هجمات القاعدة باليمن ترسم ملامح معركة ظلت تلوح في الأفق لاستئصال سرطان الإرهاب الذي ينهش مناطق بالمحافظات الجنوبية.
فبعد نحو 7 أعوام من انحسار عمليات التنظيم الإرهابي جنوبي اليمن واعتماده الهجمات المتباعدة بفضل دور التحالف العربي، شكلت الهجمات المتتالية مؤخرا مبعث قلق على تنامي قدرات التنظيم.
وكان آخرها هجومان مسلحان للقاعدة، للمرة الأولى منذ أعوام، يستهدف خلال ساعات حاجزا أمنيا ودورية عسكرية بمحافظتي أبين وشبوة، ما أسفر عن مقتل 10 جنود وإصابة 7 آخرين، في مؤشر خطير على تطور إمكانات التنظيم ووفرة العناصر بصفوفه.
ودفعت هذه الهجمات القوات الأمنية والعسكرية في جنوب اليمن للاستنفار، استعدادا لبدء معركة وشيكة لا سيما في أبين التي باتت معقلا لتنظيم القاعدة في استهداف مختلف المحافظات الجنوبية.
العمالقة توحّد أبين وجهت الأجهزة الأمنية في أبين دعوة للفرقاء في المحافظة عسكريا وأمنيا للتوحد لخوض معركة مرتقبة ضد تنظيم القاعدة، لتتحرك قوات العمالقة على الفور لجمع كبار القادة العسكريين والأمنيين في المحافظة من مختلف الأطراف لتنسيق جهود مكافحة للإرهاب.
وقالت قوات العمالقة، في بيان، إنها "استضافت في مقر قيادتها لحفظ السلام بأبين قيادات عسكرية وأمنية للشرعية وقيادات الحزام الأمني للانتقالي بالمحافظة، لمناقشة عملية التنسيق الأمني المشترك للتصدي لتنظيم القاعدة الإرهابي الذي يحاول زعزعة الأمن".
وتنتشر وحدات من قوات العمالقة في أبين منذ أواخر 2020 بإشراف من قوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، وذلك كقوة حفظ سلام بعد أن كانت المحافظة مسرحا داميا لمعارك بين القوات الجنوبية والألوية العسكرية الموالية للإخوان.
والشهر الماضي، نجحت العمالقة الجنوبية في رعاية لقاء ودي بين أبرز خصمين في المحافظة، وهم قائدا القوات الخاصة والحزام الأمني محمد العوبان وعبداللطيف السيد، لتتوج اليوم بلقاء جماعي لمختلف القادة.
وضم لقاء اليوم، وفق بيان تلقته "العين الإخبارية"، محافظ أبين اللواء الركن أبوبكر حسين، ومدير شرطة أبين العميد أبومشعل الكازمي، ومن محور أبين العسكري العميد سند الرهوة وقائد القوات الخاصة العقيد محمد العوبان، ومن قيادات قوات الانتقالي قائد الحزام الأمني في أبين العميد عبداللطيف السيد وقائد قوات مكافحة الإرهاب في أبين العقيد عبدالرحمن الشنيني.
وجاء ذلك "بعد تنسيق ومساعٍ حثيثة بذلتها قوات العمالقة لحفظ السلام بقيادة أحمد المرقشي لتقريب وجهات النظر والترتيب لتوحيد الجهود في الحفاظ على أمن واستقرار محافظة أبين"، طبقا للبيان. وأشاد نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي قائد ألوية العمالقة الجنوبية عبدالرحمن المحرمي بالاصطفاف الأمني والعسكري في أبين لتوحيد الجهود وتأمين المحافظة من نشاط التنظيمات الإرهابية.
وفيما أكد أهمية اصطفاف كل القوى السياسية والعسكرية والأمنية في سبيل تثبيت استقرار الأمن، نبه إلى أن قيادة المجلس الرئاسي تتابع الوضع عن كثب في محافظة أبين وتضعها في صدارة الاهتمام.
ومن شأن توحيد القوات العسكرية والأمنية جنوب اليمن، خاصة أبين التي تعد بمثابة معقل للقاعدة، أن يشكل ضربة مزدوجة للتنظيم الإرهابي ومليشيات الحوثي على حد سواء، والتي دخلت على خط المعركة في تجنيد الخلايا واستهداف العمالقة بشكل رئيسي في أبين.
