أثارت سيطرة الحوثيين على السلطة في اليمن حفيظة دول مجلس التعاون الخليجي، ومناداتها باتخاذ قرار دولي تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يجيز استخدام القوة العسكرية ضد من يعرقل عملية الانتقال السلمي للسلطة في اليمن، وقدم المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية دراسة حول تداعيات الأزمة على الأمن الخليجي ودوافع التحرك الخليجي، والخيارات المتاحة أمام دول مجلس التعاون الخليجي.
ورصد المركز الإقليمي تداعيات الأزمة الإيرانية علي الأمن الخليجي في ثلاث نقاط تتمثل في:
1- تنامي النفوذ الإيراني في جنوب الجزيرة العربية: فإيران كانت ولا تزال تقدم الدعم المالي والسياسي والإعلامي للحوثيين، لأن مجرد حضورها في اليمن يعتبر تطويقًا للخصم التقليدي والمتمثل في "السعودية"، ولهذا أصدر وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي بيانًا يعتبرون فيه ما يجري في اليمن "انقلابًا" على السلطة الشرعية.
وأشار المركز إلى أن طهران تسعى إلى التأثير في توازنات القوى الإقليمية، من خلال اللعب على الوتر الطائفي لتحريك القوى الشيعية في المنطقة.
2- التأثير في العمق الاستراتيجي لدول مجلس التعاون الخليجي، بالعمل على السيطرة على مضيق باب المندب، ومن ثم تهديد حرية الملاحة في تلك البقعة الاستراتيجية المهمة، وترجع أهمية المضيق بالنسبة للخليج في كون المضيق يربط بين البحر الأحمر وخليج عدن الذي تمر منه كل عام 25 ألف سفينة تمثل 7% من الملاحة العالمية.
3- تفاقم شوكة الإرهاب في المنطقة: وهذا الأمر يتضح من احتدام الصراع بين "القاعدة" في اليمن وجماعة الحوثيين، حيث أدت سيطرة الحوثيين على صنعاء إلى تصاعد خطر ونشاط تنظيم القاعدة، ما قد يؤدي إلى تعميق مشكلة ومخاطر الإرهاب بزيادة أماكن التوتر والصراع من ناحية، وجذب الجهاديين من ناحية أخرى.
- دوافع التحرك الخليجي
كما رصد المركز دافعين أساسيين لجعل دول مجلس التعاون الخليجي متشددة في موقفها تجاه الأزمة اليمنية، وعلى الأخص في ضوء سيطرة الحوثيين على اليمن، تتمثل في:
1- الخروج على بنود المبادرة الخليجية: حيث إن سيطرة الحوثيين على السلطة في اليمن بقوة السلاح يُعتبَر خروجًا على بنود المبادرة الخليجية التي طرحتها دول مجلس التعاون الخليجي في نوفمبر 2011، عقب اندلاع الثورة اليمنية، والتي وقع عليها الرئيس السابق علي عبد الله صالح لنقل السلطة إلى نائبه آنذاك عبد ربه منصور هادي.
وفي هذا الإطار، تنبغي الإشارة إلى أن خروج الحوثيين عن الطريق الذي رسمته المبادرة الخليجية يعتبر تهديدًا حقيقيًّا ومباشرًا للنفوذ الخليجي في اليمن لصالح طهران، التي أصبحت تتحكم بنسبة كبيرة بأوراق اللعبة السياسية في صنعاء.
2- حماية المصالح الخليجية في اليمن: الدافع الحقيقي للتدخل الخليجي في اليمن هو حماية مضيق باب المندب من سيطرة الحوثيين، لكن هناك مصالح أخرى اقتصادية تسعى دول المجلس إلى الحفاظ عليها، ومنها، المشروعات الاستثمارية الخليجية، التي تُقدَّر قيمتها بنحو 70% من حجم الاستثمارات الأجنبية، وتهديد زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، دول الخليج باستهداف مصالحها في اليمن إذا واصلت رفضها تطورات الأحداث السياسية الأخيرة والإعلان الدستوري.
- خيارات التعامل
كما رصد المركز عددًا من الآليات والخيارات المتاحة أمام دول مجلس التعاون الخليجي للتعامل مع الأزمة اليمنية وهي:
1- العودة إلى المبادرة الخليجية مرة أخرى: ويتمثل ذلك في ضغط دول مجلس التعاون الخليجي على الأطراف السياسية في صنعاء للعودة مرة أخرى إلى المبادرة الخليجية، والتي أكدها القرار رقم 2201 الصادر من مجلس الأمن في فبراير 2015
2- الضغوط الاقتصادية: وهي أحد الخيارات المتاحة للتحرك أمام دول مجلس التعاون الخليجي، خاصةً في ظل وجود غطاء دولي لفرض العقوبات الاقتصادية على بعض الشخصيات اليمنية في ضوء الأزمة الحالية.
3- التحرك الدبلوماسي النشط للضغط على المجتمع الدولي من أجل تبني حل سريع وفعال للأزمة اليمنية، ومن ثم الحاجة إلى التحرك كتلةً واحدةً ضاغطةً ومؤثرةً، وطلب اتخاذ قرار تحت الفصل السابع خاصةً في ظل رفض مجلس الأمن استصدار قرار بموجب الفصل السابع من الميثاق الذي يجيز استخدام القوة العسكرية أو فرض العقوبات الاقتصادية بسبب الفيتو الروسي، واكتفى بإصدار قرار رفضة الحوثيين.
4- التدخل العسكري: ويعتبر هذا الخيار الأصعب والأخطر لمواجهة التمدد الحوثي في اليمن؛ علي غرار التجربة السابقة في البحرين، التي استخدمت فيها دول مجلس التعاون قوات درع الجزيرة للحفاظ على النظام السياسي البحريني، وكانت تلك التجربة ناجحة في وقف المد الشيعي الإيراني في البحرين.
وقد يكون هذا التدخل خليجيًّا فقط، أو من خلال التنسيق مع الدولة المصرية إذا سيطر الحوثيون على مضيق باب المندب.
/الوطن المصرية/