يحمل سكان مدينة تعز في جنوب غربي اليمن الأكياس وعلب المواد الغذائية وقوارير الغاز على ظهرهم، ويسلكون دروباً جبلية وعرة، لإيصال المساعدات إلى مدينتهم المحاصرة منذ أشهر من قبل المتمردين الحوثيين.
وتمتلئ المسارات الجبلية المتعرجة والصخرية التي تقود إلى تعز، ثالث كبرى مدن اليمن، برجال من مختلف الأعمار، ونساء مسنات، يحملون على ظهورهم أكياساً من النايلون تحوي مواد غذائية أساسية، أو قوارير الغاز، ويسلكون دروباً خطرة وشديدة الانحدار.
ويقوم بعض هؤلاء أحياناً بربط ثلاث علب من الكرتون إلى ظهرهم، مستخدمين قطعاً من القماش لربط بعضها إلى بعض، وعندما يصيبهم الإرهاق يستريحون على الصخور التي تغطي سفح الجبل. أما غير القادرين على السير في هذه المسارات الصعبة، فيعتمدون على الحمير والجمال.
إلا أن وعورة المسارات المليئة بالحجارة، وثقل الأحمال المربوطة إلى ظهرها، يجعلان بعض هذه الحيوانات غير قادرة على التحمل، كمثل حمار أسود اللون وقع أرضاً، ما تطلب من أربعة شبان على الأقل العمل على رفعه عن الأرض وحضه على إكمال السير.
حصار خانق
ويناهز عدد المقيمين في المدينة 600 ألف شخص، يدفعون منذ أشهر ضريبة الاعتداءات الوحشية والحصار الخانق الذي يفرضه الانقلابيون الحوثيون الذين تقاتلهم قوات الشرعية لتحرير المدن التي احتلوها.
وفي حين تسيطر قوات هادي على المدينة، يفرض الحوثيون وحلفاؤهم حصاراً عليها منذ أشهر، ويقومون بقصفها بشكل دوري بالمدفعية والصواريخ، تزامناً مع اشتباكات على أطرافها بين الجانبين.
وعلى رغم طلب الأمم المتحدة إدخال المساعدات إلى المدينة على هامش مباحثات سلام بين طرفي النزاع الأسبوع الماضي في سويسرا، فإن هذه المعونات لم تجد طريقها إلى سكان المدينة.
ويقول عادل الشبع، أحد سكان المدينة، وهو يلهث بعد صعوده الجبل: «هذه المواد الغذائية نحاول إيصالها إلى مدينة تعز لكي نفك الحصار».
يضيف، وهو يمسك بيديه حبلاً ربط من خلاله كيساً من النايلون إلى ظهره: «الحوثي وميليشيات المخلوع قطعوا علينا الطريق المعبد، ولذلك نحمل الغذاء عبر الجبال لنوصله إلى المدينة».
طرق وعرة
إلا أن المهمة ليست سهلة، أكان بالنسبة إلى السكان الذين يبدو عليهم الضعف والوهن على رغم اعتياد اليمنيين الحياة الجبلية الصعبة، أو حتى للدواب التي تتنقل بصعوبة نظراً إلى وعورة الدرب وثقل الحمل على ظهرها.
ويقول الشاب عمر هزاع أثناء استراحة قصيرة: «المنطقة جبلية وعرة شديدة الانحدار، ونعاني التعب الشديد أثناء التنقل».
أما سلطان عبدو الذي وضع على رأسه قبعة بيضاء وزرقاء لتقيه حرارة الشمس، فبدا عليه التعب والوهن بعد السير مسافة طويلة. ويقول: «الطريق وعر، نقطع مسافة ستة كيلومترات تحت شمس حارقة». يضيف، وهو ينظر إلى سكان آخرين يصعدون الجبل بما يشبه السلسلة البشرية: «نلتحف السماء ونعاني العطش».