من يقلب صفحات التاريخ اليمني سيجد معظم الأحداث والتغييرات تمت على أيدي أبطال القوات المسلحة، وبعد قيام الثورة اليمنية المباركة 26سبمتبر و14 أكتوبر وما إن وضعت الحرب أوزارها وتنفس الشعب والجيش الصعداء كان الهم الأكبر من الأحداث والمجريات هو بتحقيق أهداف الثورة وترجمتها على أرض الواقع وبناء جيش وطني قوي لحماية البلاد ، إلا أن صالح بعد سنوات من الثورة قد عمل جاهدا على خيانة أهم أهداف الثورة وعمل بكل جهد من أجل تغيير دور القوات المسلحة.
العسكري صالح الذي تحول إلى ضابط في الجيش، بعد وصولة إلى كرسي الرئاسة ، عمد إلى تحويل مؤسسة الجيش من مؤسسة مستقلة مهمتها حماية البلاد إلى مؤسسة فردية تخضع لحكمة العسكري ،قابلة للتوريث .
كان المخلوع صالح ضابط في تعز يدير سرية عسكرية مكونة من عدد من الأفراد حسب ما أورده زملاؤه العسكريون آنذاك وإبان تولية الحكم تحول إلى رجل حاقد وناقم تعمد سياسات الإقصاء والتهميش والانتقام .
ركز صالح في فترة حكمة على مؤسسة الجيش ليس لتطويرها وإنما هدف آخر كان في مخيلته هو استمراره لفترة طويلة في هرم السلطة وفعلا حقق كل مآربه على مدى ثلاثة وثلاثون عام .
سرح كثيرا من الضباط والقادة العسكريون الجنوبيون وأقصاهم من وظائفهم ، عمل على تكريس المناطقية وجعل الأولوية لأبنائه وأبناء قبيلته ورمى بكل الاتفاقيات في قيام الوحدة اليمنية. انتقم من بعض المناطق العسكرية التي شكلت بعد قيام ثورة سبتمبر وأكتوبر كالمنطقة العسكرية الشمالية الغربية وألويتها المتفرعة في محافظات الجمهورية حيث عمل على تفريغ عدد من ضباطها.
كما همش صالح مناطق عسكرية كانت تشكل خطرا على حكم التوريث وشكل وحدات عسكرية أخرى يديرها نجله (أحمد) كالحرس الجمهوري واختزل كل شيء في وحدات الحرس وفرغ بقية المناطق العسكرية وألويتها من أعمالها وشتت بأفرادها .
حروب عبثية انتقامية
لم يكتفي صالح بتفريغ تلك المناطق وتهميشها بل فتح حروب عبثية انتقامية راح ضحيتها ستون ألف جندي ما بين ضابط ومساعد وفرد في حروب صعدة الست في الشمال وتنظيم القاعدة في الجنوب وقال محللون أن صالح كان هدفه من تلك الحروب الحصول على الأموال والانتقام من المنطقة الشمالية العسكرية الغربية التي كانت تشكل خطرا كبير عليه وعلى ابنة أحمد .
أوضاع لجندي اليمني فترة حكم صالح
ظل الجندي اليمني فترة حكم صالح مضطهدا مجهول الهوية راتب ضئيل لم يكفي لسداد إيجار منزل في مدينة له ولأولاده فكيف ،بمبلغ خمسة وعشرون ألف ريال يمني كانت راتباً لجندي يحارب في صعدة بعيدا عن دياره.
ويتحدث لـ "مندب برس" العقيد ي . ح أحد الضباط المنطقة العسكرية الشمالية الغربية والذي شارك في حروب صعدة قائلا لم أنسى تلك المعاناة والجراح التي تؤلمني أحداثها وذكرياتها فقد استبسل جنود المنطقة استبسال قوي وكنا كلما سيطرنا على موقع نتفاجأ بأوامر الانسحاب فوراً من قبل المخلوع حيث استطاع الحوثيين قتل أفرادنا .
الجندي مجهول الهوية ظل في حروب صعدة يعيش متخفياً يقتل ويجرح ولم نستطيع مكافأته نظرا لشحة الإمكانيات المادية التي كانت وزارة الدفاع السبب الأول في تأخير الدعم وقطع مرتبات بعض الأفراد .
كان الجندي في الحروب لا يستطيع السفر لزيارة أولاده فقد كان يعيش في طوارئ متواصلة وإمكانيات ضئيلة .
