الرئيسية > اخبار وتقارير > سيرة تَنَكُّر ابتدأها "بقتل قائده" ومحاربة صانعة "حصانته".. صالح يعرض آخر حلفائه  للبيع (تقرير)

سيرة تَنَكُّر ابتدأها "بقتل قائده" ومحاربة صانعة "حصانته".. صالح يعرض آخر حلفائه  للبيع (تقرير)

سيرة تَنَكُّر ابتدأها "بقتل قائده" ومحاربة صانعة "حصانته".. صالح يعرض آخر حلفائه  للبيع (تقرير)

منذ بداياته الأولى، وانتقاله من مرحلة الجندية، إلى أن أصبح ضابطا، وقائدا عسكريا، في الجيش اليمني، عرف الرئيس السابق علي عبد الله صالح، بوصوليته، وتنكره لأصحاب الفضل عليه، ومن كانوا سندا له في تحقيق طموحاته، سواء من قادته العسكريين، أو من السياسيين، والعلماء، وغيرهم، وصولا تنكره، لجهود ومواقف الأطراف والأحزاب التي ساندته ووقفت إلى جانبه طيلة مسيرة حكمه، بل وحتى الدول الشقيقة التي لطالما مدته بالدعم المادي، والسياسي الغير محدود طيلة عقود حكمه الثلاثة.

 

وخلال سنوات حكمه، كان يقيم تحالفات، وصداقات وعلاقات، متينة، لطالما حرص على إصباغها بالصبغة الحميمية، وكل ذلك لتحقيق أهدافه الخاصة، وبما يمكنه من توطيد أركان حكمه، وضمان بقاءه على رأس السلطة، والقضاء على أي محاولات أو طموحات لمشاركته، أو سلبه هذه السلطة.

 

لكن، ومن أجل تحقيق غاياته، الوصولية، لم يكن علي عبد الله صالح، يتورع عن التضحية بحلفائه، وبيعهم، والزج بهم في المهالك، في حال اقتضت مصلحته ذلك، حتى إن اقتضى الأمر تصفية بعض حلفائه، وتدبير مكائد لهم، فإنه لم يكن يتردد في استخدام تلك الوسائل.

 

"تيس الضباط" الذي قتل قائده !

 

يروي كثير من القادة العسكريين، والسياسيين، أن الرئيس الراحل إبراهيم الحمدي، كان من المعجبين والمشجعين، للضابط علي عبد الله صالح، أيام كان الحمدي، رئيس للبلاد، وقائدا للقوات المسلحة.

 

وبحسب الروايات، فإن الحمدي، كان كثيرا ما يشجع صالح، ويمتدحه، ويثني عليه، وعلى جرأته، حتى أنه أطلق عليه وصفا، لا يزال يتذكره من كانوا حوله، وهو "تيس الضباط"، في إشارة إلى جرأته وشجاعته.

 

وتشير المصادر، إلى أن تشجيع الحمدي، لصالح، ساهم في وصوله إلى مواقع متقدمة في القيادة العسكرية، حتى أنه بات أحد الضباط القلائل الذين كانوا من الحاشية الخاصة للحمدي، وعلى احتكاك دائم به.

 

 

 

لكن صالح، لم يحترم هذه العلاقة، وهذا التقدير الذي منحه إياه الحمدي، بل بيت في نفسه، نية الإطاحة بالحمدي، طمعا في السلطة، وهو ما حدث بالفعل، حيث استغل صالح الثقة الزائدة التي منحه إياها الحمدي، للإطاحة بالرئيس الوحيد، الذي أحبه اليمنيون، في تاريخ الجمهورية اليمنية.

 

صالح بحسب وثائق أمريكية، نشرها موقع "ويكيليكس" الشهير، وبناء على شهادات أقارب الرئيس الحمدي، هو من نفذ عملية الاغتيال والانقلاب على الحمدي في ليلة 11 أكتوبر 1977  .

