شهدت المحافظات الجنوبية المحررة? عدن والضالع ولحج وأبين وشبوة? خروقات أمنية وخدمية وإدارية خلال الأشهر الماضية التالية لتحريرها من ميليشيات الحوثي وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح. وبرزت حاجة ملحة للأمن والجيش والخدمات والمؤسسات في هذه المحافظات التي تشهد هذه الأيام نشاطا مكثفا وفي مختلف نواحي الحياة لسيطرة سلطات الدولة وبسط نفوذها على كامل المساحة المحررة. ومن هنا جاء إشهار أكثر من 30 مؤسسة ومنظمة مجتمع مدني بالعاصمة المؤقتة عدن أمس الخميس تكتل «كلنا أمن عدن»? المساند للإجراءات الأمنية التي تتخذها قيادة عدن لاستعادة الأمن والاستقرار وتطهير العاصمة من الجماعات المسلحة وفرض سلطة الدولة واستعادة المؤسسات الخدمية والحيوية للعمل وخدمة المدينة? وسط حضور سياسي ومدني واجتماعي والتفاف شعبي لأجل أمن عدن هو الأول من نوعه. وقال محافظ الضالع فضل محمد الجعدي «إن نصف ثورة لا يمكن أن تصنع المجتمع الذي نصبو إليه? لذا وجب أن يكون العقل حاضرا? فأنصاف الثورات أوجدت لنا الكثير من الإحراجات? وولدت الكثير من الأزمات? وتحولت الثورات بمفهومها إلى مصادرة حق الناس? وأن يحكم كل منا ذاته? وهو الأمر الذي يقود إلى انهيار الأمة وأخلاقها وقيمها الثورية والإنسانية». وأضاف في كلمة له في حفل إشهار مؤسسة «الرقي» للتنمية البشرية التي تعنى بتدريب الإنسان والنهوض به من خلال وسائل وبرامج تأهيلية حديثة ومتطورة أن «الضالع اليوم سلكت الطريق الصحيح للولوج إلى الحياة من خلال إنشاء مؤسسة مجتمعية تعنى بتطوير الإنسان ومساعدته على البقاء والتعايش بسلوك حضاري ومتمدن? والارتقاء به إلى مصاف متقدمة ومزدهرة. اليوم طرقنا الباب الحقيقي الذي كان لا بد أن نطرقه منذ زمن». وقالت انتصار العلوي? رئيسة «كلنا أمن عدن»? لـ«الشرق الأوسط»? إن «التحالف يضم مجموعة من المبادرات والمنظمات والمؤسسات وبعض المكونات تجاوز عددها الـ30». وأوضحت العلوي لـ«الشرق الأوسط» أن تحالف «كلنا أمن عدن» يسعى لبث روح التعاون ونشر الوعي بين أوساط الناس بقيمة نعمة الأمن وضرورة استرجاعها? مشيرة إلى أن التحالف يعمل بدرجة رئيسية على نشر التوعية بين أوساط السكان عبر مجموعة من الأنشطة والفعاليات الهادفة لمساعدة قيادة العاصمة عدن في تثبيت الأمن والاستقرار في المدينة. وقال بيان للتحالف المدني إنه «لا يخفى على عاقل منذ اجتياح عدن من قبل الميليشيات التدميرية أواخر شهر مارس (آذار) من العام الماضي ما خلفته من دمار لم يسلم منه بشر ولا شجر ولا حجر? وجرائم أقل ما يمكن أن توصف به أنها جرائم إبادة للبشرية». وطالب تحالف «كلنا أمن عدن» قيادة المحافظة? ممثلة بالعميد المحافظ عيدروس الزبيدي والعميد شلال شايع مدير أمنها? بفرض هيبة الدولة تجاه ظواهر انتشار السلاح والدراجات النارية والسيارات غير المرقمة. وتشهد العاصمة المؤقتة عدن اصطفافا شعبيا ومدنيا وسياسيا حول قيادة عدن? ويبذل المواطنون والسكان المحليون جهودا وتعاونا مثمرا مع اللجنة الأمنية العليا للعاصمة عدن في الإبلاغ عن تحرك الجماعات المسلحة والإرهابية? وهو ما أسفر مؤخرا عن مهاجمة القوات الأمنية الحكومية لأوكارها وتمكنها من القبض على جماعات إرهابية? وكشف معامل لتصنيع المتفجرات والعبوات الناسفة? وهو ما أشاد به محافظ عدن ومدير الأمن في مؤتمر صحافي