بينما ترتكب مليشيات الحوثي يومياً عشرات العمليات الإرهابية بحق المدنيين في اليمن، أمام مرأى العالم ومسمعه، تلاحق الأمم المتحدة ما تعتبره انتهاكات من التحالف العربي في حربه للانقلابيين، ولم تتوقف طيلة العام الماضي عن إصدار انتقادات وبيانات، انتهت بإدراج التحالف على اللائحة السوداء في انتهاكات حقوق الأطفال في النزاعات والحروب.
ومن المثير للاستغراب أن الأمم المتحدة اعتمدت على تقارير قدمتها مليشيا الحوثي، في وقت تشن المليشيا هجمات يومية وقصفاً على مدنيين، بحسب ما تؤكد الحكومة اليمنية الشرعية.
ولم يلبث القرار كثيراً حتى قامت الأمم المتحدة بالتراجع وحذف اسم التحالف العربي، في 6 يونيو/حزيران، ليعلن مندوب المملكة العربية السعودية الأممي، عبد الله المعلمي، أن المنطق والحجة والمعلومات كانت كفيلة بتصحيح قرار بان كي مون، مشيراً إلى أن رفع اسم التحالف عن القائمة نهائي ولا تراجع عنه من الأمم المتحدة.
وقال المعلمي إن الأمم المتحدة "تلتمس الأعذار" عن التقصير بشأن إدراج التحالف في القائمة، مشيراً إلى أن السعودية والتحالف لا يقبلان بإدراج اسميهما في قائمة مماثلة، وهي القائمة التي توجد فيها المليشيات الانقلابية.
- التحالف يحمي الأطفال والحوثي يجندهم
منذ اليوم الأول لتأسيس التحالف العربي لنصرة الشرعية في اليمن وبدء عملياته هناك، سعى للتعامل مع جميع الهيئات والمنظمات التابعة للأمم المتحدة؛ لتطوير برامج تهدف لحماية المواطنين اليمنيين، وفي مقدمهم الأطفال، ومن أهمها البرنامج الذي وقع مع "يونيسف" بكلفة 30 مليون دولار، دفعت من مركز الملك سلمان للأعمال الإغاثية والإنسانية، في حين لم يركز تقرير الأمم المتحدة على نتائج هذا البرنامج، وكيف تصرفت الأمم المتحدة بهذه الأموال لحماية الأطفال باليمن، بحسب المتحدث باسم قوات التحالف، العميد ركن أحمد عسيري.
من الجانب الآخر، يتهم السكرتير الصحفي السابق للرئاسة اليمنية، مختار الرحبي، الحوثيين بأنهم قتلوا حتى الآن 60 ألف جندي، و10 آلاف طفل، "بحسب تصريحات مسؤوليهم أنفسهم"، وتأكيدات بأنهم استخدموا الأطفال في حروبهم، إذ إن جميع مقاتليهم من عمر 13 إلى 21 عاماً.
ويعترف تقرير الأمم المتحدة أن من أصل 762 حالة تجنيد أطفال 72% منهم جندوا من قبل الحوثيين، وهو ما تم تأكيده باعتقال القوات السعودية واليمنية للعشرات منهم يجري إعادة تأهيلهم في مراكز خاصة تابعة للمملكة والحكومة اليمنية، في حين يتهم التقرير القوات الموالية للحكومة بتجنيد 15% من العدد المذكور، و9% من قبل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.
- قواعد اشتباك فاعلة
وبعد تقرير الأمم المتحدة كشف عسيري عن آليات "قواعد الاشتباك" التي ينتهجها التحالف في حربه لمليشيات الحوثيين وفلول المخلوع صالح، مؤكداً أن القصف يمر بـ"تحديد الأهداف العسكرية بعدة مراحل؛ تبدأ من اختيار الهدف ودراسته والتأكد من أنه هدف عسكري من خلال عدة مصادر؛ لضمان الحيلولة دون وقوع الأخطاء في آلية الاستهداف، مع الافتراض بأن كل موقع في اليمن هو موقع مدني إلى أن يثبت العكس بشكل قاطع".
