منذ أشهر والاحتجاجات الشعبية والرسمية في اليمن تتصاعد بشأن عمل المنظمات الإنسانية الدولية؛ إذ تتهم بعدم الحياد في ظل ممارسة عملها في صنعاء تحت قبضة مليشيا الحوثي والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.
ويبدو أن تورط منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونسيف) في تمويل طباعة كتب مدرسية أدخل عليها الحوثيون تعديلات تخدم فكرهم الطائفي، مثّل جرس إنذار حول آلية عمل هذه المنظمات وأماكن وجودها.
وكانت السلطات المحلية التابعة للحكومة اليمنية في محافظة مأرب، صادرت كمية من كتب المناهج المدرسية طُبعت في العاصمة صنعاء؛ لاحتوائها على "أفكار طائفية مستوردة من الخارج".
وأوضح مدير مكتب التربية والتعليم بمأرب، علي العباب، في تصريحات صحفية، أن الحوثيين نشروا صورة لمؤسس الجماعة حسين الحوثي في الكتاب المدرسي، ومفاهيم تمس العقيدة الإسلامية، بالإضافة إلى استبدال اسم الفاروق عمر بن الخطاب باسم محمود في القصص التي وردت في بعض الكتب.
وأياً كان تورط اليونسيف بعمد أو جهل فإن الأمر أحدث حراكاً رسمياً يمنياً وعربياً، أبرزه إدانة المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) لهذا الفعل الخطير.
- النقل إلى عدن
وزير الإدارة المحلية اليمنية، عبد الرقيب سيف، كشف لـ"الخليج أونلاين" أن "انتقال المنظمات الإنسانية الدولية العاملة في صنعاء المحتلة من قبل المليشيا المدعومة من إيران، سيكون قريباً جداً إلى العاصمة المؤقتة عدن، وأن لقاءات بهذا الخصوص عقدت سابقاً".
وقال سيف إن القوانين الدولية المنظمة لعمل المنظمات الإنسانية تقضي أن يكون عمل هذه المنظمات تحت مظلة الحكومة الشرعية، التي توجد في عدن العاصمة المؤقتة حتى عودة الشرعية إلى صنعاء.
وأوضح أن عمل هذه المنظمات من العاصمة المؤقتة عدن سيحقق العدالة، خاصة في المناطق الوسطى، وعلى رأسها تعز المحاصرة التي منعت عنها المليشيا المساعدات، وعرقلت عمل المنظمات الإنسانية فيها.
- مسؤولية الشرعية
وشدد الوزير اليمني على أن نقل عمل المنظمات إلى عدن لا يعني ترك المناطق الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين، مشيراً إلى أن الرئيس هادي يؤكد دائماً أن الشرعية مسؤولة عن المواطنين اليمنيين كافة.
وأشار الوزير سيف إلى أن الحكومة الشرعية، وعبر وزارة التربية والتعليم، خاطبت منظمة اليونسيف عقب حادثة تمويل طباعة الكتب للحوثيين، وأن المنظمة تعهدت بعدم تقديم أي دعم في هذا الإطار.
وأكد سيف أن الحكومة الشرعية لا تتهم هذه المنظمات بعدم الحياد، لكن وجودها تحت سيطرة المليشيا لا يساعد عملها، لا سيما أن المليشيا تفرض قيوداً عليها وعلى تحركاتها.
- مضايقات عديدة
وتمارس مليشيا الحوثي ومليشيا المخلوع صالح مضايقات بحق المنظمات الإنسانية العاملة في اليمن، كان آخرها المضايقات التي تعرضت لها بعثة منظمة أطباء بلا حدود في محافظة إب قبل أسبوعين، حيث غادرت بعثة أطباء بلا حدود والعاملون في مستشفى الثورة بمحافظة إب؛ نتيجة لدخول المسلحين الحوثيين إلى المستشفى، وهي تصرفات تفاقم الأوضاع الإنسانية، وتعرقل جهود المنظمات في تقديم العون للشعب اليمني.
من جهته قال المتحدث باسم ائتلاف الإغاثة الإنسانية في اليمن، محمد المقرمي، إن تورط منظمة اليونسيف التابعة للأمم المتحدة في دعم الانقلابيين بطباعة المناهج التي تحرض على الطائفية، يُعد انتهاكاً صارخاً ووصمة عار في جبين المنظمات الأممية التي تدعي الإنسانية.
وتابع: "ما حدث يضاف إلى سلسلة الانتهاكات التي تمارسها منظمات الأمم المتحدة بعملها في اليمن منذ سنوات، حيث لا تزال هذه المنظمات تتعامل مع الانقلابيين بصورة مباشرة وغير مباشرة، وتعتمد صنعاء مركزاً رئيساً للمنظمات على الرغم من المطالبات المستمرة لها بنقل مكاتبها إلى عدن، حتى تتمكن من ممارسة مهامها وعملها الإنساني بشكل صحيح".
- مصداقية التقارير
ودعا المقرمي المنظمات الدولية إلى "تصحيح مسارها في اليمن، والانحياز للإنسان والابتعاد عن التعامل بازدواجية، حيث إن عملها الحالي ودعمها للانقلابيين يؤثر على السلم الاجتماعي، ويدفع ثمن هذه الأخطاء المدنيون والمتضررون".
وطالب هذه المنظمات بالتعامل بمصداقية في تقاريرها التي ترفعها بشكل دوري، التي قال: إنها "تتسم بالرمادية في الغالب وتتماهى مع سياسية الانقلابيين، الأمر الذي جعلها توظف عملها الإنساني في خدمة أجندة سياسية تتعارض مع أخلاقيات الأمم المتحدة والعمل الإنساني بشكل عام".
- وضع كارثي
ويشهد اليمن وضعاً إنسانياً كارثياً بفعل الحرب التي أشعلها الحوثيون والمخلوع صالح، بعد انقلابهم المسلح على السلطة في سبتمبر/أيلول من العام 2014، حيث تشير التقارير الدولية إلى أن 14 مليون يمني يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وأن أكثر من 21 مليون شخص في حاجة إلى شكل ما من المساعدات الإنسانية.
في حين قالت منظمة الصحة العالمية إن حالات الاشتباه بالإصابة بالكوليرا في اليمن ارتفعت إلى نحو 1410 حالات في غضون ثلاثة أسابيع.
وأكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونسيف) من جانبها، أن أكثر من 350 ألف طفل يمني لم يتمكنوا من الالتحاق بالدراسة في العام الدراسي الماضي؛ بسبب استمرار العنف وإغلاق المدارس، وأن عدد الأطفال الذين هم خارج المدارس في اليمن حالياً بسبب الحرب والنزوح يتجاوز مليوني طفل.