نشرت صحيفة "العرب" الدولية، الخطوط العريضة للرؤية التي قدمها المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، إلى مشاورات السلام الجارية في الكويت، والتي تتضمن مقترحا لخطة دائمة للتسوية في اليمن.
وأشارت الصحيفة، نقلا عن مصادرها، أن رؤية ولد الشيخ، تقوم على إزالة مظاهر الانقلاب الحوثي وبينها إلغاء الإعلان الدستوري وحل اللجنة الثورية (حكومة الحوثيين).
وأوضحت المصادر، أن هذه الرؤية تأتي بعد أن وصلت المفاوضات بين الفرقاء اليمنيين إلى طريق مسدود بسبب التباعد في الرؤى التي تقدم بها كل من وفد الحكومة ووفد الحوثيين وحليفهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
وتتمسك الحكومة بجوهر القرار الدولي 2216 الذي ينص على ضرورة إنهاء كافة مظاهر الانقلاب، بما في ذلك الانسحاب من المدن وإعادة مؤسسات الدولة وتسليم الأسلحة المنهوبة، بينما يسعى الحوثيون إلى تكريس سلطة الأمر الواقع التي عملوا بمقتضاها منذ سيطرتهم على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر 2014 مع إصرارهم على البدء بمناقشة موضوع الحكومة الانتقالية.
وأشارت مصادر سياسية مطلعة على مشاورات الكويت إلى أن رؤية الأمم المتحدة انسجمت مع القرارات الأممية ذات الصلة بالشأن اليمني، ومع رؤية الحكومة والتي تطالب بمعالجة نتائج التمرد الحوثي قبل البدء بأي نقاشات حول العملية السياسية.
وتنص رؤية الأمم المتحدة التي حصلت على تأييد الدول الراعية للسلام في اليمن، بحسب صحيفة "العرب" الدولية، على ضرورة البدء بجملة من الإجراءات التمهيدية التي تهيئ الأرضية للمضي قدما في عملية التسوية من قبيل إلغاء الخطوات الفردية التي اتخذها الانقلابيون كالإعلان الدستوري الذي خول لهم الإمساك بزمام مؤسسات الدولة من خارج الدستور.
كما تشترط الوثيقة كذلك إلغاء المؤسسات التي استحدثت لغرض إدارة سيطرة الحوثيين مثل “اللجنة الثورية” التي منحتهم سلطة تتجاوز سلطات مؤسسات الدولة التقليدية بغرض الانقضاض عليها وإفراغها من محتواها، بما في ذلك الآلاف من القرارات والتعيينات التي سعت إلى تجريف مؤسسات الدولة وتغيير هويتها.
وتتضمن الرؤية الأممية البدء بمرحلة ثانية بعد تهيئة أرضية التسوية من خلال تشكيل لجنة عسكرية تحت إشراف دولي وتتكون من قادة عسكريين لم يتورطوا في أعمال قتالية مع أي من أطراف الصراع.
وتشرف هذه اللجنة على الانسحاب من المدن وفقا لبرنامج زمني تقسم فيه اليمن إلى مناطق بحيث يبدأ الانسحاب تدريجيا لصالح قوات محايدة تحت إشراف أممي.
ويبدأ هذا الإجراء من المنطقة (أ) والتي تم تحديد نطاقها الجغرافي بالعاصمة صنعاء والحزام الأمني لها، وهي الخطوة التي ستهيئ لضمان عودة الحكومة إلى صنعاء خلال شهرين، ويترافق مع هذه المرحلة تسليم السلاح الثقيل، قبيل البدء بتشكيل حكومة وحدة وطنية تتولى إصدار قرارات بالعفو العام والمصالحة الوطنية.
أما المرحلة الأخيرة من الرؤية فتقدم مقترحات تتعلق باستئناف العملية السياسية وتحديد سلسلة الإجراءات التي تنظم ذلك خلال فترة انتقالية تمتد عامين.
وكان وفد الحوثيين وصالح قد استبق الرؤية المقدمة من المبعوث الدولي بإصدار بيان ألمح إلى رفض هذه الرؤية.
ووفقا لبيان صادر عن الوفد، وحصلت “العرب” على نسخة منه، أكد المتمردون على أولوياتهم المتمثلة في”التوافق على المؤسسة الرئاسية وتشكيل حكومة توافقية”.
وقال المحلل السياسي محمد الصالحي في تصريح لـ”العرب” إن رؤية الأمم المتحدة الجديدة بشأن التسوية لن تختلف كثيرا عن قرارات سابقة ألزمت المتمردين بالكثير من الاستحقاقات غير أنها جوبهت بالرفض.
وأضاف الصالحي أن التحدي الحقيقي للأمم المتحدة يكمن في رغبتها الحقيقية إلزام الحوثيين بالقرارات الدولية والمخرجات الوطنية، غير أن هذه الرؤية ستكون بمثابة انتصار جديد للحكومة اليمنية في معركتها السياسية مع الميليشيات.
لكن متابعين لمفاوضات الكويت يعتبرون أن هامش المناورة والرفض أمام الحوثيين، وحتى الوفد الحكومي، لم يعد ممكنا الآن في ظل تمسك الأطراف الراعية للمشاورات بحسم سريع للخلافات والمرور إلى التسوية.
وأشار المتابعون إلى أن التفهم الخارجي لبعض مطالب الحوثيين قد يتوقف خاصة أن الدول الراعية للمفاوضات قد وفرت ما يكفي من الوقت لسماع موقف الحوثي وقراءة حساب لتخوفاتهم التي تمت مناقشتها باستفاضة في مشاورات مستمرة منذ يوم 21 أبريل الماضي.
وفي الجانب المقابل، يمثل دعم السعودية ودول التحالف العربي لتسوية سياسية لملف اليمن عنصرا ضاغطا على حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي التي قد تترك مكانها لحكومة انتقالية يتم تشكيلها بتوافق إقليمي ودولي تتولى إدارة البلاد لفترة عامين.