فرانس برس" إن "الحوثيين قالوا على وجه التحديد إنهم يستهدفون السفن المرتبطة بالولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وهناك عدد من السفن التي ترفع علمها أو ترتبط ببلدان لا تحمل مستوى المخاطر نفسه".
ومن ذلك، على سبيل المثال، السفن الصينية المتصلة بهونغ كونغ والتي يوجد منها الكثير، وهي تتاجر في تلك المنطقة. وستكون، برأي أندرسون، قادرة على إضافة أقساط أقل من تلك المرتبطة بإسرائيل والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.
كما دفعت ضربات الحوثيين بعض شركات الشحن إلى الالتفاف حول جنوب أفريقيا لتجنب البحر الأحمر. ويستغرق هذا ما بين 10 و15 يوماً أكثر من طريق البحر الأحمر، ويمكن أن يستغرق 20 يوماً إضافياً للسفينة البطيئة.
ويمكن لمالكي السفن الذين يقومون بذلك تجنب دفع رسوم مرور كبيرة في البحر الأحمر، لكنهم يواجهون أيضاً تكاليف وقود وعمالة أعلى للرحلة الأطول.
ولا يزال الساحل غير خال من المخاطر الأخرى مثل القرصنة. فقد حذرت هامونيك من أن تحويل مسار السفن حول رأس الرجاء الصالح "قد يؤدي على الأرجح إلى عودة القرصنة في المحيط الهندي"، مضيفة أن "هذا الخطر يمتد من أسفل البحر الأحمر مباشرة باتجاه ساحل الصومال".
في سياق متصل، قال محللون من "موديز" لخدمات المستثمرين، يوم الخميس، إن الهجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر تؤدي إلى تأخر البضائع ورفع تكاليف الشحن، إلا أن ضعف الطلب ووفرة السفن يخففان من تأثيرها على التضخم.
ويجري تحويل سفن تحمل بضائع متنوعة من الأثاث والملابس وحتى الغذاء والوقود بعيدا عن الطريق التجاري المختصر المار عبر قناة السويس إلى الطريق الأطول والأعلى كلفة حول أفريقيا، وذلك بسبب الهجمات التي يشنها الحوثيون بطائرات مسيرة وصواريخ على سفن دعماً من جانبهم للفلسطينيين في التصدي المستمر للعدوان الإسرائيلي.
وسفن الحاويات هي المستخدم رقم 1 للمسار الذي يربط بين أوروبا وآسيا عبر قناة السويس. وأصبح معظمها يتجنب هذا المسار، في ما يمثل أكبر اضطراب لحركة التجارة العالمية منذ الفترة الأولى لجائحة كورونا.