في الوقت الذي يعد فيه قطاع الاتصالات اليمنية واحداً من أهم الموارد المالية للجماعة الحوثية، أفادت مصادر مطلعة في صنعاء على ما يدور في أروقة حكم الميليشيات، باحتدام الصراع بين كبار قادة الجماعة على العائدات من هذا القطاع، بالتزامن مع تقديم استقالات واتهامات بينية بالفساد والتجسس على آلاف المشتركين في الخدمة.
وتحدثت المصادر لـ«الشرق الأوسط» عن تصاعد حدة الصراع بين فصائل الجماعة على المناصب والأموال المنهوبة من عائدات وزارة الاتصالات والهيئات والمؤسسات التابعة لها في صنعاء، والتي حولتها الميليشيات على مدى السنوات الماضية إلى مصدر رئيسي لتمويل حربها العبثية ضد اليمنيين.
وفي هذا السياق كشفت وثيقة حوثية عن جانب من صراع قادة ومشرفي الجماعة في وزارة الاتصالات الخاضعة لسيطرتها؛ حيث دفعت قضايا فساد وخلافات على أموال إلى استقالة القيادي الحوثي المدعو هاشم الوشلي المعين وكيلاً للوزارة في حكومة الانقلاب غير المعترف بها دولياً.
وبحسب المصادر، جاء في مذكرة الاستقالة التي قدمها الوشلي اعترافه بأن قطاع الاتصالات تحول إلى «بيئة للصراع المقيت» قبل أن يقوم وزير الجماعة مسفر النمير هو أيضاً بتقديم استقالته على خلفية الصراع نفسه بين أجنحة الانقلابيين.
وذكرت المصادر أن استقالة وزير الميليشيات أتت على خلفية الاتهامات والتخوين التي طالته بعد تسريب معلومات عن قيامه بتنصيب أجهزة تجسس على أكثر من ثلاثة آلاف مستخدم للاتصالات، من بينهم قادة في الجماعة، إلى جانب مسؤولين موالين للحكومة الشرعية.
ومن ضمن الأسباب التي دفعت النمير للاستقالة - وهو من المقربين من زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي وسبق له أن تولى إدارة مكتبه - تسرب وثائق حصلت عليها أطراف محلية ودولية، تدين الأول بالتجسس على قيادات قبلية وعسكرية في مناطق سيطرة الجماعة، وفي المناطق المحررة على حد سواء.
وأكدت المصادر أن القيادي في الجماعة المعين نائباً لوزير الاتصالات في حكومة الانقلاب، ويدعى هاشم الشامي هاجم بدوره النمير، واتهمه بالتربح والإثراء وحصر العوائد المنهوبة على قادة جناح واحد فقط في الجماعة، وتهميش بقية القيادات.
وكانت مصادر يمنية محلية قد كشفت عن أن أطرافاً دولية ومحلية حصلت على وثائق تشير إلى قيام فريق حوثي بالتجسس على مكالمات الاتصالات لمئات الشخصيات اليمنية، وتفريغ اتصالاتها، ورفعها لقيادات عسكرية في الجماعة موالية للجناح الذي يتزعمه محمد علي الحوثي، الحاكم الفعلي لمجلس حكم الانقلاب في صنعاء.
وأكدت تلك المعلومات استمرار تجسس الميليشيات عبر شركات الاتصالات الرسمية والأهلية الواقعة تحت سيطرتها، على أكثر من ثلاثة آلاف شخصية يمنية.
ومنذ انقلاب الجماعة وبسط نفوذها وسيطرتها الكاملة على كافة مؤسسات الدولة، بما فيها قطاع الاتصالات الحكومي والخاص، أجبرت الميليشيات ذاتها جميع شركات الاتصالات على تسهيل عمليات تجسسها على مشتركيها، لاستخدام تلك المعلومات في تنفيذ حملات قمع واعتقال وتنكيل وتعسف وقرصنة إلكترونية.