منذ أن اغتيل رئيس اليمن الشمالى أحمد حسين الغشمى «مثل هذا اليوم» فى٢٤ يونيو ١٩٧٨، ولا يزال الغموض يكتنف هذه القضية كما تظل من أغرب القضايا في تاريخ الاغتيال السياسى في العالم، وحينما نتأمل وقائعها تبدو لنا وكأنها فيلم إثارة غربى.
فها هو الغشمى يستقبل في مكتبه مبعوثًا خاصاً من قبل رئيس آخر؛فيقوم هذا المبعوث منفذ عملية الاغتيال الانتحارية بفتح الحقيبة الملغومة التي يحملها لتنفجر وتودى بحياته وحياة الرئيس،وفى العاشرمن يناير ٢٠٠٨ تم الكشف عن وصية منفذ الاغتيال، حين نشرتها صحيفة «٢٦ سبتمبر» اليمنية.
وأشارت لها في حينها جريدة الشرق الأوسط، الأمر الذي أعاد القضية للأذهان مع معلومات عن الانتحارى الذي قام بها وهوأحمد صالح حمدى،وهو رجل شبه أمى عمل فراشاً بإحدى المدارس ،وفى موجة المد الشيوعى، وجد نفسه على سطح الأحداث حتى صار مجرد آلة تنفذ ما يوكل إليها من مهام خطيرة، وقد ترك هذا الرجل وصيته لأبنائه قبل القيام بهذه العملية،وكان قد تعرض قبلها إلعمليات من الشحن النفسى حولت الآخرين في عيونه إلى «رفاق» يستحقون الحياة أو «خصوم» يستحقون الموت.
حتى إننا نلمس هذا في الصيغة التي كتب بها وصيته فكانت تفيض بتشنجات الخطاب اليسارى الشائع في عصره، وقد اختلفت الروايات إن كان ذلك الرجل هو نفسه المبعوث الذي أوفد للغشمى أم مجرد شخص قام بدور «الدوبلير» للمبعوث الأصلى الذي اختفى في لعبة استخباراتية مجهولة.
بقى أن نقول إن أحمد حسين الغشمى هو رابع رئيس للجمهورية العربية اليمنية من ١٩٧٧ إلى ١٩٧٨ وهو مولود في ١٩٤١ في إحدى ضواحى صنعاء وظل يترقى عسكريا حتى صار قائدا للأركان وأسهم بدور رئيسى بحركة ١٣ يونيو.