بعد قرابة 6 أشهر من بدء عاصفة الحزم العربية لاستعادة الشرعية في اليمن وإنهاء الانقلاب الحوثي، والدور العماني يلقي بظلاله على مجريات الأحداث في اليمن والمنطقة الخليجية، ويعود ذلك للاستقلالية التي تتمتع بها الدبلوماسية العمانية ونشوزها منذ زمن عن السياسة التي تنتهجها دول مجلس التعاون لخليجي بشكل مستقل أو كمنظومة خليجية موحدة.
لكن دخول عمان في مواجهة علنية مع السياسة العربية الموحدة ووقوفها على يسار دول مجلس التعاون، حيث لم تدعم مسقط شرعية الرئيس «هادي»، كما تغيبت عن اجتماعات مجلس التعاون الخليجي فيما يتعلق باليمن، ولم تشارك في عمل الإغاثة الإنسانية التي تقودها الأمم المتحدة، علما بأنها الدولة الخليجية الثانية بعد السعودية والتي تتشارك بحدود مع اليمن.
تورط عمان
عادة ما تلتزم سلطنة عُمان الحياد والصمت حيال تطورات المنطقة العربية والإقليمية، مستندة بذلك إلى سياساتها في عدم التدخل بشؤون الآخرين، والانضمام لطرف على حساب آخر، حتى لو كانت اللحظات التي تمر بها الدول حرجة جدًا.
ومؤخراً طفت على السطح تسريبات إعلامية تتحدث عن تورط عمان في تهريب الأسلحة والصواريخ للحوثيين عبر الحدود الشرقية لليمن، خصوصاً بعد فرض التحالف سيطرته الكاملة على طول الشريط الساحلي والحدود الشمالية لليمن، والحظر الجوي والبري الذي حد من قدرة الحوثيين على الحصول على أسلحة وذخيرة من إيران ومافيا الأسلحة العالمية .
لكن تدخل عمان ورعايتها للمفاوضات الأممية بين أطراف الصراع في اليمن أكثر من جولة جعل لكثير من الأسيلة تتردد في وسائل الإعلام عن مصلحة السلطنة في إنقاذ الحوثيين وتقريب مواقفهم من الشرعية ومطالب عمان وإيران المتزايد من أجل إيقاف الحرب والعدوان على اليمن.
دور السلطنة في اليمن
يقول المحلل السياسي عباس الضالعي، أن الدور الذي تلعبه سلطنة عمان في الأحداث في اليمن هو دور بالنيابة عن قوى إقليمية ودولية وتحديدا إيران وحلفائها مثل روسيا ودول أوربية وحتى أمريكا نفسها، الدور العماني دور مزدوج لكنه يميل إلى تحقيق كفة الجانب الإيراني الذي يسعى لخلق نفوذ مفروض بالقوة العسكرية ، وعمان بحكم علاقتها المميزة مع إيران تميل إلى تحقيق المصالح الإيرانية في المنطقة وهذا واضح من خلال تحول مسقط عاصمة بديلة للقوى الداعمة لإيران سياسيا واقتصاديا .
وعن تهريب الأسلحة يؤكد الضالعي، أن تهريب الأسلحة والخبراء الإيرانيين والتابعين لحزب الله لليمن لم يعد أمرا مخفيا على احد والسلطات الرسمية لديها الأدلة الكافية على تورط عمان بعدد من عمليات التهريب وقد ضبط بعض الشحنات التي تحتوي على معدات لوجستية ومنظومة اتصال وغيرها.
وقال الضالعي لـ«مندب برس» أن الحدود العمانية مع المهرة تعتبر نقاط آمنة للتهريب وقد سبق ونشرت قبل أكثر من عامين عن دخول مجاميع من دول خليجية من سلطنة عمان وتهريبهم إلى محافظة صعده للالتحاق بمعسكرات التدريب التابعة لجماعة الحوثي ومن ضمن تلك المجاميع مواطنين سعوديين وكويتيين وقطريين وبحرينيين وإماراتيين .
وأضاف : اليوم تعتبر منطقة حوف هي النقطة المخصصة لتهريب الأسلحة والمعدات والخبراء ويتم التهريب بإشراف قيادات محلية نافذة في المهرة وعلى رأسهم وكيل المحافظة علي سالم الحريزي الذي يعتبر من أهم رجال الرئيس السابق علي صالح والاستعانة بعدد من رجال التهريب المحترفين.
وأشار عباس الضالعي إلى وجود عدد كبير من رجال المخابرات بمحافظة المهرة، أغلبهم موالين للرئيس السابق ويشرف عليهم وكيل جهاز الامن القومي السابق عمار صالح وبسكوت من الرئيس الحالي للجهاز علي الاحمدي إضافة إلى عدد من القيادات الحوثي الأمنية.
غموض ونشوز عماني
من جهته قال الكاتب والصحفي عبدالله المنيفي، أن سلطنة عمان تنفرد بسياستها وتعزف عزف منفرد عن بقية دول مجلس التعاون الخليجي، وهذا ليس في الشأن اليمني فحسب ولكن ظهر ذلك في قضايا أخرى، وهي في اليمن تحاول إمساك العصا من المنتصف إن لم تكن تميل إلى الجهة التي يمثلها طرفي الانقلاب، وربما أن علاقتها الطرف الأول الحوثي يأتي من علاقاتها مع طهران، وأما علاقتها بالطرف الثاني «صالح» فهي علاقة قديمة عمرها ثلاثة عقود.
وأشار المنيفي إلى أن تورط عمان في تهريب الأسلحة للحوثيين، في ظل الدور الذي تلعبه في إنقاذ الانقلابيين كلما اشتد عليهم الخناق.
وأوضح المنيفي أن الدور العماني يشوبه الغموض في جزء كبير منه، فالسلطنة تريد إعادة الانقلابيين إلى المشهد السياسي بعد كل ما ارتكبوه، وتقليل الكلفة عليهم، وهذا له ارتباط بعلاقتها الوثيقة مع طهران على حساب وحدة القرار الخليجية، وفي جانب آخر فهي تحاول لعب دور العضو الأكثر عقلانية في إطار مجلس التعاون.
بالنسبة لما يتعلق بانفراد القرار العماني عن الدبلوماسية الخليجية، فهذه ليست المرة الأولى، فقد ظهرت السلطنة تتجه بعيداً عن الاجماع الخليجي في مرات سابقة، وأحيانا الظهور بمظهر اللاموقف.
وعن علاقة السلطنة بالحكومة الشرعية فيؤكد الصحفي المنيفي أنه «علاقات شكلية لا تتعدى المجاملة، فلم تظهر عمان موقفاً واضحاً من شرعية الرئيس هادي وحكومته رغم محاولتها جمعهم مع الانقلابيين على طاولة حوار، وهو ما يعني أن لها أجندة مختلفة جداً عن الأجندة الخليجية، أبرز ملامحها أنها لا ترى في أطماع إيران وسعيها لبسط نفوذها في المنطقة خطراً على مصالحها».