يصل وزير الخارجية الاميركي جون كيري الاربعاء، الى السعودية في زيارة يتوقع ان تركز على الدفع باتجاه حل في اليمن، في أعقاب فشل مشاورات رعتها الأمم المتحدة وتزايد القلق بشان الكلفة البشرية للنزاع.
وفي زيارة ليومين، يلتقي كيري مسؤولين سعوديين بينهم نظيره عادل الجبير، ووزراء خارجية دول خليجية. كما يجتمع مع مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الى اليمن اسماعيل ولد الشيخ احمد، ومساعد وزير الخارجية البريطانية لشؤون الشرق الأوسط توبياس الوود.
وتقود المملكة منذ العام الماضي، تحالفاً عربياً داعماً للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، في مواجهة الحوثيين وحلفائهم الموالين للرئيس السابق علي عبدالله صالح، والذين تتهمهم بتلقي دعم غريمتها ايران.
واقتصرت عمليات التحالف منذ بدايتها في آذار/مارس 2015، على شن غارات جوية دعماً لقوات الحكومة. الا انها توسعت بعد اشهر لتشمل توفير دعم مباشر بالعديد والعتاد للقوات الموالية لهادي.
ومع طول امد الحرب دون افق وتزايد حصيلة القتلى المدنيين خصوصاً جراء القصف الجوي، باتت المملكة تواجه انتقادات متزايدة من اطراف دولية عدة منها الامم المتحدة ومنظمات حقوقية وغير حكومية.
ويرجح خبراء ان يكون النزاع على رأس اولويات لقاءات كيري السعودية، رغم عدم تفاؤلهم بنتائج مغايرة لزيارات سابقة قام بها.
ويقول الباحث في “شاتام هاوس″ في لندن بيتر سالزبوري، ان ثمة “ضغط متزايد” من قبل اطراف في إدارة الرئيس الاميركي باراك اوباما، لانهاء الحرب في اليمن باسرع وقت ممكن.
ورغم ان واشنطن هي من أبرز مورّدي الأسلحة للسعودية، يعتبر سالزبوري ان “للاميركيين قدرة محدودة لانتاج تسوية سلمية ذات معنى”.
ويرى ان المسعى الدولي لحل النزاع، والمرتكز على قرار مجلس الأمن الرقم 2216، يعني عملياً دعوة المتمردين الى “الاستسلام”.
وينص القرار الصادر العام الماضي، على بنود عدة أبرزها انسحاب المتمردين من المدن التي يسيطرون عليها وأبرزها صنعاء (منذ ايلول/سبتمبر 2014)، وتسليم اسلحتهم الثقيلة.
ويقول سالزبوري “مطالبتهم (المتمردون) بان يستسلموا من دون شروط لن تنجح، واتوقع (…) اننا سنرى اشهراً عديدة اضافية من الحرب”.
وشكل التباين حول القرار نقطة خلاف اساسية في مشاورات السلام التي استمرت اكثر من ثلاثة اشهر في الكويت. ففي حين طالب الوفد الحكومي بانسحاب المتمردين وتسليم الأسلحة كمقدمة لأي اتفاق سياسي، ربط هؤلاء اي خطوة يقدمون عليها بالاتفاق على الرئاسة وتشكيل حكومة وحدة وطنية تشرف على الاجراءات التنفيذية.
ويرى سالزبوري ان أياً من الطرفين غير مستعد لتقديم تنازلات للحل.
ويأتي تعنت الطرفين في ظل غياب تبدل جذري في الوضع الميداني منذ أشهر. فمنذ استعادت قوات هادي بدعم من التحالف في الصيف الماضي، خمس محافظات جنوبية كان يسيطر عليها المتمردون، لم يحقق اي من الطرفين تقدماً وازناً على حساب الآخر منذ ذلك الحين.
الا ان الحكومة واجهت صعوبة في فرض سلطتها الكاملة في المناطق الجنوبية المستعادة وخصوصاً عدن، اذ افادت التنظيمات الجهادية من النزاع في البلاد لتعزيز نفوذها في هذه المحافظات.
وبدأ التحالف منذ اشهر بدعم القوات الحكومية ضد الجهاديين ايضاً.
– معاناة المدنيين –
اما الكلفة الأكبر للنزاع فتحملها المدنيون في اليمن الذي كان يعتبر أفقر بلد عربي حتى قبل النزاع.
وبحسب الأمم المتحدة، فالوضع الانساني “يواصل التدهور” بعد مقتل اكثر من 6600 شخص نصفهم تقريباً من المدنيين، في حين ان الملايين في حاجة الى الغذاء والمياه النظيفة والتعليم الجيد.
وكرر مسؤولون اميركيون خلال الاشهر الماضية دعوتهم التحالف بقيادة السعودية الى تفادي اصابة المدنيين.
ويقول مصدر دبلوماسي في الرياض انه “بات يتضح بشكل متزايد” قلق بعض مسؤولي الادارة الاميركية من الحصيلة البشرية للنزاع.
وفي احدث اشارة الى ذلك، أبدت وزارة الخارجية الاميركية قلقها العميق في اعقاب مقتل 19 شخصاً على الاقل في غارة للتحالف أصابت مستشفى تدعمه منظمة اطباء بلا حدود في شمال اليمن.
والسبت، كشف متحدث عسكري اميركي ان بلاده خفضت قبل اسابيع عدد مستشاريها الذين يوفرون دعما مباشرا لعمليات التحالف.
وتوضح مصادر دبلوماسية يمنية ان واشنطن ترغب في حل النزاع قبل نهاية السنة، وان كيري سيصر على استئناف مشاورات السلام.
وكان ولد الشيخ احمد اعلن في السادس من آب/اغسطس تعليق المشاورات شهراً، دون تحديد مكان او زمان لاستئنافها.
ومنذ ذلك الحين، يشهد الوضع الميداني تصعيداً.
وسبق تعليق المشاورات اعلان الحوثيين وحزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه صالح، تأليف مجلس سياسي اعلى يتولى ادارة شؤون البلاد، في ما اعتبر تحدياً للحكومة اليمنية والتحالف الداعم لها.
وعلى رغم ذلك، توقع المصدر الدبلوماسي في الرياض ان تحاول اجتماعات جدة بين كيري ونظرائه، الدفع باتجاه مشاورات سلام جديدة.
يضيف “انا على ثقة ان هذا ما يريده السعوديون ايضاً”، الا ان المشكلة هي “انه لا توجد آلية” عمل للمضي قدماً.
كما يتوقع ان يبحث كيري في السعودية، النزاع في سوريا حيث تدعم الرياض معارض الرئيس بشار الاسد، وتشارك في التحالف الذي تقوده واشنطن ضد تنظيم الدولة الاسلامية.
وتأتي محطة كيري السعودية ضمن جولة تركز على مكافحة “الارهاب”، زار خلالها كينيا ونيجيريا.
والاربعاء، اعلن الناطق باسم الوزير ستيف كيربي انه سيلتقي الجمعة في جنيف نظيره الروسي سيرغي لافروف الذي تعد بلاده ابرز داعمي نظام الرئيس السوري.
وسيبحث الجانبان في النزاع السوري والازمة الاوكرانية.