ليس ثمة شك في أن الأخبار المتدفقة إلى الجمهور ليست كلها حقيقية، ومن يقرأها قراءة متعمقة ودقيقة يدرك على الفور ضد من تستهدف، إنها تهدف إلى مناوأة الخصم السياسي والإعلامي.
وانتشار هذه الشائعات إنما يهدف إلى تخدير الشعب، وتزوير وعيه، حتى يسهل عليه تسخيره فيما بعد من أجل تنفيذ أغراضاً وأجندة سياسية خُطط لها مسبقاً، وهذا بالضبط ما ينتهجه إعلام المليشيا ..
ولكي نسلط الضوء أكثر على هذه الظاهرة أجرينا استطلاعاً صحفياً ، وطرحناها على مجموعة من الصحفيين والكتاب كيف تنظر لإعلام الشائعات الذي تنتهجه مليشيا الحوثي ضد المعارضين لها وضد المقاومة الشعبية .؟؟
حرب نفسية
الصحفي ثابت الأحمدي، يرى أن الشائعات نوع من الحرب النفسية التي يتعمد الخصم مواجهة خصمه بعدة وسائل، ومن بينها الشائعات. وهي قديمة قدم الحروب والصراعات البشرية ذاتها، واستخدمت في العصور القديمة، كما تستخدم في العصور الحالية على خلاف في الآليات.
وأشار إلى أن استخدام الشائعات يأتي بقصد إضعاف نفسية الطرف الآخر وإلحاق الهزيمة به معنويا؛ لأن الجانب المعنوي للجندي المقاتل عامل مهم وأساسي في حسم المعركة وتحقيق النصر، وكل الهزائم العسكرية في التاريخ العسكري قد ابتدأت نفسيا قبل أن تبتدئ على أرض الواقع.
وأضاف الأحمدي بقوله: "إن من يقرأ ما كتبه جوبلز وزير دعاية القائد النازي هتلر، يدرك مدى الدور الذي لعبته الحرب النفسية والجهد المبذول فيها، بصرف النظر عن نتائج تلك المعركة.
وأكد أن ما يستخدمه الحوثي وصالح من حرب دعائية أو معلومات تضليلية أو محاولة إضعاف الجانب المعنوي يأتي في هذا السياق، وهو أمر طبيعي وغير مستغرب في كل الحروب.
واستدرك بقوله: "غير أن الأهم في العملية هو مواجهة هذه الدعايات، وتفنيد أباطيلها والرد عليها، وليس ذلك فحسب، بل مهاجمته بالدعايات لينشغل الخصم بالرد بدلا من أن يصنعها هو".
التظليل الممنهج
من جهته الكاتب والباحث جمال المليكي، قال: "يعتمد إعلام الحوثي منذ بداياته على المغالطات المناطقية والتظليل الممنهج .
وأضاف، "باعتقادي ليس هناك إعلام مضاد يفكك هذه المغالطات كما ينبغي، كما أن تسارع الأحداث كان أحد عوامل عبور هذه المغالطات دون تفكيك".
وأشار إل أن "الأمر الوحيد الذي يفكك هذه الدعاية الاعلامية للحوثيين هي تحركاتهم على الارض، لو كانوا أذكى بتحركاتهم على الارض لكانوا انجح في إقناع المجتمع".
تزييف الحقائق
الناشط صالح السلامي، في حديث لـ«مندب برس» قال: "لا يستطيع الحوثي ومن معه ميليشيا عفاش المواجهة والصمود بدون تضليل أفراده ومن يقفون معه".
وقال السلامي: "إن الحوثيون وأنصار المخلوع يحتاجون للخداع وتزييف الحقائق كحاجتنا للهواء، ولإن من يقفون معهم معظمهم لا يفقهون من العلم سوى التعصب لذلك يرون أنه من الضروري تضليلهم لبقاء المتواجدين معهم صامدين ولمن لايزال غير مصدق بهم يؤمن بهم".
السلاح المدمر
بدوره الصحفي والناشط السياسي حمزة الجبيحي، قال: "إن إعلام الشائعات الذي تنتهجه ميليشيا الحوثي في حقيقة الامر هو ليس إعلامها، وانما اعلام المخلوع علي صالح فهو يمتلك مطبخا اعلاميا ضخما يحتوي نخبة من الاعلاميين المحترفين يمنيين وغير يمنيين ممن هم عبيد للدينار والدرهم وعديمي المبادي ومنزوعي الضمير!، فهؤلاء هم من يبثون سموم المخلوع عبر الشاشة والأثير والانترنت والورق! (مرئيا ومسموعا ومقروءا والكترونيا).
وأشار إلى أن المخلوع صالح، "لم يعد لديه من سلاح يغطي به حقده وانتقامه على اليمن واليمنيين سوى إعلام الشائعات، وكل ذلك بشماعة الحوثي".
وأضاف الجبيحي بقوله: "أما الحوثي، ومن شدة غبائه المستفحل، فلا أظن انه يعلم بان هناك مصطلحات اسمها (إعلام - سياسة - اقتصاد - مصلحة شعب - ...الخ)، لأنه إن كان يعلمها أو احدها لما كان وصل إلى ما وصل إليه من مستنقع لزج أنهى فيه نفسه وحركته وجماعته وأنصاره والى الأبد!".