 

وأكدت تلك الوثائق، إضافة إلى شهادات أقارب الراحل الحمدي، أن صالح هو من قام بتصفية الرئيس إبراهيم الحمدي، وشقيقة، في منزل أحمد الغشمي الذي أصبح لاحقا رئيس للجمهورية، قبل أن يتم الإطاحة به لاحقا، ليستلم صالح كرسي الحكم، الذي تربع عليه 33 عاما، ولا يزال حتى اليوم يقاتل من أجله.

 

الإسلاميون والورقة الحارقة

 

خلال مرحلة الثمانينات، وفي العقد الأول من فترة حكمه، واجه نظام صالح، حروبا عديدة في المناطق الوسطى، أو ما عرفت بحروب الجبهة، التي اندلعت عقب اغتيال الحمدي، أي مطلع الثمانيتات، واستمرت لسنوات، علما بأن صالح كان يغذي الحروب والنزاعات الداخلية في الجنوب، وفي المقابل، كان القادة الجنوبيين، يغذون الحروب الوسطى كنوع من الرد.

 

وحينها لم يكن نظام صالح، قادرا على القضاء على فوضى المناطق الوسطى، بسبب ضعف الدولة، وأجهزتها العسكرية والأمنية، فضلا عن تراكم الأعباء الاقتصادية والاجتماعية جراء تلك الحرب.

 

وحينها ظهر الإسلاميون، كحليف لصالح في تلك المرحلة، وفعلا خاضوا حروبا شرسة في المناطق الوسطى، حتى نجحوا فعلا في القضاء على فوضى المناطق الوسطى، وانتهت فعلا حروب الجبهة كما كانت تسمى حينها.

 

 

ومنذ ذلك التاريخ، بزغ فجر التحالف بين صالح والإسلاميين، الذين أسسوا سويا مع صالح، حزب المؤتمر الشعبي العام، وكانوا حتى سبتمبر من العام 1990، حزبا واحدا، حتى تأسس حزب التجمع اليمني للإصلاح، كإطار يضم التيار الإسلامي آنذاك.

 

ورغم حالة الفتور التي تلت تأسيس حزب الإصلاح بين قياداته، وبين صالح، إلا أن تحالفا من نوع آخر برز، خلال حرب صيف 1994، حيث قاتل الإسلاميون جنبا إلى جنب مع قوات الشرعية، للقضاء على الانفصاليين، الذين أعلنوا فك الارتباط، برئاسة علي سالم البيض، ودخلت قوات الجيش، وجحافل المقاتلين المتطوعين من أتباع حزب الإصلاح ومحبيه قاعدة العند، ومحافظات الجنوب فاتحين، وحينها سادت حالة من الانسجام والوفاق بين صالح وحزب الإصلاح، استمرت حتى سنوات لاحقة.

 

لكن،، وحينما بدأ صالح يشعر بأنه بات يحكم قبضته على مقاليد السلطة، خصوصا بعد نجاحه في القضاء على كل محاولات التمرد والانقلاب عليه، وبعد أن أصبحت الساحة خالية من أي خصم، ومليئة فقط بالحلفاء، بدأ صالح يتخفف من التزاماته تجاه حلفاءه، وبدأ بإقصائهم واحدا تلو الآخر، وفي مقدمتهم حزب الإصلاح، خصوصا مع دخول اليمن، مرحلة التعددية السياسية، والمنافسة على المقاعد البرلمانية، بل وأيضا مقعد الرئاسة.

 

صالح أطلق توصيفا، لعلاقته مع حزب الإصلاح، قبيل العام 2006، وهو التوصيف الذي أحدث جرحا غائرا في صميم علاقته مع حزب الإصلاح، ألا وهي قولته المشهور "الأخوان حرق كرتهم، الإصلاح حرق كرتهم"، في إشارة منه إلى أن حزب الإصلاح كان إحدى الأوراق التي لم تعد تلزمه، وبالتالي تخلى عنهم.

