غادر المبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، صنعاء، أمس الإثنين، متوجهاً إلى العاصمة السعودية الرياض للقاء وفد الحكومة اليمنية للمفاوضات؛ حيث سيبحث معه تحفظاته على خريطة الطريق الأممية، التي تم طرحها قبل أيام، وتهدف لوضع نهاية لنزاع متصاعد منذ ربيع 2015.
وقبيل مغادرته، أدلى بتصريحات مقتضبة للصحافيين في مطار صنعاء، اتهم فيه جميع الأطراف اليمنية بـ«عرقلة» الحل السياسي.
وقال إن «جميع الأطراف تعرقل الحل (في إشارة لرفض الخريطة)».
وأوضح «ولد الشيخ» أنه سيتوجه إلى الرياض للقاء الرئيس عبدربه منصور هادي والوفد الحكومي للمفاوضات، من أجل تسويق الخريطة.
والخميس الماضي، وصل المبعوث الأممي إلى صنعاء، في زيارة استمرت 5 أيام، والتقى فيها الوفد التفاوضي المشترك لجماعة «أنصار الله» (الحوثي) وحزب الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
وييدو من تصريح «ولد الشيخ» أنه يواجه عقبات في تسويق خريطة الطريق الأممية.
وكانت مصادر مقربة من أروقة مشاورات «ولد الشيخ» مع وفد «الحوثي/صالح»، قالت، أمس، إن «النقاشات وصلت إلى طريق مسدود».
ووفقاً للمصادر ذاتها، يطالب الحوثيون بتعديلات جوهرية في صلب الخريطة، ورفعوا سقف مطالبهم إلى ضرورة استقالة الرئيس هادي وابتعاده عن المشهد بشكل تام، قبيل توقيع الخريطة.
على الجانب الآخر، أعلن رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عبيد بن دغر، أن حكومته «قبلت باستلام الخريطة، لكنها تتحفظ على مضمونها».
وخلال اليومين الماضيين، استنفرت الحكومة الشرعية قواعدها في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها؛ حيث تظاهر محتجون رفضا لهذه الخريطة الأممية، معتبرين أنها تخدم مصالح تحالف الحوثي والرئيس السابق علي عبدالله صالح.
وقالت مصادر اطلعت على خريطة ولد الشيخ، في وقت سابق، إن الخريطة تهمش الدور المستقبلي لهادي، حيث تنص على تعيين نائب له تؤول إليه صلاحيات الرئيس.
وتنص الخريطة أيضا، حسب المصادر، على أن يكلف نائب الرئيس إحدى الشخصيات بتشكيل حكومة وحدة وطنية، على أن يظل هادي رئيسيا شرفيا حتى إجراء انتخابات رئاسية، بعد عام من توقيع اتفاق سلام.
ويذهب مراقبون إلى أن الحكومة اليمنية تضغط، عبر التصريحات الرسمية والمظاهرات الشعبية، للحصول على تعديلات في الخريطة الأممية تضمن للرئيس هادي صلاحيات مستقبلية، باعتباره الرئيس الشرعي، وذلك حتى إجراء انتخابات.
وقال الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، أمس الاثنين، إن حكومته رفضت خريطة الطريق التي قدمها المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ، لأنها «تكافئ الانقلاب وتؤسس لحروب مستدامة».
وأضاف في كلمة له خلال اللقاء الوطني الموسع الذي عقد أمس في الرياض» الشرعية رفضت ما تسمى خريطة ولد الشيخ ،لأنها انطلقت من منطلقات خاطئة فكان مضمونها ونتائجها خاطئة ومنحرفة، كونها نسيت او تناست جذور المشكلة وأساسها وهو الانقلاب وما ترتب عليه، ولكونها تتعارض تماما مع المرجعيات التي اجمع عليها شعبنا اليمني وتجاوزت استحقاقات قرار مجلس الامن الدولي 2216، ولأنها تكافئ الانقلاب والانقلابيين».
وأشار إلى أن «خريطة المبعوث الأممي تؤسس لحروب مستدامة، فضلا عن تجاهلها لنضال ومقاومة وتضحيات الشعب الرافض للمليشيات الانقلابية» في إشارة منه إلى الحوثيين والقوات الموالية لهم «وعدم ملامستها لمعاناة الشعب وجراحه ولا تنتصر لإرادته».
