أكد مسؤول في البنك المركزي اليمني لـ "العربي الجديد" أنه سيتم استئناف واردات البلاد من القمح والسلع الغذائية خلال أسبوعين بعد توقف لحوالي شهر نتيجة نقل نظام التحويلات المالية (سويفت) إلى عدن.
وقال المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إنه "يجري العمل من خلال الشركة المشغلة وفريق فني من البنك على تشغيل نظام التحويلات المالية وتغيير رمز سويفت"، مشيراً إلى أنه سيكون بمقدور التجار الحصول على الضمانات المطلوبة من خلاله وبالتالي استئناف واردات القمح والوقود ومختلف السلع.
وقرر البنك المركزي في عدن (جنوب) الواقع تحت سيطرة الحكومة الشرعية، في 18 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، نقل نظام التحويلات من فرع البنك في صنعاء إلى عدن.
وكان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي قرر منذ نحو شهرين نقل المقر الرئيسي للبنك المركزي اليمني وإدارة عملياته إلى عدن.
واعتبر رئيس مؤسسة الإعلام المالي والاقتصادي للدراسات (مستقل)، أحمد سعيد شماخ، في حديثه لـ "العربي الجديد" أن الأمر لا يتعلق بواردات القمح فقط، "فتوقف نظام سويفت أحدث شللا في القطاع المصرفي وسيؤدي إلى مزيد من الإرباك للحياة الاقتصادية إذ لم يتم تجاوز الأمر سريعاً".
وقال شماخ: "تأخر تشغيل نظام التحويلات لحوالي شهر أثر سلباً على مختلف الأنشطة التجارية والمصرفية، فضلا عن إيقاف أرصدة البنوك وتعطيل أعمالها بالكامل".
وأكد شماخ على ضرورة الإسراع في تشغيل البنك المركزي اليمني من عدن بشكل كامل للحد من الأزمات الاقتصادية.
وأعلن تجار قمح يمنيون، نهاية الأسبوع الماضي، عن عدم قدرتهم منذ شهر كامل على تنفيذ أي عقود للقمح لأن البنوك المحلية عاجزة عن تحويل قيمة النقد الأجنبي لأي شحنات.
وأدى إعلان التجار إلى رفع أسعار القمح منذ السبت الماضي، إذ زاد سعر كيس القمح عبوة 50 كلغ إلى 8000 ريال من 5300 ريال (الدولار = 250 ريالا) وارتفع سعر الدقيق عبوة 50 كلغ إلى 9000 ريال من 6500 ريال.
ونفت وزارة الصناعة اليمنية، أول من أمس، وجود أزمة قمح مؤكداً وصول سفينتين محملتين بالقمح إلى ميناء عدن، نهاية الأسبوع الماضي، كما وصلت باخرة محملة بالقمح إلى ميناء الحديدة الأسبوع الجاري.
وأكدت الوزارة في بيان صحافي، أن الكميات المتوفرة والتي وصلت الفترة الأخيرة تكفي لتغطية احتياجات السوق حتى منتصف العام القادم، مطمئنا المواطنين، قائلاً "لا داعي للهلع".
وتفيد إحصائيات منشورة في الموقع الإلكتروني لمؤسسة خليج عدن اليمنية، الأسبوع الجاري، بوجود 24 سفينة في ميناء عدن تفرغ حمولاتها من الوقود والسلع ومنها كميات كبيرة من القمح والأرز.
كما توضح حركة السفن في ميناء الحديدة، وجود عدة سفن تفرغ حمولاتها منها سفينتان محملتان بالقمح والدقيق، حيث يتم تفريغ كميات من الدقيق من السفينة "سي بريز" وتم تفريغ 365 طنا والمتبقي على السفينة 5451 طنا، كما تم تفريغ 2085 طنا من الدقيق المطحون من السفينة "اشهد1" والكمية المتبقية على السفينة 1807 أطنان، حسب الإحصائيات المنشورة على الموقع الإلكتروني لمؤسسة موانئ البحر الأحمر.
وكان البنك المركزي توقف عن تغطية واردات البلاد من القمح والغذاء منذ مطلع العام الجاري بسبب أزمة الدولار وتهاوي الاحتياطي الأجنبي بالخارج.
وخلال العام الجاري تولى القطاع التجاري الخاص تغطية حوالي 95 % من واردات اليمن من القمح والسلع الغذائية والوقود، قبل أن تتوقف واردات القمح والوقود منذ حوالي شهر نتيجة المشاكل المصرفية.
ويعاني اليمن من أزمة سيولة نقدية منذ شهر يونيو/حزيران الماضي، على خلفية التراجع الحاد للإيرادات العامة، أدّت إلى أزمة رواتب وإضراب شامل، ما أدى إلى شلل معظم الوزارات والمؤسسات والهيئات الحكومية في العاصمة اليمنية صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، حيث لم يتسلم الموظفون رواتبهم منذ شهر سبتمبر/أيلول الماضي.
وصرفت الحكومة الشرعية رواتب الموظفين في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات الخاضعة لسلطتها، وتعهّدت أخيرا، بصرف رواتب موظفي الدولة في جميع محافظات البلاد، بما في ذلك المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
وتفاقم عجز الموازنة العامة للدولة، ليبلغ 1.45 تريليون ريال خلال الفترة من يناير/كانون الثاني 2015 إلى يونيو/حزيران 2016، بسبب جفاف الإيرادات الضريبية وتوقف صادرات النفط والغاز وتعليق دعم المانحين، ما أدى إلى الاعتماد على السيولة المتوفرة لدى البنك المركزي الذي ساهم بتمويل 80.6% من عجز الموازنة لنفس الفترة.
وتسببت الحرب وسيطرة الحوثيين في تآكل الاحتياطيات الخارجية من 4.7 مليارات دولار في شهر ديسمبر/كانون الأول 2014 إلى 987 مليون دولار (شاملة ودائع البنوك) في سبتمبر/أيلول 2016.
كما تسببت سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء ومؤسسات الدولة المالية في اهتزاز الثقة بالجهاز المصرفي والوضع الاقتصادي بشكل عام، بسبب ضيق أفق الحل السياسي والنظرة التشاؤمية لمستقبل التنمية.
ويقدر عدد اليمنيين الذين بحاجة إلى مساعدات إنسانية بحوالي 21 مليون شخص، من أصل 26 مليون نسمة هم عدد سكان البلاد، وفق البيانات الرسمية.