من المقرر أن تبدأ مساء يوم غد الأحد عملية وقف إطلاق النار في اليمن بين القوات الموالية للحكومة وميليشيا الحوثي والرئيس السابق علي صالح، والتي دعت اليها الأمم المتحدة كخطوة تأكيد حسن نوايا من الجانبين قبيل انعقاد مباحثات السلام المزمع انعقادها في الكويت في 18 الشهر الجاري.
وأكدت مصادر سياسية لـ«القدس العربي» ان «احتمالات نجاح الهدنة المقبلة ضيئلة جدا وربما تلحق بسابقاتها، إثر عدم وجود أي مؤشرات ايجابية حتى الآن على صدق نوايا المتحاربين في وقف إطلاق النار والاستمرار في تغليب لغة البندقية على لغة العقل» على حد قولهم.
وأوضحوا أن «الاستعدادات للجولة المقبلة من مباحثات السلام في الكويت بين الحكومة اليمنية والانقلابيين الذين يمثلهم الحوثيون وأتباع الرئيس المخلوع علي صالح جارية على قدم وساق وكل القوى المحلية والاقليمية والدولية تسعى إلى إنجاحها، لكن هذه الطموحات والآمال قد تصطدم بمفاجآت تنسف كل هذه الجهود التي يطمح الجميع أن تتوج بنجاح مباحثات الكويت والتي كانت محصلة لجهود كبيرة بذلها المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن اسماعيل ولد الشيخ أحمد».
وذكرت العديد من المصادر اليمنية أن الطرفين الحكومي والانقلابي توصلا إلى توافق مبدئي حول مسودة الاتفاق لوقف إطلاق النار بين القوات الحكومية الممثلة بقوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من جانب، وميليشيا الحوثي وقوات المخلوع علي صالح من جانب آخر.
وذكر وزير الخارجية اليمني عبدالملك المخلافي ان هناك توافق نهائي حول مسودة اتفاق وقف إطلاق النار في اليمن والتزامات الطرفين في هذا الجانب، وأن اللجان الفنية قد وصلت إلى الكويت لاستكمال الترتيب لذلك وأن عملية وقف إطلاق النار ستبدأ من مدينة تعز، ثم ستمتد إلى بقية المحافظات اليمنية.
من جانبه أعلن الناطق الرسمي باسم جماعة الحوثي المسلحة محمد عبدالسلام في صفحته بموقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) «تسلمنا من الأمم المتحدة مسودة اتفاق وقف إطلاق النار وسلمنا ملاحظاتنا على تلك المسودة للأمم المتحدة وما زال النقاش جاريا عليها ولم يتم الموافقة النهائية عليها بعد»، وهو ما فهمه بعض السياسيين بأنها رسالة حوثية وصفت بـ(التلكؤ) وقد تحمل مضامين (مفاجأة) في اللحظات الأخيرة لعملية انطلاق وقف إطلاق النار والتي ستكون أساسا لمباحثات السلام ومؤشر مهما لنجاحها أو فشلها.
وكانت لجنة التهدئة من الجانبين الحكومي والانقلابي في اليمن وصلت إلى الكويت وعددهم 5 من الجانب الحكومي و6 يمثلون الجانب الحوثي وصالح، لاستكمال ترتيبات وإجراءت وقف إطلاق النار بين الجانبين التي من المقرر أن تبدأ عند منتصف ليل الأحد الاثنين، حسب الاعلان السابق للأمم المتحدة بهذا الخصوص.
ورغم تسارع خطوات الترتيبات لبدء وقف إطلاق النار في اليمن إلا أن الوضع العسكري على الأرض لا زال سيد الموقف، حيث يقوم الطرفان بتصعيد عملياتهم العسكرية ضد بعضهم البعض في محاولة كل طرف منهم تحقيق أكبر قدر من المكاسب العسكرية على الأرض، لرفع سقف المطالب وتحسين وضعهم التفاوضي في مباحثات السلام المقبلة في الكويت.
