جاءت حادثة محاولة اغتيال امام جامع في مدينة جبلة وما تلاها من تهريب الميليشيا للجاني من داخل المستشفى واسلوب التهريب وعدد من التفاصيل، جاءت لتميط اللثام وتكشف عن الكثير من الخفايا حول جرائم الاغتيال التي شهدتها المحافظة منذ سيطرة الميليشيا على السلطة تحديدا منذ اجتياح العاصمة صنعاء وقبلها محافظة عمران.
حيث أكدت مصادر محلية وأخرى أمنية إلى جانب طبية وشهود عيان جميعهم أكدوا تفاصيل الرواية التي بدأت ظهر الأربعاء الفائت 13يناير 2016م بالقرب من إحدى نقاط التفتيش التابعة للميليشيا في منطقة الدحثاث ، المدخل الشرقي لمدينة إب ، عندما باشر الجاني المكنى (أبو عاصم مرداس) بإطلاق النار من سلاح رشاش آلي (كلاشنكوف) باتجاه المجني عليه (مجيب علي مرزح) ليصيبه بسبع طلقات توزعت بين اليد والكتف واستقرت معظمها في البطن ليسقط على اثرها مضرجا بدمائه ، بينما فر الجاني على متن الدراجة النارية التي كان يستقلها باتجاه مدينة إب.
وبسبب السرعة الجنونية التي انطلقت بها الدراجة فقد اصطدمت بسيارة نقل ركاب(ميكروباص) ليسقط الجاني مغشيا عليه بينما فر السائق ، وتم اسعاف الجاني إلى مستشفى جبلة وفي الطريق للمستشفى كانت عدد من المكالمات ترد لهاتفه الشخصي وغالبيتها محجوبة الهوية فلا تظهر أرقام المتصل (وهذه الخاصية لا تملكها غير أجهزة المخابرات ومكاتب القيادات العسكرية العليا بالدولة كما هو معلوم).
أضافت المصادر أنه وبعد اجراء الاسعافات الأولية للجاني بالمستشفى رفض الإدلاء بأي معلومات عن هويته سوى أنه من محافظة ذمار إلا أن عددا من المتواجدين عرفوه وكنيته أبو عاصم مرداس وتم تجنيده ضمن جهاز الأمن السياسي ويتبع المدعو ( أبو حمزة الضحياني ) المسئول الأول عن جهاز المخابرات بالمحافظة، والذي يعتبر من محافظته أيضا(ذمار) .
وبعد أن أجاب الجاني على بعض المكالمات الهاتفية أثناء تواجده بالمستشفى وصلت ثلاث سيارات تقل عدد من مسلحي الميليشيا للمستشفى وعندما حاولت حراسة المستشفى منعهم أشهروا أسلحتهم في وجه الجميع وأخبروهم أنهم من الأمن السياسي ، وأبرزوا لهم ما يؤكد ذلك وقاموا بأخذ الجاني وطلبوا سلاحه ( أداة الجريمة) والذي تم توريده لمندوب البحث فسحبوه بالقوة ، ثم وبكل عنجهية واستفزاز للحاضرين وأعاده للجاني وقاموا بمرافقته بطريقة استعراضية ليستقل إحدى السيارات وترافقه البقية (بما يوضح أهميته لدى مستخدميه).
أحد المسعفين للجاني أكد أنهم وجدوا في جهاز الهاتف الخاص به صورا وأسماء لعدد من القيادات الحزبية والمشايخ والعلماء وعدد من السياسيين من أبناء المديرية ( نتحفظ عن نشرها) بما يشير إلى وجود مخطط كبير للتصفية بالاغتيالات وفرق موزعة عبر المديريات وقد بدأت مرحلة تنفيذه لخلط الأوراق مع تضييق الخناق على الانقلابيين.
مراقبون ربطوا بين الجريمة وما سبقها من جرائم مماثلة في المحافظة بلغت بحسب احصاءات رسمية وحقوقية 12 حالة خلال العام المنصرم 2015م عام سيطرة الميليشيا على كل الأجهزة الأمنية والعسكرية حيث تركزت معظمها في مدينة إب عاصمة المحافظة وكان الرابط فيها واحد من حيث اختيار الضحية وانتمائها المهني والفكري ابتداء من العميد حميد عنتر ومرورا بالعقيد عباس المغربي ثم العقيد الحكمي والمحامي محمد المساوى والمحامي الشريف وصولا إلى مرزح ثم عادل الشامي مؤخرا في إشارة واضحة للبعد العنصري والمذهبي الذي تحاول الميليشيا الاصطياد به لكون اختيار الضحايا من المحسوبين عليها في المحافظة من الهاشميين اضافة إلى كونهم حقوقيين وضباط في أجهزة الشرطة ومتخصصين في العمل الجنائي.
يذكر أن المجني عليه مجيب مرزح والذي يعتبر أحد الوجاهات الدينية والاجتماعية بجبلة كان قد تعرض لعدد من الاستهدافات منها مداهمة منزله وتفتيشه والعبث بمحتوياته ثم الاعتذار له رسميا عبر حميد المتوكل مشرف الميليشيا بالمديرية بحجة أن ما حدث كان اشتباه ، كما وجدت قبل أشهر عبوة ناسفة وضعت جوار بيته.
ناشطون حقوقيون وعاملون في مجال حقوق الانسان حملوا الميليشيا مسئولية تلك الجرائم التي قالوا أنها لن تسقط بالتقادم.
يشار إلى معلومات سابقة كانت قد تحدثت عن شخصية أبو حمزة الضحياني المكلف بالملف المخابراتي والذي ينتمي لمحافظة ذمار شمالا وتلقى دورات تدريبية مكثفة على يد خبراء إيرانيين ولبنانيين داخل اليمن وخارجه ويحضى بعلاقة وطيدة بقيادة الميليشيا ويقدم لها خدمات جزيلة ويغدق عليها بالهدايا والأموال خصوصا في ظل حجم الإيرادات الكبيرة التي يحققها من المحافظة خصوصا من عوائد عمليات الإفراج عن المختطفين مقابل مبالغ خيالية وتحويلها إلى مصدر تكسب غير مشروع عبر تجارة سوق سوداء سلعتها حرية الناس والتي نشط فيها منذ ما يقارب العام.