بينما يواصل المتحاورون اليمنيون جولاتهم العصيبة فى مشاورات الكويت لإيجاد مخرج للسلام ووقف القتال ، نجحت القوات الحكومية المدعومة لأول مرة من التحالف العربى بقيادة السعودية وبدعم لوجستى أمريكى من تطهير ميناء ومدينة المكلا عاصمة حضرموت من تنظيم القاعدة بعد عام من استحواذه عليها فى خطوة مهمة ومنسقة منحت الأمل لدى اليمنيين فى إمكانية التخلص من التنظيمات الإرهابية .
الضربة الإستباقية التى وجهت إلى معاقل القاعدة التى تطلق على نفسها " قاعدة الجهاد فى جزيرة العرب " وتشمل اليمن والسعودية والتى إعترف بها التنظيم بعد مصرع 800 عنصر من كوادره وهو العدد الأكبر منذ سنوات طويلة نجحت فى تحرير كامل مدينة المكلا، وساحل حضرموت والشحر، وميناء الضبة النفطي، ومنطقة غيل باوزير بعد تحديد 200 هدف جرى قصفها بدقة ، تبعتها تحركات على الأرض لإستكمال تطهير بقية محافظة حضرموت من العناصر المتطرفة بل إتجهت القوات الحكومية إلى أبين والتى نجحت الوساطات القبلية فى الاتفاق على إنسحاب القاعدة من مدينتى زنجبار وجعار خلال خمسة أيام تنتهى غدا الاثنين ، لتتجه الأنظار بعدها إلى مناطق التمركز فى وسط اليمن كمحافظة البيضاء وشبوة ومأرب والجوف . موقعة المكلا وفسرت مصادر عسكرية يمنية أسباب نجاح الضربة القاتلة والمباغتة للقاعدة فى حضرموت بالتحضير المبكر لمدة ثلاثة أشهر ومشاركة حوالى 120 خبيرا عسكريا من السعودية والإمارات وقوات التحالف العربى ، فضلا عن التنسيق الفعال مع واشنطن فى تحديد الأهداف بدقة إستهدفت الضربات تدمير معسكرى " نخر الحاشدي" و" سودف " اللذين اتخذتهما عناصر الارهاب قاعدة للتدريب والتأهيل على مستوى اليمن والخليج . ويؤكد اللواء فرج سالمين قائد المنطقة العسكرية الثانية الذى أدار معركة تحرير المكلا? أن المعركة أنقذت90 % من موارد اليمن النفطية التى كان يسيطر عليها القاعدة وجففت تمويل الإرهاب وحرمته من مصادر مالية مهمة ، مشيرا إلى مشاركة قوة عسكرية مكونة من 25 ألف جندى من الجيش والمقاومة من أبناء حضرموت? جرى تدريبهم وتسليحهم? لتطهير المنطقة من الإرهاب? مضيفا أن 5 آلاف مقاتل من القاعدة كانوا فى المكلا? أغلبيتهم من جنود الجيش اليمنى الموالى لصالح الذين انضموا إليهم، وارتدوا الزى الأفغانى، لافتا إلى أن الإرهابيين دبروا لمخطط خبيث يهدف لتدمير الاقتصاد اليمنى من خلال تفخيخ ميناء الضبة بالقنابل فى حال خسارتهم المعركة? لكن التحالف والجيش اليمنى تنّبه لذلك? ودخل الميناء من جهة البحر? ووصل إليه قبل أن تمتد إليه أيادى التخريب . بينما كشف محافظ حضرموت أحمد سعيد بن بريك عن أسر نحو 60 مسلحاً من التنظيم، وقال أن أكثر من 320 عنصرا من القاعدة أبدوا رغبتهم، عن طريق عائلاتهم وشخصيات اجتماعية، فى تسليم أنفسهم للجيش مقابل ضمان سلامتهم الشخصية . واشنطن موجودة ومع أن أمريكا توجه ضربات جوية دورية منذ فترة ضد معسكرات القاعدة فى اليمن أسفرت عن مصرع وإصابة العشرات ، إلا أنها إعترفت بدورها الحيوى فى العمليات الأخيرة بحضرموت من خلال تقديم معلومات استخباراتية والمراقبة والتخطيط والدعم الطبى والتزويد بالوقود والاعتراض البحرى إلى جانب وضع عدد محدود من العسكريين فى تصرف القوات اليمنية والعربية وحضور مجموعة سفن "يو إس إس بوكسر" البحرية ووحدة المارينز الـ13 إلى المنطقة . وتحدثت مصادر قريبة من الحوثيين والرئيس اليمنى السابق على صالح فى أنباء لم تؤكدها مصادر الحكومة اليمنية عن وصول قوة عسكرية أمريكية تضم 100 جندى من قوات الصاعقة البرية الأمريكية إلى القاعدة الجوية فى الجنوب وطائرات شحن تقل عتادا عسكريا وأجهزة خاصة بهذه القوات. وكانت قوات المارينز إضطرت إلى مغادرة القاعدة العسكرية عقب إجتياح قوات الحوثى مناطق الجنوب العام الماضى . وتشير توقعات مراقبين فى اليمن بأن تنظيم القاعدة سيعاود لعبته المفضلة فى المواجهة بعمليات الكر والفر من خلال سلسلة إغتيالات لقيادات عسكرية وأمنية وتفجيرات نوعية للمنشآت العسكرية ضمن أسلوب حرب العصابات كطريقة تناسب تضاريس اليمن المعقدة وصعوبة السيطرة الكاملة على مناطق لتأسيس ولايات دينية . وفى هذا السياق جاء إغتيال مدير السجن المركزى فى مدينة المنصورة أمس الأول وسبقه بأسبوع مقتل ضابط برتبة عقيد فى شرطة عدن. وتؤكد تقارير عسكرية يمنية أن مرحلة ما بعد الانسحاب تعتبر أصعب وأهم مراحل الصراع بين القاعدة والأجهزة الأمنية حيث تمكنت القاعدة ما بين عامى 2013 و2014 من قتل أكثر من 170 ضابطاً من ضباط الجيش والأجهزة الأمنية سواء الأمن السياسى أو الأمن القومي، عدا ما شهدته هذه المرحلة من قيام القاعدة بشن الهجمات والعمليات المتواصلة التى طالت المقرات والمناطق العسكرية . ويربط محللون بين تصعيد المواجهات ضد القاعدة فى اليمن ومجريات صراعها مع السلطات السعودية فى ضوء الأعمال الإرهابية الأخيرة وظهور القيادى فى القاعدة إبراهيم عسيري، الذى يعتقد بتواجده فى اليمن فى تسجيل صوتى وكان ذلك بمثابة قنبلة قذفت فى مياه راكدة لتعيد الحرب من جديد بين القاعدة والمملكة . وتأتى هذه التطورات فى ظل مفاوضات شاقة فى الكويت. ويبدى المراقبون تفاؤلا حذرا من إختراقات حققها المبعوث الأممى إسماعيل ولد الشيخ أحمد برعاية كويتية ، وتم على أساسها تشكيل فرق عمل مشتركة لحل القضايا السياسية والأمنية والعسكرية.