قالت أوساط أميركية أمس، أن المحادثات التي تجريها واشنطن وطهران في جنيف بلغت «بنوداً أخيرة» ترتبط بثلاث مسائل، تتيح إبرام اتفاق يطوي الملف النووي لإيران. لكن طهران رأت في تلويح الولايات المتحدة بوقف المفاوضات، إذا لم تُثمر تسوية، «حرباً نفسية فاشلة»، معلنة رفضها اتفاقاً «ناقصاً أو غامضاً».
وقبل ساعات من لقاء وزيرَي الخارجية الأميركي جون كيري والإيراني محمد جواد ظريف في العاصمة السويسرية أمس، أوردت وسائل إعلام إيرانية أن رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية علي أكبر صالحي ووزير الطاقة الأميركي إرنست مونيز عقدا جولتَي محادثات.
ووصل صالحي إلى جنيف برفقة حسين فريدون، شقيق الرئيس الإيراني حسن روحاني ومستشاره الخاص. وأشار ظريف إلى أن مشاركة فريدون في المفاوضات هدفها رفع مستوى التنسيق مع روحاني.
كما أجرى عباس عراقجي، نائب وزير الخارجية الإيراني، «مشاورات» مع نظيرته الأميركية ويندي شيرمان، في حضور هيلغا شميد، مساعدة وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني.
وقبل لقائه كيري، قال ظريف إن محادثات جنيف أسفرت عن «مناقشات جيدة من دون التوصل إلى اتفاقات»، وزاد: «الفجوة الأساسية نفسية. تعتقد دول غربية، خصوصاً الولايات المتحدة، بأن العقوبات أساسية ووسيلة ضغط على إيران. طالما استمر هذا التفكير، سيكون التوصل إلى تسوية صعباً جداً». وشدد على رفض طهران «اتفاقاً ناقصاً أو غامضاً»، وتابع: «إما اتفاق على كل شيء، وإما لا اتفاق على أي شيء».
وكانت طهران والدول الست المعنية بملفها النووي اتفقت لدى تمديد المفاوضات، على التوصل إلى اتفاق سياسي قبل 31 آذار (مارس) المقبل، ثم على التفاصيل التقنية قبل 31 حزيران (يونيو). لكن مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران علي خامنئي أعلن رفضه اتفاقاً على مرحلتين.
وعشية توجّهه إلى جنيف، أشار كيري إلى «ثغرات كبرى وطريق طويل» قبل إبرام اتفاق. وأضاف بعد لقائه نظيره البريطاني فيليب هاموند في لندن أن الرئيس باراك أوباما «ليست لديه أي نية لتمديد المفاوضات»، و»مستعد تماماً لوقفها»، إذا شعر بأن طهران ليست مستعدة لاتخاذ «قرارات مثمرة ضرورية لإثبات الطابع السلمي لبرنامجها» النووي. وعلّق علي أكبر ولايتي، مستشار الشؤون الدولية لخامنئي، مؤكداً «فشل أي ضغوط أو حرب نفسية تشنّها واشنطن على الشعب الإيراني». وشدد على أن المفاوضين الإيرانيين «لن يتجاوزوا الخطوط الحمر» التي حددها المرشد. وتابع أن «أميركا تسعى إلى تصوير المفاوضات النووية على أنها امتياز أو هبة تمنحها إلى إيران، فيما الأمر ليس كذلك»، وزاد أن طهران «لا تنظّم قراراتها وتصرّفاتها، وفقاً لأحكام أميركا ورؤيتها».
لكن عضواً في الوفد الإيراني أبلغ «الحياة» أن بلاده «تتفهم دواعي» كلام كيري، معتبراً إياه «طبيعياً في هذه الظروف».
وقالت أوساط أميركية لـ «الحياة» إن المحادثات «حققت تقدّماً وبلغت بنوداً أخيرة في شأن اتفاق إطار» ترتبط بثلاث مسائل، هي مستوى تخصيب اليورانيوم ورفع العقوبات المفروضة على طهران ومدة الاتفاق. ونبّهت إلى أن واشنطن «لن توقّع أي اتفاق لا يلتزم المعايير الدولية التي انبثقت منها المحادثات، ولا تقبل به الدول الست (الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا) أو يرضي المجتمع الدولي».