 

التنكر لشركاء الوحدة

 

لم تكن الوحدة اليمنية، وليدة العام 1990، ولا حتى وليدة فترة حكم علي عبد الله صالح، ل تعود جذورها إلى فترة حكم الرئيس الراحل إبراهيم الحمدي، الذي فتح ملف الوحدة مع النظام الحاكم في الجنوب، وأحدث تقاربا بين الشمال والجنوب، أزعج بعض الأطراف داخليا وخارجيا.

 

وفعلا تكللت تلك الجهود، بالنجاح، وأعلنت الوحدة اليمنية، بين الجمهورية العربية اليمنية، وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ،  في 22 مايو 1990.

 

 

ولكن،، ومنذ العام الأول من عمر الوحدة، بدأ صالح بحيك المؤامرات، ووضع الخطط، للسيطرة على الحكم، والإطاحة بشركاء الوحدة، ممثلة بنائب الرئيس علي سالم البيض، وبقية القيادات الجنوبية المشاركة في الحكم.

 

وبحسب المصادر التاريخية، فقد شهدت فترة ما قبل حرب الانفصال، في 1994، عمليات تصفية واستهداف ممنهجة، للعديد من القيادات والعناصر المحسوبة على دول الجنوب، حتى وصل الأمر إلى إعلان علي سالم البيض، فك الارتباط، والانفصال نهائيا عن الجمهورية اليمنية.

 

قطر

 

لم تكن غائية الرئيس السابق علي عبد الله صالح، ووصوليته، وتنكره لجهود وأفضال الحلفاء، مقتصرة على الداخل اليمني، بل انتقلت حتى إلى طبيعة تعامله مع حلفاء الخارج.

 

من هؤلاء الحلفاء، الذين لطالما ساندوا صالح ووقفوا بجانبه، بكل إمكاناتهم، دولة قطر الشقيقة، التي قدمت لليمن الكثير خلال فترة حكم صالح.

 

 

قطر لم تتوقف عن دعم نظام صالح بالمال، وحتى الدعم السياسي أيضا، وعقب اندلاع حروب صعدة، بين القوات الحكومية، وجماعة الحوثي، لعبت قطر دورا كبيرا من أجل وقف تلك الحروب، وإعادة إعمار ما دمرته تلك الحروب، حتى أنها تكفلت بإعادة إعمار صعدة بشكل كامل، وهو ما دفع صالح حينها إلى التعبير عن امتنانه للقيادة القطرية، فضلا عن احتفائه الدائم بالعلاقة المتميزة بين البلدين.

 

لكن ما إن رأى صالح بأن قطر لم تعد تلزمه، خصوصا بعد أن رفضت دعمه لقمع التظاهرات الشعبية التي أطاحت به في العام 2011، بدأ صالح بمهاجمة قطر، بل واتهامها في كل المناسبات، وعبر كل الوسائل المتاحة بالوقوف وراء التخريب، في اليمن، وتمويل الفوضى، وغيرها من الأقاويل.

 

بل وصل الأمر، حد السخرية، حيث ظهر صالح قبل يومين في لقاء تلفزيوني، هازئا بقطر وجيشها، مستخفا بها، متناسيا ما كان من أفضال ومواقف أخوية.

 

السعودية التي حصنته أيضا

 

كل تلك المواقف التي ذكرناها سابقا، للتدليل على جحود صالح، وطبيعته الغائية، وتنكره لحلفائه، كانت وهو لا يزال في السلطة، ومتحكما بمقاليد الأمور، لكن وبعد أن اندلعت ثورة شعبية ضد نظامه في العام 2011، وجد صالح نفسه ضعيفا، متهاويا، لا يملك لا حولا ولا قوة.

 

وحينها لجأ علي عبد الله صالح، إلى أحد أبرز حلفاءه، وأكثرهم دعما له، ألا وهي المملكة العربية السعودية، التي لطالما دعمته، وساندته، بكل أنواع الدعم المادي، والسياسي والعسكري وغير ذلك، حيث ناشدها التدخل مع بقية الأشقاء في الخليج، لحل الأزمة اليمنية، وهو ما تم لاحقا، حيث طرحت المملكة مع بقية دول مجلس التعاون، المبادرة الخليجية، التي تنحى بموجبها صالح عن السلطة، رسميا، وتحت ضغط الثورة الشعبية.

