ما زالت قصة اعتقال و تهجير أبناء المحافظات الشمالية من عدن حاضرة على وجوه الذين اعتقلتهم قوات الأمن من مختلف مديريات محافظة عدن بحجة عدم امتلاكهم بطائق هوية والذين يتجاوز عددهم الـ"2000" بينهم عمال وصحفيين وأكاديميين وتجار وطلاب بالإضافة إلى عدد من الجرحى حسب المرحلين.
ويتهم _هؤلاء_ قوات الأمن بالافتراء عليهم كون صوراً التقطت لهم أدحضت مزاعم القوات الأمنية بإظهار العشرات وهم يشمرون عن سواعدهم وأوراقهم الثبوتيه مما أحرج من تذرع بقوله "الحملة تشمل المجهولين فقط" ؛ لتكسب الواقعة_ حينها_ تعاطفاً لم يقتصر على المجتمع المحلي فحسب _بل_ تعداه إلى أن وصل إلى المحيط العربي ليتدخل بعدها الرئيس شخصياً ليكتشف البعض بعدها بأن هذه الحملة أعدت من غرفة عمليات التحالف بعدن.
انطلاق الحملة ومدتها
أصدرت اللجنة الأمنية بمحافظة عدن والمتمثلة بقوات لواء أمن حماية عدن بتاريخ 8 مايو من الشهر الجاري _يوم الأحد تحديداً_قراراً يقضي باعتقال وترحيل المجهولين والذين لا يحملون أوراق هوية ؛ حيث جاء البيان مكملاً لما سبق أن قامت به قوات أمنية تابعة لقادة ميدانيين كـ(بسام المحضار ونبيل المشوشي ومازن الجنيدي ومنير اليافعي أبو اليمامة) بحملات مداهمة واعتقالات طالت في يومها الأول السبت 7 مايو _أي_ بتمام الساعة السادسة مساءً بتوقيت مدينة عدن منطقة الدرين وكورنيش ريمي ووسط مديرية الشيخ عثمان.
وبعد ساعتين من عملية المداهمة لعدد من المحلات التجارية والأسواق والتي تعود لمواطنين من محافظتي إب وتعز أعلنت قوات الحزم الأمني بأنها ضبطت الكثير من المجهولين وأودعتهم سجن المنصورة المركزي ليتم ترحيلهم صبيحة اليوم الثاني إلى صحراء الرُجع والتي تصل محافظة لحج بطور الباحة ليتسنى لهم بعدها بالعودة إلى تعز.
استمرت الحملة قرابة الخمسة أيام والتي شارك فيها المئات من الجنود إضافة إلى عدد كبير من المدرعات والأطقم العسكرية وشاحنات كبيرة خصصت لنقل المُرحلين لتتوقف بعد يومين، عقب طلب رئاسي والذي استنكرت الرئاسة حملة ترحيل طالت عمال ينحدرون لمحافظات شمالية.
وسجلت مديرية الشيخ عثمان والمنصورة _وسط عدن_ أعلى نسبة بعدد المرحلين والتي تجاوزت الــ(1500) شخص إضافة إلى مديرية دار سعاد _شمال عدن_ قرابة الـ(500) حسب تقدير المرحلين.
انتهاكات طالت كثير من المعتقلين
يتحدث كثير من المرحلين بأنهم كانوا يحملون بجعبتهم أوراق الهوية أثناء عملية المداهمة والاعتقال مُكذبين ما ذهبت إليه اللجنة الأمنية بقولها: ‘‘أن المعتقلين مجهولين’’.
ومن خلال صور ليلية أخذت للعشرات منهم بمنطقة طور الباحة وهم يرفعون أوراقهم الثبوتيه ؛ متذمرين من الطريقة التي لقوها من قوات الأمن أثناء فترة الاعتقال ومدة بقائهم في السجون والذين توزعوا على ثلاثة سجون منها معسكر _لواء زائد العسكري_ الصولبان سابقاً والكائن بمدينة خور مكسر والسجن المركزي بالمنصورة إضافة إلى معتقل ثالث بخط اللحوم.
ونشرت عدد من وسائل إعلام مقرها من عدن أن أكثر من 20 منظمة حقوقية أيدت الحملة الأمنية والتي تستهدف ضبط مجهولين ؛ إلا أن منظمة "سواسيا" لحقوق الإنسان استغربت إيراد أسمها ضمن العشرين المنظمة التي أيدت الحملة.
وقالت رئيسة المنظمة المحامية هبة عيدروس لــ"مندب برس" : ؛ ‘‘أننا في منظمة سواسيا تحدثنا عن قضايا الترحيل ضد المجهولين لكننا في الوقت نفسه لسنا متأكدين ما إذا كانت الحملة الأمنية قد مارست العنف أم لا _أي_ نرجح أن تكون هناك انتهاكات طالت أبناء المحافظات الشمالية أثناء عملية الاعتقال’’.
بدوره قال قائد ميداني بالمقاومة الجنوبية : ؛‘‘ بأن عملية الترحيل بالهوية غير حكيمة كونها استهدفت أبناء محافظة تعز في وقتٍ تعيش فيه المحافظة حرب شعواء وجرائم تمارسها مليشيات الحوثي على المحافظة’’.
