في الوقت الذى يهمن "الانسداد التام" على أفق الحل بين طرفي النزاع باليمن، دون تحقيق أي اختراق جوهري في جدار الأزمة، واصل الغرب دعمه لميليشيا الحوثي من أجل تصاعد نفوذهم السياسي ، وهو ما تكشفه التصريحات المواقف الغربية المغايرة للمواقف الرسمية، ما يؤكد أن الغرب يعول على الشراكة مع إيران ويتناغم معها، فلماذا تصر الولايات المتحدة على تقديم الدعم للحوثي باليمن، هل يحاول الغرب الالتفاف حول المكاسب التى حققت للسلطة الشرعية، وما هي عقيدة الغرب في التعامل مع الأزمة اليمنية؟
ودخلت محادثات السلام اليمنية في دولة الكويت، أول أمس شهرها ا الثاني، حيث انقلب خلالها الحوثيون على ما تم الاتفاق عليه من قبل في المفاوضات، وأعادوا الأمور إلى نقطة الصفر، وقادوا التفاوض إلى الانسداد التام، فقد باتوا لا يعترفون إلا بالأمر الواقع الانقلابي، أو بحكومةٍ يشاركون فيها من موقع المقرّر، وقد يسلّمون فيها السلاح الثقيل الذي استولوا عليه من معسكرات الجيش لأنفسهم داخل هذه الحكومة، حسب السيناريوهات، وما يتصل بها من خطط تفاوضية، يتم وضعها في طهران وبيروت الجنوبية."
دور الغرب المشبوه باليمن
عدد من المراقبون يرون أن الغرب يحاول تجاوز القرارات الدولية وشرعنه الانقلاب والإبقاء على الحوثيين كقوة مسلحة ضمن تكون الدولة، مما يدفع لحرب طويلة الأمد بين الفرقاء، كما يبحث الغرب عن مصالحهم في اليمن وغير اليمن، لأن الاستقرار الحقيقي لن يخدم مصالحهم كما تصور لهم المنظمات المشبوهة.
من جانبه كشفت المفكر الكويتي الدكتور عبد الله النفيسي، الأحد، عن طريقة الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة الأمريكية إلى مليشيات الحوثي في اليمن.
وقال النفيسي في تغريدة له عبر "تويتر"، إن "أمريكا تدعم الحوثي. السفير الأمريكي في اليمن يرفض توريد الأموال إلى أي بنك تابع للشرعية ويشترط توريدها إلى البنك المركزي بإدارة الحوثي".
وكان المفكر الكويتي، قال في سلسة تغريدات سابقة، إن "أمريكا تحرك من وراء الأفق التحالف الروسي الإيراني في سوريا والعراق".
وأضاف: "من وراء الأفق تصيغ اليمن الجديد وفق مرئياتها: قواتها تنزل في العند لحماية الحوثي، وتعليماتها حولته (الحوثي) من عدو يجب محاربته إلى جار يستحسن مفاوضته وضيافته".
وبحسب النفيسي، فإن "دور أمريكا لا يتراجع بل يتقدم، فقط راقبوا من الآن استعداد الأمريكان لذات السلاسل القادمة في الموصل".
وسبق وأن أعلنت سفيرة الاتحاد الأوروبي بتينا موشاوي دعمها لمليشيات الحوثي كما التقت بهم على هامش المشاورات الحالية في الكويت. الأمر الذي اضطر مجلس تنسيق المقاومة الشعبية في تعز إلى مطالبة الوفد الحكومي المشارك في مشاورات الكويت بالانسحاب.
الغرب الداعم لللأقليات
وعجز الغربيون عن تقديم ضمانات لليمنيين والخليج والسعودية في أن لا تصبح مليشيات الحوثي ذراع إيرانية تهدد اليمن والخليج نظرا لأن هذه المليشيات منذ عرفت وهي لا تلتزم بأي اتفاقات وهو ما أوصل اليمن والمنطقة إلى حرب وفوضى وتهديد للأمن القومي وانهيار للاقتصاد في اليمن بسبب نهب المليشيات للاحتياطات النقدية وتسخيرها في حربهم وهو ما شكل انهيار كلي للدولة وهذا ما يشكل خطر فوضى عارمة يصعب تلافيها.
من جانبه أوضح المحلل السياسي فيصل على أن الغرب هو الداعم الأساسي للأقليات، من خلال الإتحاد الاوروبي أو من خلال الحكومات، هناك تسهيلات لتنقل مبشري انصار الرب الحوثيين في قلب أوروبا العلمانية، يذهبون لإقناع المنظمات والحكومات والهيئات أنهم مظلومين ومضطهدين وأن السعودية تحاربهم وأنهم يحاربون داعش والقاعدة، والمقصود بداعش والقاعدة عندهم كل أفراد الشعب اليمني غير المؤمنين بالمذهب الشيعي الجارودي، وفي الغرب يسمحون لأعضاء منظمة دينية ارهابية بالتحرك وجمع الدعم والتأييد، مما أثر على مواقف الحكومات الغربية.
