بدأ ولع الصحافي اليمني حسن قاسم مبكراً بأرشفة المواد الصحافية، منذ بداية عمله، إذ راح يجمع مقالاته المنشورة في صحيفة «14أكتوبر» في عدن. عندها كان لا يزال طالباً في المرحلة الثانوية عام 1977. كبر شغفه بعد ذلك ليجعل منه أشهر جامع و «مؤرشف» للصور التي توثق تاريخ مدينة عدن، ما ساهم فيه عمله المبكر في الصحافة اليمنية، الذي أخذ بعداً احترافياً، منذ العام 1980.
يقول قاسم لـ «الحياة» أن ما دفعه للانتقال إلى مرحلة أخرى من مراحل الاهتمام بالوثائق والصور، هو الأحداث السياسية التي شهدها اليمن منذ العام 1990، عندما بدأ النظام السياسي الجديد الذي تشكل آنذاك في نقل كل ما كان يخص دولة الجنوب (جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية) من وثائق وصور الى العاصمة صنعاء، ما يعتبره أمراً متعمداً لطمس «الهوية الجنوبية» والتاريخ التنويري لمدينة عدن خصوصاً.
ويضيف قاسم: «بدأ اهتمامي بالصور على مستويين: الأول البحث عن أرشيف دولة الجنوب والثاني البحث عن صور الكوادر السياسية والاجتماعية والإبداعية، ونجحت إلى حد ما في الحصول على جزء من صور تاريخ الجنوب ونشرتها تباعاً على صفحتي على «فايسبوك»، ووجدت تفاعلاً وصدى كبيراً وإعجاباً من كثيرين، إضافة الى متابعة العديد من الصحف والمواقع والباحثين الذين كانت الصور مرجعاً لهم».
ويتحدث قاسم عن العديد من العوامل التي ساهمت في إنجاح مهمته في حفظ جزء مهم من التاريخ الضوئي لجنوب اليمن ومدينة عدن. ويضيف: «خلال عملي في وكالة الأنباء اليمنية في عدن وصنعاء منذ العام 1980، رافقت العديد من الرؤساء والمسؤولين داخلياً وخارجياً وعملت مراسلاً في رئاسة الجمهورية ومجلس الشعب وبعض الوزراء لسنوات عديدة».
ويلفت قاسم الى أن هناك مئات الصور التي كان يتمنى الحصول عليها، غير أنه لم يتمكن من ذلك، لأنه لم يلتقطها بنفسه أو لم يستطع الحصول على نسخة منها لوجودها مع المصورين أنفسهم.
ويعود أرشيف قاسم إلى الفترة بين عامي 1954 وحتى 1980، ويتجاوز عدد الصور التي تمكن من حفظها أكثر من خمسة آلاف صورة تعود في غالبيتها الى شخصيات وحوادث بارزة في تاريخ جنوب اليمن قبل قيام الوحدة عام 1990، وهي صور التقطها مصورون مجهولون - على حد قوله - ضاعوا في زحمة التحولات التي شهدها اليمن منذ منتصف القرن الماضي وحتى اليوم.
ويعتز قاسم بصورة تجمعه مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات خلال زيارته عدن عام 1982.
ويتحدث عن أبرز الإحباطات التي تتخلل شغفه بجمع التاريخ الضوئي: «ما أنشره اليوم يعد شيئاً بسيطاً جداً مقارنة بما هو مفقود من صور لمراحل كثيرة من تاريخ الجنوب اليمني نتيجة نقل جزء كبير من الصور إلى صنعاء وبعضها أحرق أو أتلف أو ما زال مخبأ في أدراج بعض المصورين الذين عاصروا تلك الفترة».
وسيواصل قاسم البحث عن الصور التي تتعلق بذاكرة جنوب اليمن وتراثه المستنير الذي لم يعرفه جيل اليوم بعد عام 1990 بسبب غزو الفضائيات، وتعدد وسائل التواصل في العالم، كما أنه بدأ حالياً نشر بعض الصور النادرة جداً لمدينة عدن بالتعاون مع عدد من الأصدقاء، ويعود تاريخ هذه الصور الى ما قبل العام 1870. كما يفكر في نشر كتيب عن نشاطي الصحافي على مدى 35 سنة، معززاً بصوره في مختلف اللقاءات والزيارات والفاعليات التي شاركت فيها خلال مسيرته الصحافية.