وقال: "انظر لإعلام الشائعات للحوثي والمخلوع أنه السلاح المدمر الذي ساعدهم ويساعدهم ببقائهم كابوس على اليمن واليمنيين لأطول فترة ممكنة إلى أن تنتهي آخرة قطرة دم يمنية وآخر ذرة من إنسانية.. ثم.. ثم.. الطوفان من بعدي!!!!!.. هذا هو لسان حالهم.!.".
ساقط مهنياً وأخلاقياً
ووصف عبدالملك المسوري، إعلام مليشيات الحوثي والمخلوع صالح بقوله: " إعلام ساقط من الناحية المهنية، كاذب من الناحية الأخلاقية، مجرم مثله مثل الرصاصة الذي تقتل".
من جهتها الإعلامية منى الفقية: "تبدو شائعات مدروسة خطواتها بعناية وناتجة عن مطابخ إعلامية صُنْعت لذلك، بل ودربت بعناية أن توجه سهامها لشعب تجرع الجهل سنوات، وأصبح كالقالب المستعد أن يمتلئ بمثل هذه الأشياء".
واستدركت قائلاً: "لكن هناك من تجاوز مراحل التجهيل هذه وأصبح يعي حقيقة هذه الشائعات ولا يتأثر بها".
ومن الناحية الأخلاقية قالت منى" أخلاقيا نجدها مجردة تماما من كل ما يمد للأخلاق بصله، كما أن الإعلام بمجملة لهذه الفئة أصبح إعلام شائعات وهي الوسيلة التي يلجأ لها دوما من يشعر بالإفلاس وحالة الانهيار".
سنة أهل الباطل
الناشط أحمدسالم ، ينظر للموضوع من زاويتين: "الأولى، احتراف وإبداع وتميز فالإعلام الذي يحرك الناس ولو كان مبني على شائعات، وهو يؤثر ويسمع له صدى وقبول في حد ذاته إبداع واحتراف".
"وأما الزاوية الثانية، فليس لهم غير الإشاعة مصدر فكيف لانقلابي وغير شرعي ومشروع طائفي منبوذ وضعيف والعالم كله ضده أن يجد غير الكذب لتسويق نفسه وهذه هي سنة أهل الباطل يتوارثوها جيلا عن جيل".
مطبخ خاص.. شق الصف
لا تستغرب هناء ذيبان، تعرضت المقاومة لحرب شائعات, ينظمها مليشيا الحوثي وعفاش, و التي أعد لها مطبخ خاص, تصدر منه بين فينة وأخرى، حسب قولها.
وقالت: "لا شك أن الشائعات كان لها الأثر الكبير في الحروب والنزاعات, بل واستخدمت كوسيلة لخلخلة الصفوف وزعزعتها".
وأضافت: "إنها الحرب النفسية والإعلامية, والتي هي في نظري أكثر خطورة من الحرب في ساحات المعركة, فهي تعتمد على بث الإشاعات والأنباء الكاذبة والدعايات المغرضة, التي تهدف إلى النيل من المقاومة وقياداتها الوطنية, بغية شق الصف وزرع الفتنة بين مكوناتها".
واستشهدت بقولها: "مثال على ذلك قصة بيت الرميمة, وما أشاعه إعلام الحوثي وعفاش عن التنكيل والقتل الذي تعرضت له هذه الأسرة على أيدي المقاومة".
وقالت: "مثل هذه الشائعات تؤثر بشكل أو بآخر على تأييد المجتمع للمقاومة, وبث الفرقة بين قواها المختلفة".
وأشارت إلى أن " الإشاعات تتزايد كلما ضيقت المقاومة الخناق على مليشيات الحوثي وعفاش, ولن تنتهي هذه الإشاعات".
وقالت: " لزاما على قوى المقاومة, والجيش الوطني ومناصريهم أخذ الحيطة والحذر, وتشكيل فريق إعلامي عمله الرد على هذه الإشاعات ودحضها".
سلاح فتاك
من جانبه قال القاص محمد علي البارع، إن الأخبار هي عبارة عن أفكار يتم توجيهها إلى جماهير الشعب بمختلف فئاته وشرائحة من أجل إعلامهم بما يجري وما يدور سواء على مستوى الداخل أو الخارج.
وأضاف قائلا : " وبما أن الأخبار هي أفكار فإن الأفكار هي سلاح وسلاحاً فتاكاً عندما تستخدم على النحو الذي يريده المستخدم .. وكما أن الدائر في اليمن هي حرب فإن جميع الأسلحة مشروعة بما في ذلك سلاح الإعلام".
وقال " كثيرا ما تستخدم الشائعات وخصوصاً الطرف الذي يتعرض للطرق والسحب في أرض المعركة - وأعني بذلك مليشيا الحوثي وصالح - ، ولكي يغدو هذا سلاحاً فعالاً يعود لهم بالفائدة ، فيجب أن يكون متضارباً مع الإتجاه الطبيعي للحياة ومتعارضاً مع حقائق الواقع ، مثل هذه الخطوة يمكن أن تحدث إرتباكاً ، لكنها تعمل على تحقيق السيطرة على الرأي العام ، - وهذه ما يريده إعلام الحوثي وصالح - فإذا تمت السيطرة على الرأي العام كان الشعب أكثر انسياقاً وراء تحقيق الخطط المطبوخة في كواليس إرادة صاحب الشائعة".