ذكرت مصادر ميدانية أن دائرة الاحتجاجات المدنية بدأت تتسع بشكل تدريجي ضد الانقلابيين الحوثيين في المدن التي يسيطرون عليها وفي مقدمتها العاصمة صنعاء، إثر الأزمة المالية الكبيرة الناتجة عن إدارتهم السيئة لشؤون موارد الدولة، إثر سيطرتهم على العاصمة صنعاء.
وقالت لـ(القدس العربي) ان «المؤسسات العامة ودواوين الوزارات في العاصمة صنعاء أصبحت شبه مشلولة من العمل، إثر انعدام الموارد المالية لتشغيل هذه المؤسسات العامة وتراجع قدرة البنك المركزي على صرف الميزانيات التشغيلية للعديد من الوزارات والمؤسسات العامة في صنعاء والمحافظات الأخرى».
وأوضحت أن المحافظات التي يسيطر عليها الحوثيون أصبحت عمليا مهددة بأزمة مالية خانقة، بل وقد يصل الحال إلى حد المجاعة، كما هو الحال في محافظة الحديدة، التي بدأت المجاعة تظهر بشكل تدريجي للعلن وبالذات في أريافها الفقيرة التي تفتقر لأدنى مصادر الدخل.
وذكرت أن العاصمة صنعاء شهدت خلال الأسبوعين الماضيين احتجاجات نقابية، نظمها موظفو العديد من الوزارات وفي مقدمتها وزارات المالية والكهرباء والاتصالات والعديد من المؤسسات العامة الخدمية، ضد الميليشيا الانقلابية التي سيطرت على موارد الدولة واستغلتها لدعم المجهود الحربي ضد قوات الحكومة بشقيها الجيش الوطني والمقاومة الشعبية الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي.
ولا زالت العديد من المؤسسات العامة والوزارات مصابة بالشلل شبه التام، جراء الأزمة المالية التي سببتها الميليشيا الانقلابية، والتي أسفرت عن اتساع دائرة الأزمة المالية لتشمل العديد من القطاعات الخدمية والأساسية، ومنها قطاع التعليم والصحة وغيرها.
ورغم المخاوف الأمنية الكبيرة من سطوة ميليشيا الانقلابيين غير أن الجوع والفاقة أجبر الموظفين بمن فيهم الموالين لهم إلى الخروج للشارع وإعلان رفضه لسياستهم الفوضوية في إدارة شؤون الدولة عبر الاحتجاج السلمي في أكثر من مكان سوا في العاصمة صنعاء أو في بقية المدن، بالإضافة إلى الطلبة اليمنيين المبتعثين للدراسة في الخارج، والذين نظموا عشرات الوقفات الاحتجاجية ضد ملشنة الدولة وضد السياسة الحوثية التي أفقدتهم مصالحهم وأوقفت مستحقاتهم المالية للدراسة في الخارج.
إلى ذلك شهدت محافظة إب أمس لأول مرة وقفة احتجاجية نظمها أعضاء هيئة التدريس بجامعة إب داخل مبنى الجامعة للمطالبة بمستحقاتهم المالية التي ترفض رئاسة الجامعة المحسوبة على الحوثيين صرفها لمستحقيها من أعضاء هيئة التدريس.
وطالب المحتجون من أعضاء هيئة التدريس في جامعة إب بسرعة منحهم مستحقاتهم المالية مع قرب إجازة عيد الأضحى الذي يبدأ الاثنين المقبل، واتهموا الإدارة الحوثية للجامعة بنهب مستحقاتهم المالية.
في غضون ذلك تشهد محافظة تعز معاناة شديدة من الألغام الأرضية التي زرعتها ميليشيا الحوثيين والمخلوع علي صالح في العديد من المناطق في محيط مدينة تعز والمواقع التي كانوا يسيطرون عليها، والتي ذهبت ضحيتها عشرات الضحايا بين قتيل وجريح من المدنيين، جراء إفراط ميليشيا الحوثي وصالح في زراعة الألغام فيها دون مراعات لأبسط الحقوق والإلتزامات الإنسانية في مثل هذه الحالات.
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش أمس في بيان رسمي إن الألغام التي يزرعها المسلحون الحوثيون والقوات الموالية للرئيس اليمني السابق علي صالح تحصد أرواح المدنيين في البلاد.
