من الواضح أن فيلم «الخروج» (Exodus) لا يملك أي دليل تاريخي على صحة أحداثه، لكن هذه ليست المسألة.
منعت السلطات المصرية عرض الفيلم في مصر مؤخرًا، وبحسب ما ذكرته هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، استندت السطات في قرار المنع على السقطات التاريخية التي يتضمنها الفيلم، بما في ذلك أن اليهود هم بناة الأهرامات، وأن انشقاق البحر للنبي موسى لم يكن بسبب معجزة العصا، وإنما بسبب الزلزال.
وفنّد إيلون جيلاد، الكاتب الصحفي في جريدة هآرتس الإسرائيلية، الادعاءات التي ساقها Exodus؛ ففي الوقت الذي تم الانتهاء فيه من بناء كافة الأهرامات المعروفة، وعددها 138 في عصر الدولة القديمة والدولة الوسطى التي امتدت في الفترة ما بين 2686 و1650 قبل الميلاد، فقد شهدت الفترة ما بين القرن الـ12 والـ15 قبل الميلاد خروج اليهود من مصر؛ وهو ما يعني أن الانتهاء من بناء الأهرامات تم قبل فترة طويلة من الاستعباد اليهودي المزعوم في مصر.
وفي ذات السياق، فإن الرواية التي ساقها الفيلم فيما يتعلق ببناء اليهود للأهرامات لا تتوافق حتى مع ما ورد في الكتاب المقدس. فوفقًا لما استشهد به الكاتب من التوراة، فإن مشاركة اليهود القسرية في عمليات البناء في مصر اقتصرت على مدينتي فيثوم ورعمسيس، ولم يرد أي ذكر للأهرامات في الكتاب المقدس.
وفيما يتعلق بانشقاق البحر الذي أرجعه الفيلم إلى الزلزال، فقد اتضح أن رواية الفيلم لا تتماشى مع ما ذكرته الكتب السماوية: التوراة، والقرآن الكريم. ففي سفر الخروج في الكتاب المقدس نقرأ:
«الرَّبُّ يُقَاتِلُ عَنْكُمْ وَأَنْتُمْ تَصْمُتُونَ. فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: مَا لَكَ تَصْرُخُ إِلَيَّ؟ قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَرْحَلُوا. وَارْفَعْ أَنْتَ عَصَاكَ وَمُدَّ يَدَكَ عَلَى الْبَحْرِ وَشُقَّهُ، فَيَدْخُلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي وَسَطِ الْبَحْرِ عَلَى الْيَابِسَةِ».
وفي القرآن الكريم نقرأ في سورة الشعراء:
“فَأَوْحَيْنَا إِلَى? مُوسَى? أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ ? فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ”.
وبناءً عليه، تبعًا للمعتقدات الإسلامية، فإن الادعاء بأن النبي موسى لم يضرب البحر بعصاه لينشق هو «هرطقة»، بحسب وصف الكاتب.
ولم تقتصر الانحرافات التاريخية في الفيلم على ما ورد بشأن الأهرامات وانشقاق البحر؛ فقصة التماسيح العملاقة التي ذكرها الفيلم، على سبيل المثال، لم يرد لها أي ذكر في الكتاب المقدس.
وفي الوقت الذي أشاد فيه الكاتب بالموقف المصري من الادعاءات التي ساقها الفيلم، وتأكيده على أن ريدلي سكوت، مخرج الفيلم، قد نحا بعيدًا عمَّا جاء في الكتاب المقدس، إلا أنه أبى إلا أن ينتقد الموقف المصري ذاته من منع الفيلم بقوله: «ليس هناك أي مبرر لحظر فيلم لا يتوافق مع الروايات التاريخية، لنمنع كل الأفلام إذن».