عقد الثلاثاء الماضي? حيث أكد أن تعاون المواطنين والمقاومة الجنوبية مع قيادة الأمن هو وراء تحقيق كثير من الإنجازات الأمنية واستعادة المؤسسات وفرض سلطة الدولة وإحباط عمليات إرهابية كانت تهدف إلى زعزعة أمن واستقرار العاصمة عدن. من جانبه? قال وضاح الأحمدي? رئيس المؤسسة? لـ«الشرق الأوسط»? إن فكرة إنشاء مؤسسة الرقي جاءت لتلبي احتياجات المرحلة الحالية للبناء الإنساني وإيجاد عقل متعلم وقادر على تحقيق الطموحات الوطنية? وذلك تتويجا للتضحيات التي قدمتها الضالع وعموم المحافظات في سبيل إيجاد دولة مدنية حديثة قائمة على العدالة الاجتماعية وتقود إلى إحداث تنمية شاملة وناجحة. وأوضح أن مؤسسة الرقي مؤسسة أهلية غير ربحية وذات ذمة مالية مستقلة تهدف إلى بناء قدرات منظمات المجتمع المدني للقيام بدورها في عمليات التنمية المجتمعية? وتعزيز السلم الاجتماعي بما يضمن التنمية المستدامة واحترام حقوق الإنسان وتحقيق العدالة والمساواة. وأشار إلى المساهمة في تحقيق معايير حوكمة المؤسسات الحكومية وغير الحكومية? ودعم قياداتها وصناع القرار فيها بأفضل البرامج وأحدثها? وتحسين جهود مؤسسات التعليم والصحة والإعلام وطريقة أدائها? وكذا تمكين المرأة تعليميا واجتماعيا واقتصاديا وسياسيا. وقال القيادي البارز في الحراك الجنوبي? والقائد العسكري الأسبق العميد علي محمد السعدي? لـ«الشرق الأوسط»? إن التحديات التي يواجهها الجنوب هي أن نظام الاحتلال اليمني إبان عهد الرئيس المخلوع وأتباعه خلطوا كثيرا من الأوراق في الجنوب? فقد دعموا القاعدة و«داعش» بالمال والسلاح? وسلموا لهما معسكرات بكل الأسلحة والعتاد دون أبسط مقاومة? لأنهم يعرفون أن الشعب في الجنوب لا يمتلك إمكانية مقاومة الإرهاب بعد أن تم تدمير كل مؤسسات الجنوب. وأضاف القيادي السعدي أن «التحديات الاقتصادية يواجهها الشعب في الجنوب? ولكن نحن واثقون من أن الإخوة في التحالف وعلى رأسهم السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز سيكونون عونا لنا ودعما للخروج وتجاوز هذه الصعاب التي هي من صنيعة نظام الغزو والاحتلال اليمني». وأوضح أن المطلوب من قبل الرئيس هادي والحكومة أن يعيدا بناء مؤسسات الجيش والأمن الجنوبي? وأن يعيدا تأهيل القيادات والكوادر الجنوبية النزيهة التي أقصيت سابقا? وتعيينهم في السلطة في المواقع القيادية التنفيذية والعسكرية والأمنية. وقال المتحدث باسم المقاومة الجنوبية بمحافظة لحج? رمزي الشعيبي? لـ«الشرق الأوسط»? إن أبرز التحديات في الوقت الحاضر تتمثل بالجانب الأمني? مؤكدا أن الاهتمام بالجانب الأمني وبناء مؤسسة عسكرية أمنية في هذه المناطق المحررة يجب أن يكون من أولويات الجهات المسؤولة المعنية بتطبيع الأوضاع? علاوة على مساهمة المواطن في هذه الناحية المهمة. الإعلامي وعضو مؤتمر الحوار الوطني? مراد بليم? قال لـ«الشرق الأوسط»? إن تأخر إدماج المقاومة بالجيش والأمن وعدم استعادة مؤسسات الدولة وتعزيزها وانتشار السلاح والمسلحين وقلة الخدمات واحتياج الناس إلى صنعاء في كثير من تعاملاتهم وقضاء حوائجهم وغياب الدولة في بعض المحافظات المحررة وقلة الإغاثات وعدم عودة الكهرباء وتعدد الدعوات والأهداف? هي أبرز التحديات التي تواجه الجنوب.
التفاف مدني وسياسي خلف قيادة عدن لاستعادة الأمن والاستقرار
(مندب برس- الشرق الاوسط)