معركة ثأر يأتي الحراك العسكري والأمني الذي تقوده العمالقة في أبين بعد وقت قياسي من دعوة الأجهزة الأمنية لخوض معركة الثأر للشهداء في الهجمات الإرهابية.
ودعت إدارة أمن أبين، في بيان اطلعت عليه "العين الإخبارية"، كل شرفاء أبين وقبائلها بمختلف أطياف المجتمع، إلى الوقوف مع أبطال القوات الأمنية والعسكرية بكافة تشكيلاتها في معركة تطهير المحافظة من العناصر الإرهابية ممثلة بتنظيم القاعدة الإرهابي في عملية شاملة تستعد لخوضها".
كما وجهت نداء إلى كافة المكونات ورجال القبائل لمساندة معركتها وأكدت أن "الثأر حان للدماء التي سفكتها العناصر الإرهابية بدم بارد طوال هذه السنوات".
وأكد البيان "مدها اليد لقوات الحزام الأمني في أبين لطي الخلافات وتوحيد الجهود أسوة ببقية المحافظات"، مشددا على أنه "حان الوقت للتوحد للعمل جنبا إلى جنب لاستئصال بذرة الإرهاب".
بدورها، رحبت قيادة قوات الحزام الأمني، اليوم الخميس، بدعوة أمن أبين لتوحيد الصفوف لمحاربة التنظيمات الإرهابية، والتي وجهها للحزام الأمني.
وفي بيان صادر عن القيادة العامة للحزام الأمني ممثلة بالعميد محسن الوالي، تلقت "العين الإخبارية" نسخة منه، أكدت أن "تنظيم القاعدة وداعش خطر داهم على الجميع، ويستوجب توحيد الصف ونبذ الخلافات البينية"، مشددة على "التوحد للتخلص من الإرهاب".
ووجه الحزام الأمني قواته "في أبين وعدن ولحج لأن تكون على أهبة الاستعداد القتالي، لمواجهة العناصر الإرهابية متى تطلب الأمر وانتظار التوجيهات لنجدة أبناء المحافظة ومحاربة الإرهاب إلى جانب أمنها العام حتى تطهير جبالها ووديانها وسواحلها من الإرهاب".
وأكد أن الحزام الأمني حارب الإرهاب منذ الوهلة الأولى وتقع هذه المهمة على عاتقه في حفظ الأمن والاستقرار ومحاربة الآفات والظواهر الدخيلة، ولن تدخر القيادة العامة جهدا لمحاربة الإرهاب في أي منطقة من مناطق جنوب اليمن.
واستغل تنظيم القاعدة الإرهابي خلافات القوى في أبين لتوسيع انتشاره ونطاق عملياته التي استهدف غالبيتها قوات الحزام الأمني والنخبة الشبوانية التي تضطلع بشكل رئيسي بمكافحة الإرهاب بدعم من التحالف العربي.
خلط الأوراق وقال متحدث القوات الجنوبية النقيب محمد النقيب لـ"العين الإخبارية"، إن هجمات القاعدة الأخيرة استهدفت خلط الأوراق، مشيرا إلى أن مجلس القيادة الرئاسي حث على تقديم الدعم العاجل لقوات الحزام الأمني قوات دفاع شبوة، بما يساهم في مكافحة الإرهاب إلى جانب الإسراع في تنفيذ الشق العسكري من اتفاق الرياض.
واعتمد تنظيم القاعدة مؤخرا على السيارات المفخخة إلى جانب الانغماسيين (الانتحاريين)، كما حدث في هجوم استهدف جعار، في مارس/ آذار الماضي، لدى محاولة اغتيال العميد عبداللطيف السيد، فضلا عن مجموعة الانتحاريين الانغماسيين كهجوم الضالع الشهر الماضي والهجومين الأخيرين بشبوة وأبين.
واعتبرت الداخلية اليمنية أن الهجمات القاعدة تشكل دليلا جديدا على تحالف الحوثي والتنظيمات الإرهابية، والذي لم يكن وليد الساعة، وإنما بدأ منذ سيطرة المليشيات على مؤسسات الدولة في 2014 وإطلاقها كافة الإرهابيين من السجون مقابل استهدافهم مناطق الشرعية.