وأوضحت في تقرير لها نشرته أمس «إن زرع قوات الحوثيين وحلفائها للألغام الأرضية في تعز، ثالث أكبر مدينة يمنية، تسبب بالعديد من الإصابات في صفوف المدنيين ويعيق عودة الأسر التي نزحت بسبب القتال».
وأكدت أنه «على الحوثيين، المعروفين أيضا بـ «أنصار الله» والقوات الحليفة الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح أن يوقفوا فورا استخدام هذه الأسلحة وعلى جميع أطراف النزاع في اليمن الالتزام بمعاهدة حظر الألغام لعام 1997 التي انضمت لها اليمن في 1998».
ونسبت إلى مدير قسم الأسلحة في هيومن رايتس ووتش ستيف غوس قوله «باستخدام الألغام الأرضية، تُظهر قوات الحوثيين وحلفائها قسوة بالغة تجاه المدنيين وعلى الأطراف المتحاربة في اليمن التوقف فورا عن زرع الألغام، وتدمير أي ألغام بحوزتها، وضمان عمل فرق نزع الألغام دون عوائق حتى يتسنى للأسر العودة إلى بيوتها بسلام».
وأضافت «بينما ما تزال الأرقام الإجمالية لضحايا الألغام في تعز غير متاحة، قتلت الألغام الأرضية 18 شخصا على الاقل وأصابت أكثر من 39 في محافظة تعز بين أيار (مايو) 2015 ونيسان (أبريل) 2016 وفقا لـلمنظمة الوطنية لمكافحة الألغام، وهي مجموعة مقرها في تعز».
وذكرت أن كافة الوفيات الـ 18 الموثقة، باستثناء 1، ناتجة عن الألغام المضادة للمركبات، في حين أن 9 من 11 إصابة دائمة ناتجة عن الألغام المضادة للأفراد، حيث وثقت المجموعة أن الألغام الأرضية في تعز قتلت 5 أطفال، وتسببت بإعاقات دائمة لأربعة، وأصابت 13 آخرين.
إلى ذلك، أعلن الجيش اليمني، أمس الخميس، تصديه لـ«هجوم واسع» شنه مسلحو جماعة «أنصار الله» (الحوثيين) وقوات الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، و»تكبيد الأخيرين خسائر فادحة» في منطقة ميدي، في محافظة حجة، شمال غربي البلاد.
وقال المركز الإعلامي للمنطقة العسكرية الخامسة، التابعة للجيش اليمني، في بيان إن الجيش الوطني، بمساندة طيران التحالف، تمكن من «صد هجوم واسع» نفذه الحوثيون وقوات صالح على مواقعهم في منطقة ميدي، التابعة إداريا لمحافظة حجة والمحاذية للحدود السعودية.
وأضاف البيان أن من وصفهم بـ»الانقلابيين» (مسلحو الحوثي وقوات صالح) «تكبدوا خسائر كبيرة في الأفراد (لم يحدد عددهم) والعتاد»، مشيراً أنه تم تدمير 3 أطقم (عربات عسكرية) تابعة لهم، ومدفعين عيار 23.
كما تم «تدمير المواقع التي تم الانطلاق منها من قبل الانقلابيين»، وفق البيان.
ولم يتسن الحصول على تعليق فوري من جانب الحوثيين حول ما بيان الجيش اليمني، كما لم يتسن التحقق مما جاء فيه من مصدر مستقل.
وتصاعدت المعارك في معظم الجبهات اليمنية، منذ 6 أغسطس/آب الماضي، بالتزامن مع تعليق مشاورات السلام التي أقيمت في الكويت، بين الحكومة، من جهة، والحوثيين وحزب المؤتمر الشعبي العام (جناح صالح)، من جهة أخرى، بعد استمرارها لأكثر من ثلاثة أشهر، دون اختراق جدار الأزمة، وإيقاف النزاع المتصاعد في البلاد منذ العام الماضي، وكذلك تشكيل «الحوثيين» وحزب «صالح»، المجلس السياسي الأعلى لإدارة البلاد.
اتساع دائرة الاحتجاجات ضد الحوثيين في المناطق التي يسيطرون عليها
(القدس العربي)