إهمال متعمد بعهد هادي للجنود مهد للانقلاب
في ثورة فبراير التي خرج فيها اليمنيون استبشر جانب من جنود الجيش اليمني والتحقوا بركب الثورة مؤيدين ومباركين لها.
في عهد هادي الذي كان نائباً لصال أثناء فترة حكمه وأصبح حاليا رئيسا لكل اليمنيين وقائدا للقوات المسلحة والأمن إهمال للجندي اليمني فقد أعطى وزيره بوزارة الدفاع كل التصرف في ذلك الإهمال كما سهل للانقلابيين الوصول إلى صنعاء. لم ينزل الرئيس هادي للمعسكرات ليطلع على هموم العسكر ومعاناتهم فكل من أيد ثورة فبراير يستحق الإهمال والعقوبات بل استخدمت في عهد هادي أشد العقوبات موزعه ما بين التفريغ ،التسريح ،الإقصاء، الإهمال .
كما عمل هادي على تقسيم المناطق المؤيدة للثورة وقسم ألويتها إلى فروع ووحدات ونقل البعض منها على وحدات الحرس الجمهوري فكان مصير لواء أنصار الثورة الذي شكل لحماية المعتصمين نقل إلى محافظة البيضاء فور وصولة هناك أستبدله هادي وأصدر قرار بإفراغه من عملة .
ومن هنا زادت معاناة جنود الثورة المؤيدين والمجندين منهم. فالبعض فقدوا مرتباتهم والبعض عمدت الوزارة إلى تأخير رواتبهم وتسقط الأسماء نهائيا في بعض الحالات. بل وصل الأمر بموظفي وزارة الدفاع لمخاطبة بعض الأفراد بالذهاب إلى الناشطة في الثورة الشبابية توكل كرمان من أجل أن تعطيهم رواتبهم، حيث قال الموظفون "أصحاب توكل تستاهلوا خلو توكل تصرف لكم الرواتب" .
وهكذا استمرت المعاناة حتى يتم دفع الجندي المؤيد للثورة أن يكره اسم الثورة ويتمنى عوده زمن صالح .
"عبده محمد شوعي حوذان الحرجوج" أحد أفراد اللواء الرابع والذي انضم إلى ثورة فبراير مما تسبب بانقطاع راتبه ثم أنظم إلى لواء أنصار الثورة هو وعدد من زملائه وبعد تسوية المبادرة الخليجية وإبان حكم الرئيس هادي انقطع راتبه من قبل وزارة الدفاع. قدم الحرجوج عدة مذكرات وأستخرج أوامر من وزير الدفاع محمد ناصر احمد وتم التحقيقات معه ولكن الإداريين بوزارة الدفاع تعاملوا معه باستخفاف ولاقى عبارات سخريه وتهكم من قبل موظفي شؤون وزارة الدفاع .
لم يعطي هادي للجندي اليمني أي اهتمام فمجندو ثورة 2011 بالفرقة الأولى مدرع لم يجدوا الاهتمام الكامل كالآخرين من زملائهم في الحرس الجمهوري والذين جندهم صالح وتم اعتمادهم بشكل رسمي في ذات الفترة. كما تم تسريح عدد من المجندين في الفرقة الأولى مدرع.
كما أن مجندي الحرس الجهوري الحديثين هم من قادوا أول شرارة للانقلاب وتم توزيعهم في كل من عمران وصنعاء تحت قيادة أبو علي الحاكم كما تحدث احد الضباط بالحرس الجمهوري لـ"مندب برس" ورفض الكشف عن اسمه ويدعى "ع.ط." مؤكدا أن الكتائب التي تم تجنديها في 2011 في الحرس الجمهوري قام نجل صالح بتكليف أبوعلي الحاكم لقيادتها وضلت تلك الكتائب تحت أوامره ولم يعمل هادي على توزيعها كما حصل بمجندي الفرقة الأولى مدرع التي وزعت على عدد من الألوية والوحدات العسكرية .
استطاع الانقلابين تنفيذ مخططاتهم وحاصروا اللواء 310 لواء الشهيد القشيبي وقتل قائدة في ظل صمت وسكوت من الرئيس هادي .
وقال احد الضباط في اللواء 310 أن أسباب الانقلاب تمثلت في إهمال الرئيس هادي و وزير الدفاع للواء والمعاملات التي مورست ضد الجنود المؤيدين للثورة والمجندين فكانت كل هذه الأساليب ممنهجة مهدت للانقلاب .