وبين "علي" أن مصالح المنظمات الحقوقية والإنسانية تلاقت مع مصالح الحكومات الغربية في قضية إعادة تقسيم الشرق الأوسط، وهناك عداء واضح للمملكة العربية السعودية وللشعوب العربية، وهناك اتهامات غربية لا أساس لها من الصحة، ودعاوي الإرهاب ودعاوى التشدد، موضحا أن التقارير المشبوهة تناغمت مع من يرغبون في تقسيم الدول وإضعاف قدرات الشعوب وعدم السماح بخروج الشعوب من اوضاعها المزرية والتحرر من الاستبداد والفقر وضعف التنمية وتراجع عمليات الإنتاج، باختصار الغرب يبحثون عن مصالحهم في اليمن وغير اليمن، والاستقرار الحقيقي لن يخدم مصالحهم كما تصور لهم المنظمات المشبوهة.
الانتهازية الأوروبية ودعم الحوثي
من جانبه أوضح المحلل السياسي اليمني ياسين التميمي أن الغرب ليس ليبراليا في اليمن ولا في سورية، إنه مجرد قاتل محترف وصليبي متعصب، ويجتر تاريخا من الصراع العقائدي والحضاري، ولم يخف أبدا نيته في استدعاء النسخة المعاصرة من إسماعيل الصفوي متجسدا في عمائم إيران وتوابعها من المليشيات والأحزاب الطائفية.
وأوضح في مقال له اليوم بعنوان "عقيدة الغرب في اليمن" أنه قد تآمر الغرب على ثورة التغيير في اليمن، وضحى بالإنجاز الأهم الذي كاد أن يتحقق، وهو التحول الديمقراطي عبر الوفاق والحوار، الذي ارتضاه اليمنيون حلا هجينا بين الثورة والإرادة السياسية.
وأكد أن اليوم يعاود هذا الغرب تنفيذ خطته في الالتفاف على المكاسب التي تحققت للسلطة الشرعية وللطيف الواسع من الشعب اليمني الذي يريد استعادة دولته واستئناف عملية الانتقال السياسي وصولا إلى مرحلة الدولة الاتحادية متعددة الأقاليم.
يريد تحقيق ذلك عبر تبني مقترح ممثلي المليشيا الانقلابية، القاضي بتشكيل حكومة شراكة قبل أي خطوة أخرى بما فيها خطوات بناء الثقة، لا يريدون حل الأزمة اليمنية على قاعدة استعادة الدولة وتحقيق الشراكة والعدالة والإنصاف والانتقال الحقيقي والآمن نحو مرحلة الدولة الاتحادية، بل يريدون إبقاء اليمن رهينة الصراعات المستقبلية.
وشدد على ضرورة عدم السماح للانتهازية الأوروبية والأمريكية المفضوحة في أن تستمر في تسويق حلولها الخاصة على أزمة لا يكتوي بنارها سوى اليمنين وجيرانهم.. فهذه الحلول هي التي أفسدت عملية الانتقال السياسي، وأشعلت الحرائق في كل مدن اليمن وقراها وشردت الملايين ووضعتهم في دائرة الفقر والعوز وفي دائرة الاتهام أيضا.
ولفت إلى أن الغرب يحاول أن يبقي اليمنيين وقود معركته الخاصة بغض النظر عن الخسائر الهائلة التي يدفعها هذا الشعب من حياته ومقدراته، إنها معركة تفتقد إلى العدالة وإلى الأخلاق في المقام الأول.
مصير المفاوضات بالكويت
وتوقع التميمي بعدم نجاح مشاورات الكويت، وقد يأتي شهر رمضان المبارك وهي تراوح مكانها، والأرجح أنها ستنفض دون تحقيق أي نجاح، ودون أن يعلن عن أي فشل أيضا، أي ربما قد يتم التوافق على الإبقاء عليها مفتوحة، أو على الأقل إبقاء استعداد الأطراف على خوض جولة أخرى قد تكون في الكويت نفسها وقد تكون في عاصمة عربية أخرى.
وقد كشف عضو في الوفد الحكومي في المشاورات، عن إمكانية استئناف المشاورات في العاصمة السعودية الرياض، وهذا يؤشر في حقيقة الأمر إلى وجود طبخة موازية لا تتوفر معلومات بشأنها حتى الآن، لكنها لن تتجاوز الثوابت التي يتمسك بها التحالف والحكومة.
وأشار إلي أنه إن حدث ورضخ التحالف للضغوطات الغربية بشأن ضرورة إبقاء الباب مفتوحا لدور ما للحوثيين في اليمن، فإن صفقة كهذه من شأنها أن تجعل الأزمة اليمنية رهينة مرة أخرى لأنصاف حلول خطيرة، ستجعل منها ملفا مفتوحا على أزمات أكثر تعقيدا وعلى جولة عنف أكثر دموية وتداعيات أكثر خطورة على الأمن الإقليمي والدولي.
لا أحد بمقدوره أن يدعي فهم ما يدور في الكويت، رغم وضوح التصريحات الصادرة عن الجانب الحكومي حول أسباب تعثر المفاوضات وحول جدول الأعمال الذي يريد الانقلابيون فرضه على المشاورات، وإلى أن يتحقق شيء ملموس ذي قيمة، ستبقى هذه المشاورات ومآلاتها في إطار التصورات والتوقعات الذهنية المجردة..
واختتم مقاله قائلا "لا يمكن إذا فهم الدور المشبوه لبعض الدبلوماسيين الغربيين المتواجدين في الكويت، إلا أنه يأتي في سياق الحرص على إبقاء دور المليشيا، مدججا بالسلاح وبالحالة العصبوية والمذهبية ذاتها، في بلد لا يحتمل كل هذا العناء".