ومن بين تلك الآليات أيضاً إسقاط منشورات تحذيرية في المناطق التي توجد بها أهداف عسكرية كإجراء احترازي قبل عمليات استهدافها؛ لضمان عدم وجود المدنيين بالقرب من تلك المواقع.
- سخط خليجي من تناقض الأمم المتحدة
القرار "يتناقض مع قرارات الأمم المتحدة نفسها"، بحسب ما يؤكد عسيري. ولأن التقرير جاء في وقت تشهد فيه مفاوضات السلام اليمنية اليمنية في الكويت مخاضاً عسيراً ينتظر نتائج بدأت بوادرها، قال عسيري إن تزامن صدور التقرير مع المشاورات يضعف موقف الأمم المتحدة والمبعوث الأممي، ويساوي بين الشرعية والانقلابيين.
أما وفد الحكومة اليمنية المفاوض في الكويت فسارع بتعليق مشاورات السلام مع المبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ، فيما يخص الملفين الأمني والسياسي؛ احتجاجاً على التصعيد الميداني للمتمردين واستهدافهم المدنيين في تعز، وسط مساواة الأمم المتحدة للطرفين.
دول مجلس التعاون الخليجي بأجمعها عبّرت عن رفضها الكامل اتهامات بان كي مون، وقررت مجتمعة، الأحد، طلب عقد اجتماع عاجل معه لطلب تصحيح ما جاء في التقرير، وهو ما أسفر عنه تراجعه عن القرار.
وعقد سفراء دول مجلس التعاون الخليجي اجتماعاً في مقر بعثة المجلس في نيويورك، وأكدوا في ختامه أنهم "يرفضون رفضاً تاماً التقرير غير المنصف وغير المتوازن، الذي لا يحتوي أي مبررات أو إثباتات للتهم الموجهة ضد قوات التحالف".
أما رئيس البرلمان العربي، أحمد بن محمد الجروان، فاعتبر أن تقرير الأمم المتحدة عمل مستهجن وغريب ومرفوض، مؤكداً أن قائمة الأمم المتحدة خالفت كل الوقائع والحقائق على الأرض، واشترك مع عسيري ومجلس التعاون في تأكيد "ازدواجية المعايير" التي تعاملت بها الأمم المتحدة.
ويؤكد مجلس الوزراء بالحكومة الشرعية، أن التقرير "استند إلى معلومات وأرقام مغلوطة ومضللة من طرف المليشيا الانقلابية"، وأن الأمم المتحدة "أغفلت وتجاهلت كل ما قدمته الحكومة الشرعية من تقارير وأرقام حول الجرائم المرتكبة بحق اليمنيين بجميع شرائحهم، وفي المقدمة الأطفال، واعتمدت على أرقام وتقارير الجاني والمجرم، والمتمثل في الطرف الانقلابي (الحوثيين)".
- جرائم إسرائيل أوسع من عيون بان كي مون
ومن بين أوراق المندوب السعودي بالأمم المتحدة التي ضغط بها ضد التقرير "الجائر"، إزالة كي مون العام الماضي اسم إسرائيل من التقرير، "متجاهلاً الانتهاكات التي ارتكبها الكيان الإسرائيلي بحق أطفال غزة".
فأمام جرائم إسرائيل المستمرة بحق الفلسطينيين، والتي برزت في عدوانها على غزة عام 2014، التي استشهد فيها نحو 540 طفلاً منهم 371 أعمارهم 12 سنة أو أقل من ذلك، قال تقرير الأمم المتحدة الماضي: إن "رؤساء وكالات الأمم المتحدة على الأرض أخفقوا في التوصل لاتفاق في الرأي بشأن ما إذا كان يتم إدراج إسرائيل في قائمة منتهكي حقوق الطفل"، في المقابل اعتمد التقرير الجديد على مصادر تتبع لمليشيا الحوثي.