محافظة صعدة هي إحدى محافظات الجمهورية اليمنية. تقع شمال غرب العاصمة صنعاء، وتبعد عنها حوالي 242 كيلو متراً، ويشكل سكان المحافظة ما نسبته 3.5? من إجمالي سكان الجمهورية، وعدد مديرياتها 15 مديرية، ومدينة صعده مركز المحافظة، ومن أهم مدنها البقع.
تعد الزراعة النشاط الرئيس لسكان المحافظة إلى جانب الاهتمام بالثروة الحيوانية، وتنتج المحافظة المحاصيل الزراعية، ومن أهمهاالحبوب والخضروات والفواكه، فضلاً عن ممارسة بعض الأعمال الحرفية اليدوية والصناعات التقليدية، ويوجد في المحافظة أنواع مميزة من أحجار البناء، وتشهد نشاطاً تجارياً نسبياً بحكم أنها تعد إحدى المنافذ البرية التي تربط بين اليمن والسعودية.
وتضم أراضي محافظة صعدة العديد من المعادن، أهمها النحاس، النيكل، الكوبلت، الجرانيت والكاؤلين المستخدم في صناعة السيراميك والورق والبلاستيك وصناعة مواد الطلاء والمطاط، ومعادن طينية تستخدم في صناعة الأسمنت والطوب الحراري والفخار ورمل الزجاج والسيلكا والكوارتز والتلك. ومعالم المحافظة السياحية متنوعة، أهمها جامع الهادي الذي ينسب إلى الإمام الهادي يحيى بن الحسين، والجبانة القديمة التي تضم العديد من القبور الإسلامية. وتضاريس المحافظة معظمها منبسطة ومناخها معتدل خلالأيام السنة.
وعرفت مدينة صعدة في النقوش اليمنية والإسلامية القديمة بهذا الاسم، وتناولتها مصادر تاريخية إسلامية مبكرة، ومنها كتاب «صفةجزيرة العرب» للهمداني.
أما مدينة صعدة الحديثة، فيرجع تأسيسها إلى القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي) حيث اختطها الإمام الهادي يحيى بن الحسين بن القاسم. ومنذ تأسيسها، شهدت تطورات حضارية أكسبتها ملامح المدينة العربية الإسلامية بتخطيطها المعماري الهندسي، وإبداعاتها الفنية، وتقسيم تكويناتها الرئيسية.
وازدهرت صعدة كمدينة علم ودين وثقافة وتجارة وصناعة وزراعة، إضافة إلى دورها الرئيسي في أحداث العصر الإسلامي الذي شهد صراعات وحروبا على الساحة العربيةعامة واليمنية خاصة.
وظلت مدينة صعدة مركزا للدولة الزيدية التي استطاعت مقاومة وحسم كل العواصف والصراعات الداخلية والخارجية، وهي الدولة الوحيدة على الساحة اليمنية التي استمرت تاريخيا، وذلك من عام 898 م حتى عام 1962، دون غيرها من الدول الإسلامية اليمنية التي ظهرت وانهارت.
وحظيت صعدة بإشارات مهمة في مؤلفات الجغرافيين والرحالة العرب وكتب التاريخ والتراجم والسير، فضلا عن المؤلفات الدينية، حيث كان لعلمائها وفقهائها دور ملحوظ في التاريخ الإسلامي وتاريخ اليمن.
ولعب موقعها على طريق الحجيج دورا مهما، فهي همزة وصل بين اليمن ونجد والحجاز، وما زالت معالم وشواهد صعدة تعكس عظمة العمارة الإسلامية وفنونها.
وفي صعدة التاريخية، قلاع وحصون إسلامية يرجع تاريخ معظمها إلى فترة حكم الوالي العثماني حسن باشا الذي استطاعت قواته أن تخضع المنطقة الشمالية للسيطرة العثمانية بعد مقتل أحمد بن الحسين وهزيمة جيشه ما أدى إلى سقوط صعدة وماتلاها شمالا حتى نجران.
في العام 2004 أعلن عن تأسيس ما كان يسمى تنظيم»الشباب المؤمن»، الذي تزعمه فيما بعد حسين بدر الدين الحوثي، وهو شقيق زعيم الجماعة الحالي عبد الملك.
أصبح تاريخ تأسيس هذا التنظيم الذي تحول فيما بعد إلى تنظيم «أنصار الله» مفتتح زمن معاناة مدينة البرتقال الحزين،التي كانت يوماً من الأيام سلة اليمن الغذائية من الفواكه والخضراوات.
تحولت أرض البرتقال، التي شهرت بإنتاج أنواع مختلفة من الفواكة مع الزمن إلى حقول ألغام وميدان معارك، وتصفية حسابات سياسية على حساب مواطنيها البالغ عددهم قرابة نصف مليون، والذين تسببت الحروب في تهجير عشرات الآلاف منهم إلى المحافظات المجاورة.
في العام 2010 توقفت سلسلة الحروب الست، وظلت مخلفات الحرب دون معالجة رغم ملايين الدولارات التي رصدت لإعادة الإعمار، وإعادة توطين المهجرين الذين ظل الحوثيون يرفضون عودتهم إلى اليوم.
وفي الوقت الذي ظن أبناء المحافظة أن زمن الحروب قد انتهى كانت الأقدار تخبئ لهم حرباً أشد ضراوة تسبب بها دخول مقاتلي الحوثي إلى العاصمة صنعاء يوم 21 سبتمبر 2014، منقلبين على كل مخرجات الحوار الوطني في البلاد التي جاءت حلاً للخلاف الذي جاء على إثر انتفاضة فبراير 2011 ضد نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي تحالف مع أعداء الأمس الحوثيين ليصفي خلافاته مع ثوار 2011 الذين أرغموه على التنازل عن السلطة بعد توقيع المبادرة الخليجية في الرياض أواخر العام نفسه.
كان انقلاب الحوثيين إيذاناً ببدء حرب لم يشهد اليمن مثيلاً لها، حيث شكلت السعودية تحالفاً عربياً لمواجهة الحوثيين الذين أحكموا سيطرتهم التامة على البلاد من صعدة إلى عدن، وقاموا بمناورات عسكرية على الحدود مع المملكة، وهددوا بغزو أراضيها.
وقد نال محافظة صعدة كم كبير من ضربات التحالف التي استهدفت مواقع الحوثيين وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح التي اتخذت من صعدة منطلقاً لشن هجمات صاروخية ومدفعية على الأراضي السعودية، الأمر الذي سبب موجة أخرى من النزوح من المحافظة، وخاصة بعد إعلان التحالف محافظة صعدة منطقة عسكرية.
وبين طموحات الساسة ومغامرات رجال الدين الملتبسين بالسياسة دفعت صعدة على طول تاريخها ثمناً باهظاً، تحولت المدينة بسبها إلى مدينة مهجورة تقتات على روائح البرتقال الذي أصبح حزيناً.
?صعدة.. أرض البرتقال الحزين
(مندب برس- القدس العربي)