وتابع «رفضنا الخريطة الأممية لأنها تحافظ على بقاء المليشيات واحتفاظها بالسلاح والمؤسسات، ولأنها لا تلبي طموحات الشعب اليمني في إحلال السلام الدائم والشامل القائم على إنهاء الانقلاب واستئناف المسار السياسي بمناقشة مسودة الدستور ثم إجراء الانتخابات».
وأكد الرئيس اليمني، رغبة حكومته الصادقة للسلام، وايقاف الحرب، لافتاً في الوقت ذاته إلى أنهم «لا يريدون سلاماً هشاً، ولا سلاماً على الورق، ولا سلاماً مغشوشاً».
وقال «نريد السلام الدائم والشامل، القائم على إنهاء الانقلاب أولاً. السلام الذي لا يتجاوز التضحيات ولا يكون على حسابها».
وإعتبر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، أمس الاثنين، أن القبول بخريطة الطريق التي تقدّم بها المبعوث الأممي للبلاد، إسماعيل ولد الشيخ، «خيانة لدماء الشهداء».
وقال مصدر حضر الاجتماع، مفضلا عدم ذكر اسمه، أن هادي وصف القبول بخريطة ولد الشيخ بأنه «خيانة لدماء الشهداء».
وفي السياق، اتهم وزير الداخلية اليمني، اللواء حسين محمد عرب، أمس الإثنين، المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ بـ«عدم الحيادية ومخالفة الواقع» في وصفه للأوضاع الأمنية في المحافظات الجنوبية، خلال كلمته الأسبوع الماضي أمام مجلس الأمن الدولي.
كلام عرب جاء في كلمة له على هامش الندوة العلمية التي أقامتها جامعة عدن، لمناقشة «القرصنة البحرية ومخاطرها على الاقتصاد والأمن الأقليمي والدولي».
ولم يتسن الحصول على رد حتى ظهر الأثنين من المبعوث الأممي إلى اليمن على تلك الاتهامات.
وقال وزير الداخلية اليمني إن «المبعوث الأممي لم يكن دقيقا ولا عادلا حين وصف المحافظات الجنوبية المحررة، بالمكان الذي تتكاثر فيه الجماعات الإرهابية، وحين اعتبر أن الجنوب بؤرة للإرهاب».
وشدد أن «هذه التهمة ينفيها الواقع ويكذبها الحال».
وانتقد الوزير اليمني «تغاضي ولد الشيخ عن الإشارة للخلايا النائمة والجهات التي تصدر الإرهاب للمحافظات الجنوبية، إنطلاقا من العاصمة صنعاء».
ورأى أن «ولد الشيخ تجاوز كل صور الحيادية والمنطق في أقواله التي لم يشر فيها للجهات التي تغذي الإرهاب وتسعى إلى عدم استقرار الأوضاع في المحافظات المحررة».
ولفت عرب إلى أن «الأجهزة القضائية التي هم بصدد تفعيلها وتنشيطها ستكشف الكثير من الحقائق حول تلك الجهات (لم يسمها)».
يشار إلى أن المبعوث الأممي قال في كلمته أمام مجلس الأمن الدولي، الإثنين الماضي إنه «في جنوب اليمن، استمرت تنظيمات القاعدة في شبه الجزيرة العربية وما يسمى بالدولة الإسلامية داعش»، في شن الهجمات على مؤسسات الدولة واستهداف المدنيين».
وأضاف في معرض حديثه عن الاوضاع في جنوب اليمن: «وفي المقابل، في سياق جهود مكافحة الإرهاب قامت قوى الأمن اليمنية باستهداف منزل قيادي في صفوف تنظيم داعش وصادرت مجموعة كبيرة من الأسلحة والمتفجرات، وفي أبين تمكنت قوى مكافحة الإرهاب من قتل ثلاثة أشخاص بينهم قيادي في تنظيم القاعدة وإلقاء القبض على اثنين آخرين».
«ولد الشيخ» قبيل مغادرة صنعاء للرياض: جميع الأطراف تعرقل الحل السياسي
(القدس العربي)