ويضيف عبد الرحيم الصبيحي لـ"مندب برس" : ‘‘أن ترحيل أبناء تعز في هذا الظرف الحرج يعود بالنفع لصالح مليشيات الحوثي والتي قد تستثمر ظرفهم وتكسب العائدين إلى صفوفها كون المرحلين هم ممن يعولون أسرهم التي تعاني قسوة الحياة وظروف غاية بالصعوبة نتيجة لما تشهده تعز من اعتداءات حوثية طيلة ما يزيد عن عام’’.
واستنكر كثير من النشطاء والصحفيين وخطباء مساجد ونخب سياسية ودينية وقادة مقاومة ومسؤولين حكوميين عملية الترحيل والتي طالت أبناء محافظة تعز والعاملين في مجال التجارة والبناء ومحلات النجارة وأسواق الخضروات.
من هي الجهة التي تقف خلف الحملة؟
يتهم المرحلون قوات الأمن بعملية ترحيلهم عنوة دون التميز بين من يحمل هوية من عدمه وهذا ما تنكره السلطات الأمنية ؛ إلا أن باب التساؤل بات مفتوحٌ على مصراعيه ؛ حيث خاض الكثير من المتابعين بالقول لماذا لم تتم حملة الترحيل من خلال السلطات الأمنية بعدن ممثلة بإدارة أمن عدن أسوة بالعملية العسكرية ضد القاعدة والتي استهدفت معقل تنظيم القاعدة بمديرية المنصورة نهاية مارس الماضي؟
تواري محافظ عدن عيدروس الزبيدي ومدير شرطة عدن شلال على شائع خلال الثالثة الأيام الأولى للحملة وسط تكهنات تفيد بأن الرجلين يقبعان في الإمارات منذ أيام ؛ إلا أن ظهوراً للمحافظ بعد ذلك أيد من خلالها الحملة الأمنية بقوله: أنها تهدف إلى ضبط المجهولين سواء كانوا شماليين أو جنوبيين ؛ إلا أنه لم يجيب على تساؤل البعض "لما لا تقوم إدارة الأمن بالمهمة" بدلاً من الاستعانة بلواء الحزم الأمني؟
ويتهم نشطاء الإمارات بتبنيها لقرار طرد أبناء تعز من خلال إيعاز المهمة للواء الحزم الأمني والذي شُكِل مُؤخراً بدعم إماراتي يتلقى أوامره من غرفة عمليات التحالف العربي في البريقة والذي تديره الإمارات عبر قائده "نبيل المشوي".
هذا الاجراء جعل الأمر واضحاً أن الإمارات هي من قامت بالحملة، وهو ما أكدته رسالة محافظ محافظة الضالع "فضل الجعدي" أواخر الاسبوع الماضي، والتي بعث بها إلى قيادة التحالف العربي ومحمد بن زائد على وجه الخصوص.
وفي الرسالة التي تلقى "مندب برس" نسخة منها والتي خاطبهم فيها بسبب أزمة منع القات ومنع دخوله إلى عدن، بسبب ان كثير من نبتة القات تأتي من محافظة الضالع.
الرسالة جعلت الأمر مؤكداً وبلا شك أن من قام بطرد أبناء محافظة تعز _أي_ أن بين ترحيل أبناء تعز ومنع دخول وبيع القات بمدينة عدن جاء من لواء حزم عن والتابع للإماراتيين.
ويتصرف لواء أمن حماية عدن بعيداً عن السلطات المحلية ممثلة بالمحافظ ومدير أمن المحافظة وهذا ما بدا جلياً بعد منع دخول وبيع القات بمحافظة عدن _عدا_ يومي الخميس والجمعة من كل أسبوع والذي أثار ضجة كبيرة في الشارع العدني مما استدعت بمحافظي محافظات عدن ؛ لحج؛ أبين ؛ الضالع لمناقشة تداعيات أزمة منع دخول القات بسبب موجة احتجاجات شهدتها الضالع خلال اليومين الماضيين.
تأييد للحملة استنكار وتذمر
يعد أبرز المعترضين على قرار اعتقال وترحيل أبناء المحافظات الشمالية رئيس الجمهورية نفسه ورئيس الحكومة ووزير الخارجية إضافة إلى وزراء سابقين إضافة إلى الشخصية الدينية الجنوبية بن شعيب والشيخ السلامي.
إلا أن ابرز الداعمين للحملة هو وزير الدولة هاني بن بريك الذي تتهمه أوساط يمنية بوضعه من الإمارات لتنفيذ أوامرها بعدن ووضع سلطته فوق سلطات المحافظة، إضافة إلى محافظ محافظة عدن ومحافظ محافظة لحج وعدد من قيادات المقاومة وصحفيين وكتاب.
وكان بن بريك خرج مساء الخميس بتصريحات على صفحته بفيسبوك برر من خلالها اسباب الحملة الأمنية ومنع القات، ما يضع التأكيد على تحكمه بما يحدث في عدن، على الرغم انه وزير في الحكومة التي اصدرت في وقت سابق تنديداً بما حدث.
وفي تطور لافت احتجت نقابة عمال ميناء عدن للحاويات على خلفية اعتداء على أحد موظفي الميناء واعتقاله من قبل نقطة أمنية تابعة للحزم الأمني أمس الجمعة لأسباب مناطقية ؛ إلا أن التهديد بإيقاف العمل في الميناء أجبر قيادات الحزم الأمني بتقديم الاعتذار بالميناء للمهندس "طمام حميد كليب"، والذي ينتمي لمحافظة تعز.