نشرت صحيفة "ديلي تلغراف" تقريرا أشارت فيه إلى أن دراسة جديدة أجراها معهد برشلونة للصحة العالمية، توصلت إلى أن العيش في الريف يحافظ على القدرة الإدراكية والمعرفية لدى الناس مع تقدمهم في السن.
وقال التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن الدراسة التي استمرت 10 سنوات، قامت بتحليل 6500 شخص من سكان المملكة المتحدة، ووجدت أن سكان الريف يتعرضون لتدهور عقلي بشكل أبطأ من سكان المناطق الحضرية.
ويعتقد العلماء أن انخفاض نسبة التلوث والضوضاء في الريف، يساهم في إبطاء تدهور الصحة العقلية.
وتتبعت الدراسة المشاركين الذين تتراوح أعمارهم بين 56 و68، حيث تم إخضاعهم لسلسلة من الاختبارات الإدراكية على ثلاث فترات، وتم تقييم تفكيرهم الحسابي، والطلاقة اللغوية اللفظية، وذاكرتهم قصيرة المدى، وكذلك تم تقييم إنخفاض هذه الوظائف.
وجاءت نسبة الانخفاض المعرفي لسكان الريف في المتوسط أقل بنسبة 4.6 في المائة من سكان الحضر.
من جهته قال أخصائي الطب النفسي زهير الدباغ، إن "حياة ووجود أجدادنا وآبائنا في الريف، وكيف ساهم هذا النمط المعيشي في المحافظة على صحتهم الجسدية والنفسية، تثبت صدق هذه الدراسة".
وتابع الدباغ في حديث لـ "عربي21": "الطبيعة والغذاء في الريف بالإضافة للقدرة على الصفاء الذهني والتأمل، ثم التركيز على الأشياء المحددة وممارستها بكل نشاط واستمتاع، مع الكثير من المجهود الجسدي الذي يغذي العقل، كذلك الشعور بالأمان والطمأنينة والتواصل الفعال مع الآخرين ومشاركتهم أنشطتهم، كل ذلك يجعل المرء أكثر تركيزا وأقل قلقا وتوترا وأبعد عن آفات العقل ومضاعفاتها".
وأوضح أن "هذه الأمور تساهم في تأخير التدهور الفكري والعقلي الذي يصيب كبار السن، عند سكان الريف أكثر من سكان المدن".
بدوره قال أخصائي الطب النفسي علاء الفروخ إن "من المعروف أن حياة المدن الصاخبة بما فيها من ضوضاء سمعية وبصرية تجعل التوتر النفسي والإجهاد عند سكان المدينة أكثر من قاطني الريف".
وتابع الفروخ في حديث لـ"عربي21" أن "للحياة في الريف التي تعد أكثر هدوءا من المدن، مردودا نفسيا إيجابيا".
ونصح الفروخ سكان المدن بأن يخصصوا وقتا أسبوعيا أو شهريا يخرجون فيه من جو المدن الصاخبة للاسترخاء والراحة في المناطق الريفية والمساحات الخضراء، وهذا الأمر سيساهم في إراحتهم نفسيا ويصفي ذهنهم، بحسب قوله.
ونقلت الصحيفة البريطانية عن "كارمن دي كيززر" المسؤولة عن الدراسة قولها، إن "هناك أدلة على أن خطر الإصابة بالخرف والانحدار المعرفي يمكن أن يتأثر بالتعرض للمخاطر البيئية ذات الصلة بالحضر، مثل تلوث الهواء والضوضاء وأسلوب الحياة، ومثل الإجهاد والجلوس الطويل".
وتابعت: "لهذا أقترح العيش بالقرب من المساحات الخضراء لزيادة النشاط البدني والدعم الاجتماعي، والحد من الإجهاد، وتخفيف التعرض لتلوث الهواء والضوضاء".
وذكرت الصحيفة أن الأدلة الحديثة أشارت إلى الفوائد المعرفية والإدراكية لوجود وعيش الأطفال في المساحات الخضراء، بالمقابل كانت الأبحاث التي أجريت على كبار السن نادرة حتى الآن وكانت معظم النتائج السابقة متقلبة ومتناقضة.
وأظهرت النتائج في الدراسة الجديدة أن الارتباط بين المعيشة الريفية وتأخر تدهور القدرة المعرفية كان عند النساء أكثر من الرجال.
وقال "بايام دادفاند"، وهو أحد الباحثين المشاركين بالدراسة، إنه "إذا أثبتت الدراسات المستقبلية هذا الأمر، فإن نتائجنا قد توفر قاعدة أدلة لتنفيذ تدخلات هادفة تهدف إلى تباطؤ التراجع المعرفي لدى كبار السن، المقيمين في المناطق الحضرية ومن ثم تحسين نوعية حياتهم".