وتشهد مدينة تعز تصعيدا عسكريا كبيرا من قبل المتمردين الحوثيين وقوات المخلوع صالح وقصفا شديدا على الأحياء المأهولة بالسكان، بالاضافة إلى محاولتهم السيطرة على بعض المواقع العسكرية في أطراف المدينة والتي كانت قوات المقاومة الشعبية والجيش الوطني سيطروا عليها خلال الشهور والأسابيع الماضية، بالإضافة إلى تصعيدهم العسكري في العديد من الجبهات في محافظات الشمال والغرب.
ويتطلع الشارع اليمني بشقيه المؤيد للسلطة الشرعية والآخر الموالي للانقلابيين في صنعاء إلى نجاح المباحثات المقبلة إثر معاناتهم الشديدة جراء الحرب التي تجاوزت العام والنصف ودمرت كل مقومات الحياة الاقتصادية والأمنية وتسببت في شرخ كبير في المجتمع، وارتفع مستوى التفاؤل لديهم مع تزامن المباحثات اليمنية المقبلة مع العديد من الأحداث والتحولات الجوهرية المحلية والاقليمية والدولية.
إلى ذلك، قالت مصر أمس الخميس إنها «منزعجة» من تقارير تشير إلى ضبط شحنات أسلحة إيرانية أثناء تهريبها إلى اليمن على مدى الأسابيع الماضية وذلك في محاولة فيما يبدو لإبداء الدعم للسعودية في صراعها على النفوذ في المنطقة مع إيران.
ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية عن أحمد أبو زيد المتحدث باسم وزارة الخارجية قوله إن هذه التقارير التي تأتي في وقت تبذل فيه جهود إقليمية ودولية للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في اليمن «تؤكد مجدداً دواعي القلق المصري تجاه سلوك إيران الإقليمي».
وأضاف أن الأمر «يثير علامات استفهام حول التناقض بين المواقف الرسمية الإيرانية وممارساتها الفعلية التي لا تسهم في تعزيز الاستقرار في المنطقة بل تعكس استمرار سياسة التدخل غير البناء في الشأن العربي.
وجاءت تصريحات المتحدث المصري بعد ساعات قليلة من وصول العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز للقاهرة في زيارة رسمية تستغرق خمسة أيام.
ويحاول تحالف عربي تقوده السعودية منذ أكثر من عام منع الحوثيين المتحالفين مع إيران من السيطرة على كامل أراضي اليمن أحد جبهات صراع النفوذ الذي تخوضه الرياض وطهران في المنطقة. وتشارك مصر في التحالف لكنها تمتنع عن إرسال قوات برية.
وقال دبلوماسيون غربيون في القاهرة والخليج إن ذلك أدى إلى توتر العلاقات بعض الشيء لكن الرياض قبلت في نهاية الأمر أسباب مصر وتأكيداتها العلنية بأنها ستدافع عن السعودية في مواجهة أي تهديد خارجي.
وقالت مصادر بالمخابرات المصرية إن السيسي يريد أن تسهم زيارة الملك سلمان للقاهرة في تخفيف التوترات وجذب المزيد من الاستثمارات السعودية وطمأنة الرياض بشأن دعم القاهرة لموقفها إزاء اتساع نفوذ إيران في المنطقة.
وقتل ما يقرب من ستة آلاف شخص نصفهم مدنيون جراء الصراع الدائر في اليمن وهو ما يثير مخاوف من اندلاع مواجهة إقليمية أوسع نطاقا بين إيران والسعودية.
وقالت الأمم المتحدة الشهر الماضي إن أطراف الصراع في اليمن وافقت على وقف الأعمال القتالية بدءا من منتصف ليلة العاشر من أبريل نيسان الجاري على أن تبدأ مباحثات سلام برعايتها في الكويت يوم 18 نيسان/ أبريل.
عملية وقف إطلاق النار تبدأ غدا الأحد وسط توقعات ضئيلة بنجاحها
(مندب برس- القدس العربي)