معاناة في عهد سيد المليشيا
لم يكتفي الحوثي زعيم المليشيات الحوثية بطرد الجنود من معسكراتهم بل أطلق على جنود الفرقة دواعش محسن ومورست الاقصاءات وعملية الاختطاف لعدد من الضباط والجنود وفرض عدد من اللجان الرقابية لكيفية سرقة راتب الجندي في حالة غيابة ولجان فرضت على المنطقة العسكرية السادسة وألويتها المتفرعة. ورغم أن الجرحى والشهداء أكثر المتضررين لكن لجان الحوثي لا تفرق بين الجريح ولا الضابط ولا الجندي ولا حتى أسر الجنود الشهداء.
ع. الصبيحي أحد ضباط اللواء 25 ميكا تعرض لإصابة وهو يدافع عن الوطن في جنوب اليمن أبين من قبل عناصر القاعد، فقد عمدت مليشيا الحوثي إلى توقيف راتبه . ويقول أحد الجنود لـ"مندب برس" أن الجندي الصبيحي جاء من محافظة الضالع إلى صنعاء باحثا عن راتبه الذي تم قطعه الأمر أشتد كثيرا عليه في العاصمة بعد تلقيه عدة مواعيد دون أي تنفيذ، حيث بقي الجندي منتظرا للجنة المكلفة بالنظر في قضايا العسكريين أمام حديقة الثورة عشرة أيام حتى أنه افترش كرتونا لينام أمام الحديقة في الوقت الذي يعاني فيه من إصابة في القدم ويستخدم عكازا.
ليس هو الجندي الوحيد ولكن الآلاف من ابنا ء المنطقة السادسة أيضا يبحثون عن رواتبهم .
شرعية هادي لم تعطي الجندي حقوقه
في ظل بقاء الشرعية وبعد أن استكملت عملية الانقلاب وبدأت الحرب تشتعل نيرانها تسابق الضباط الأحرار والجنود اليمنيين للدفاع عن شرعية هادي وحكومته في كل جبهات القتل جنوباً وشمالاً وشرقا وفي كل مكان. وسطر الجندي أروع نموذج بطولي ودحر مليشيات الحوثي من جنوب اليمن ومأرب ويستمر في القتال في تعز والبيضاء. وهاهو الجندي لا يزال في الشمال يضرب في المترس وعلى عربته العسكرية أروع الأمثلة في التضحية والنضال.
يقف متحدياً لمليشيات الانقلاب في تعز وشبوة ومأرب وغيرها ، عسكريون مدربون من كل المناطق العسكرية رصدتهم المليشيات وقطعت رواتبهم واستخدمت اللجان ضدهم لترصد من هم في صف الشرعية.
ويقول جنود لـ"مندب برس" أنه ولمدة ثلاثة أشهر وجنود الشرعية مهملين في ظل تواجد شرعية هادي المدعوم دولياً لكن جندي الشرعية الذي أوقفت مليشيات الحوثي والمخلوع صالح راتبه العسكري والذي تنتظر أسرته لراتبه لا يعرف ما يعمل ولا لمن يقدم خطابه ومناشدته.
ويؤكد الجنود في حديثهم عن حال الجندي في جبهات الشرعية "أنه جندي مجهول ومع كل هذا يقاتل حتى ينتصر وبنصر الله ، حيث سطر أروع مثلاً في مأرب أبناء القوات المسلحة من جنود الشرعية.
وتحدث لـ"مندب برس" الضابط "ب.ظ." من ساحة المعركة في مأرب عن المعاناة واللامبالاة التي تلاحق جنود القوات المسلحة المخلصين الذين رفضوا الظلم ووقفوا ضد الانقلاب قائلا "نحن اليوم ثلاثة أشهر من المعاناة بدون رواتب لا ندري لماذا هذا الإهمال والتقصير كيف يريد هادي عودة الشرعية وهو على هذا الحال كما كان سابقاً فقد قطعت المليشيات رواتبنا حتى أننا لم نستطيع العودة إلى بيوتنا أو للمعاملة في وزارة الدفاع التابعة للانقلابيين ". ويضيف بحسرة "أولادنا بدون دقيق بدون مصاريف".
وقال الضابط "ها أنا اليوم أوجه نداء إلى الرئيس هادي وحكومته أولا وأقول له: الآلاف الجنود والضباط بدون رواتب عليك أن تصلح النية أولا وتولي الاهتمام لمنهم أصحاب الأولية فنحن ندافع عن شرعيتك التي انقلبت عليها المليشيات فخذلانك لنا هزيمة لشرعيتك أيها الرئيس ".