 

وحينما أصيب صالح في حادثة النهدين في 3 يونيو 2011، كانت السعودية، أقرب الحلفاء إليه، حيث قامت بنقله لتلقي العلاج فيها، وجلبت له أفضل الأطباء، حتى تعافى، وعاد كائنا بشريا، بعد أن كان ميئوسا منه، كما يحلوا له أن يصف نفسه، حينما قال "أنا الشهيد الحي" !.

 

ومضت السعودية في دعمه، حتى، أنه الرئيس العربي الوحيد، ممن حاصرتهم عواصف الربيع العربي، الذي تمكن من الخروج بحصانة قانونية، إلى جانب السماح له بالاستمرار في الحياة السياسية، بل والمشاركة في الحكم، من خلال نصف المناصب الوزارية وما دونها، التي احتفظ بها حزبه الذي لا يزال رئيسا له حتى الآن.

 

لكن صالح تنكر لكل هذا، ورمى كل تلك المكرمات، والمواقف المؤيدة والصادقة وراء ظهره، بل ووصل به الأمر، إلى فتح أبواب اليمن لألد خصوم المملكة الإقليميين، وهو دولة إيران، التي تسعى إلى محاصرة السعودية، والحد من دورها وإضعافها.

 

 

صالح سلم اليمن لإيران نكاية، بالمملكة، وابتزازا لها، بل ووصل الأمر إلى القيام بشن حربا بالوكالة نيابة عن إيران ضد السعودية، وهي الحرب التي لا تزال مستمرة حتى اللحظة.

 

ولم يتورع صالح، في تسليم الجيش والقوة العسكرية التي كانت بحوزة الجيش اليمني، والتي لا شك كان للمملكة دورا في إيجادها لجماعة الحوثي، التي تعتبرها السعودية ذراعا إيرانيا، خطيرا يستهدف الأمن القومي للمملكة.

 

الحوثي .. حليف للبيع

 

بعد الإطاحة به من السلطة، في 2011، تحالف علي عبد الله صالح مع جماعة الحوثي، وعبرها تحالف مع إيران، رغم أنه خاض ضد هذه الجماعة، 6 حروب، سقط خلالها عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، فضلا عن الدمار الهائل الذي لحق بالمنازل والممتلكات الخاصة والعامة.

 

واستمر صالح في التحالف مع الحوثي، بل وسلمهم الجيش والدولة على طبق من فضة، لكنه ظن أن ذلك سيجعل دول الخليج، وخصوصا المملكة، تعود إليه، للتخلص من هذا الخطر، وهو ما لم يتم.

 

 

وبدأت "عاصفة الحزم" في 26 مارس الماضي، ضد صالح والقوات الموالية له، والتي باتت، بحسب تأكيده هو، تحت أمر زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، بالإضافة إلى أن العاصمة استهدفت أيضا جماعة الحوثي التي تعتبرها السعودية أداة إيرانية لزعزعة أمن اليمن والمملكة والخليج عموما.

 

وها هو صالح، وبعد مضي أكثر من 200 يوم على عمليات التحالف العربي لدعم الشرعية، يبحث عن مخرج يوفر له شيئا من المكاسب، حتى وإن اقتضى الأمر أن يضحى بحليفه الحوثي، بأي شكل.

 

ولن يتردد صالح، بحسب متابعين، عن التخلص من جماعة الحوثي، في حال توفرت له صفقة مناسبة، للنفاذ بأقل الخسائر، وهو أمر تدركه جماعة الحوثي جيدا، ولا يستبعد أنها قد أعدت العدة للتعامل مع مثل هذا التحول في التحالف بين الجماعة والزعيم.

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
شريط الأخبار