لإيران تاريخ حافل من الهجمات ضد السعودية، بل تجاوز الأمر إلى استهدافها شخصيات عامة وساسة، من بين ذلك المؤامرة الفاشلة في أكتوبر/تشرين الأول 2011، في محاولتها اغتيال السفير السعودي في واشنطن، آنذاك، عبر تفجير المطعم الذي كان يتردد عليه.
خبراء ومحللون أكدوا أن الهجمات الإيرانية ضد السعودية ترجع تقريباً إلى بداية تأسيس نظام الملالي، ثم تطورت الهجمات شيئاً فشيئاً، حتى باتت تستعرض إيران بجيشها الإلكتروني الذي يستخدم أدوات القرصنة لتعطيل مصالح الدول، الذي قام بعدة هجمات داخل السعودية وبعض البلدان الخليجية الأخرى.
وفي هذا الخصوص، أكد أستاذ الإعلام السياسي بجامعة الملك سعود، الدكتور محمد البشر، لـ"الخليج أونلاين"، "وجود جيش من الإيرانيين المستعربين أو من العرب الذين يشنون هجمات إلكترونية على السعودية ودول الخليج، حيث تقوم إيران بالإنفاق عليهم وتمويلهم، سواء كان هؤلاء في لبنان أو اليمن أو في مناطق أخرى".
ويعزز ما قاله البشر تغريدة الإعلامي جمال خاشقجي عن وجود خلية إلكترونية تحاول ترويج أكاذيب عن قطر حول الاتفاقية الأمنية الموقعة مع إيران، فقال:
- وفي التاريخ عبرة
على الرغم من عدم الإعلان رسمياً عن ضلوع إيران مباشرة في حرب إلكترونية، فإن المسؤول الأمريكي جيمس لويس، بمركز الدراسات الاستراتيجية الدولية، أكد أن الوكالات الحكومية الأمريكية توصلت إلى ضلوع إيران في تدبير فيروس شامون الذي أدى إلى شل عشرات الآلاف من أجهزة الحاسب في الشركة السعودية أرامكو وشركة رأس غاز القطرية للغاز الطبيعي، وفقاً لما ذكرته وكالة فرانس برس.
ففي 13 أبريل/نيسان 2015، شن مخترقون موالون لمليشيات الحوثيين هجوماً إلكترونياً أدى إلى تعطل الموقع الإلكتروني لصحيفة الحياة اللندنية. ونشر القراصنة الذين أطلقوا على أنفسهم اسم "Yemen Cyber Army" صورةً لزعيم مليشيا حزب الله اللبناني حسن نصر الله، بخلفية سوداء، تضمنت رسالة باللغة الإنجليزية موجهة إلى السعودية، وفي الأعلى "علم السعودية"، وكُتب باللغة العربية: "بكلمتين، جهزوا ملاجئكم"، كما ظهر شعار مليشيات الحوثي.
كذلك، في أغسطس/آب 2012، عطَّل الفيروس "شامون" آلاف أجهزة الحاسب في الشركة السعودية للنفط "آرامكو"، واستغرقت الشركة 11 يوماً لتحديد هوية المهاجمين، ولم تتهم أي طرف، في حين تبنت مجموعة أطلقت على نفسها اسم "سيف العدالة البتار" مسؤوليتها عن الهجوم الإلكتروني بأرامكو، وأرجعت سبب الهجوم إلى أن السعودية هي المسؤولة عن "جرائم وفظائع" في عدة دول منها سوريا والبحرين.
المتحدث الأمني باسم وزارة الداخلية السعودي، اللواء منصور التركي، أعلن آنذك أن فريق التحقيق المشترك من الوزارة وأرامكو "تمكن من التوصل إلى نتائج متقدمة ومشجعة، فالهجوم شنته مجموعة منظمة من خارج المملكة ومن عدة دول"، إلا أنه امتنع عن الإفصاح عن المزيد قائلاً: إن "مصلحة التحقيق تقضي بعدم الكشف عن أي نتائج"، وفقاً لما ذكره موقع الاقتصادية السعودي في ديسمبر/كانون الأول 2012.
وفي أغسطس/آب 2012، اكتشفت شركة "راس غاز" القطرية، ثاني أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، فيروساً في شبكة أجهزة الحاسب الإدارية، ولم يُعلن مصدر الفيروس الذي أطلق من الخارج.
وفي مايو/أيار الماضي، نقلت وكالة الأنباء السعودية (واس) عن مصدر مسؤول في المركز الوطني للأمن الإلكتروني بوزارة الداخلية قوله: إن "العديد من المواقع الإلكترونية الحكومية في المملكة- ومن بينها موقع بوابة وزارة الداخلية- تعرضت خلال الأيام الماضية لهجمات إلكترونية منسقة ومتزامنة".
- تصريحات إيرانية للاستعراض
وتسعى إيران، منذ عقود، إلى ترسيخ فكرة أنها أكبر الجيوش الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط باستثناء إسرائيل. من ذلك ما قاله نائب ممثل المرشد الأعلى في الحرس الثوري العميد محمد حسين سبيهر، فإن "الحرس الثوري يمتلك رابع أكبر قوة إلكترونية في العالم"، بل أشار البعض إلى أنه "كان من حيث الحجم في وقت من الأوقات الجيش الثاني عالمياً بعد الصين".
وفي عام 2009، وتزامناً مع الانتخابات الرئاسية آنذاك، انطلقت مجموعة إيرانية أطلقت على نفسها اسم "الجيش الإلكتروني الإيراني" (ICA)، واعتبر المحللون أن هذا التوقيت كان بمثابة العمل الحقيقي والرسمي للجيش الإلكتروني الإيراني، حيث عزمت السلطات الإيرانية على عزل وتفكيك أنشطة المعارضة "الحركة الخضراء" في الداخل، حيث كان الإنترنت هو الوسيلة الأكثر فعالية في التواصل بين أعضاء الحركة وإمكانيتهم في التواصل مع الخارج.
أما في مارس/ آذار من العام 2013، فأعلن المرشد الأعلى علي خامنئي إنشاء المجلس الأعلى للفضاء الإلكتروني، الذي يضم رئيس البلاد، والمتحدث باسم البرلمان، ورئيس القضاء الأعلى، وقائد قوات الحرس الثوري، وقائد قوات الشرطة، وممثل خامنئي في المجلس الأعلى للأمن القومي، والمسؤولين عن قطاعات البث الرسمي وتكنولوجيا المعلومات والعلوم.
- السايبر الإيراني وتجنيد محترفين
وفي عام 2011، أطلقت إيران عملاءها لتجنيد قراصنة محترفين، بإغرائهم بمبالغ مالية طائلة، للعمل ضمن فريق الجيش الإلكتروني أو السايبر الإيراني، وعزز من صحة خطوات التجنيد، ما قاله العضو السابق في الحرس الثوري الإيراني، محسن سازيغارا، من أن النظام الإيراني يدفع حوالي 10 آلاف دولار شهرياً لهؤلاء.
ووفق تقارير إسرائيلية، فإن إيران رصدت، على الأقل، مليار دولار للحصول على تقنيات وتكنولوجيا، وتجنيد وتدريب خبراء لتطوير قدراتها في الحرب الإلكترونية، عزز ذلك ما صرح به العميد "قولامريزا جلالي" من أن بلاده ستقاتل العدو حتى في الفضاء الإلكتروني وعبر حروب الإنترنت.
*الخليج اونلاين