ينظر كثير من المهتمين والمراقبين إلى دور القبيلة في اليمن لترجيح كفة طرف على آخر في الحرب الدائرة بين قوات الرئيس عبدربه منصور هادي المدعومة من التحالف العربي وبين قوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح وميليشيات الحوثي.
وقال أستاذ علم الاجتماع في جامعة صنعاء عادل الشرجبي لـ»السياسة»، أمس، إنه «يجب التفريق بين شيوخ القبائل وبين رجال القبائل، لأن بعض الأحزاب كانت سعت إلى استقطاب شيوخ القبائل، لأنها عندما تستقطب الشيخ فإنها ستستقطب القبيلة بالكامل، وهو ما حصل مع حزب المؤتمر الشعبي الذي يتزعمه صالح ومع حزب الإصلاح (إخوان اليمن) إلى حد ما».
وأضاف «إن هذين الحزبين هما اللذان تمتعا بالغالبية النيابية على اعتبار أن غالبية المجتمع اليمني أمي، وحتى في المواجهات العسكرية استفاد الحزبان من علاقتهما الجيدة بشيوخ القبائل، وفي ظل الأوضاع الراهنة فإن الأحزاب التي تسعى إلى التصالح مع القبيلة تحقق مكاسب سياسية».
ولفت إلى أن «الأحزاب التي تبنت موقفاً عدائياً من البنية القبلية ومن اضطهاد الشيخ للرعية ورجال القبائل، وحاولت أن تجعل العلاقة داخل القبيلة علاقة مساواة بين الشيخ ورجال القبيلة، لم تتمتع منذ عقدي الخمسينات والستينات من القرن الماضي بوجود في المناطق القبلية وخصوصاً الحزب الاشتراكي اليمني والتنظيم الوحدوي الناصري، كما أن حزب البعث تعامل مع شيوخ القبائل واستطاع أن يحقق مكاسب سياسية لكن هذه العلاقة تراجعت بعد فترة».
واعتبر «أن الاقتراب من شيوخ القبائل يعني أن تتخلى عن برنامجك للتحديث وعن مشروعك السياسي لبناء الدولة وقد تحقق مكاسب سياسية آنية لكن على المدى البعيد سيتحول الحزب إلى ما هو أشبه بالقبيلة».
وبشأن الأوضاع على الأرض سيما مع اقتراب المقاومة الموالية لهادي من صنعاء من جهة مديرية نهم، أكد الشرجبي «أن الفاعلين في هذه المسألة هم شيوخ الصفين الثاني والثالث، أما شيوخ الصف الأول ربما لم يحسموا مواقفهم بعد ولهذا فإن كل طرف من أطراف الصراع يسعى إلى التقرب منهم».
وإذ أكد أن رجال القبائل سينظرون إلى من سيكون الأقرب إلى تحقيق النصر ليقفوا إلى جانبه، أوضح الشرجبي أنه من الناحية التاريخية فإن شيوخ القبائل ظلوا على هذا النهج، مشيراً إلى أن «حركة الحوثي عندما كانت في صعدة ثم تقدمت إلى محافظة عمران دخلت في نزاعات مع كثير من الشيوخ الذين بدأوا يشعرون أن قوة الحركة الحوثية ستؤدي إلى إضعاف سلطتهم السياسية والاجتماعية».
وأضاف «إن كبار شيوخ القبائل شعروا أن الصراع سيكون بين الهاشميين والشيوخ، ولذا فإنهم يقفون مع أي قوة تقف ضد جماعة الحوثي، إلا أن المتمردين عندما تحالفوا مع صالح غيروا نهجهم، ودفع الأخير بكثير من شيوخ القبائل الموالية له للتحالف مع جماعة الحوثي ليكسبوا بعد ذلك المواقع في بعض المناطق القبلية بفعل هذا التحالف».
ورأى أن «شيوخ القبائل وخصوصاً المسجلين في مصلحة شؤون القبائل المقدر عددهم بنحو ستة آلاف شيخ والحركة الحوثية يقف كل منهما على النقيض من الآخر، لكن العلاقة بين صالح والحوثي باتت علاقة مصيرية ولن يتخلى أحد منهما عن الآخر».
وتوقع أن يغير «بعض شيوخ القبائل الموالين لصالح ولاءاتهم إذا ما اقترب الصراع من صنعاء أو داخلها، وبالتالي فإن مواقفهم ستكون مؤيدة لمن يتولى زمام السلطة وهذا ما تخشى منه الحركة الحوثية وصالح».
ولفت إلى «أن شيوخ القبائل ليسوا جماعات سياسية وليس لهم رؤية سياسية فهم من الباحثين عن مصالحهم المباشرة، إذ يريدون نظاماً سياسياً يضمن لهم الامتيازات التي كانوا يحصلون عليها إبان حكم صالح من الأموال والوظائف والسيارات والعقارات، وبالتالي فإن موقفهم من الرئيس السابق ليس موقفاً مبدئياً بل موقفا مصلحياً وإذا ضمن لهم أي طرف هذه المصالح فسيقفون معه».
وأوضح أن هادي ودول التحالف لا يريدون الوقوع في الخطأ الذي وقعت فيه القوات المصرية عندما جاءت إلى اليمن في ستينات القرن الماضي لمساندة النظام الجمهوري، حيث اعتمدت على شيوخ القبائل فأنهكوها بميزانية كبيرة، ما أدى إلى إضعاف الدولة لصالح هؤلاء الشيوخ
شيوخ القبائل الموالية لصالح سيميلون للشرعية مع وصول المعارك إلى صنعاء
(مندب برس- السياسة)