أيقظ سقوط عدد من الجنود الخليجيين على أرض اليمن عاصفة كبرى بوجه قوى الانقلاب التي تعرّضت خلال الثماني والأربعين ساعة الماضية إلى ضغط عسكري غير مسبوق عبر قصف طيران التحالف العربي ونشاط المقاومة على الأرض، ما أوقع في صفوفها خسائر كبيرة.
كما شهد الوضع الميداني أمس تطوّرا هامّا يتوقّع أن يكون مؤثرا في مسار الحرب، وتمثّل في عبور عدد كبير من قوات النخبة السعودية باتجاه مأرب اليمنية لتقوية الجبهة هناك.
وفيما كانت التحليلات تميل إلى تأثير حادثة معسكر صافر التي ذهب ضحيتها حوالي ستين جنديا خليجيا، في جهود تحرير المناطق اليمنية والاستعداد لمعركة صنعاء الكبرى، اتضح أمس أنّ الحادثة سرّعت من جهود التحرير بدل إبطائها، في ظلّ التزام سياسي بإنقاذ اليمن من الانقلاب ومن التدخلات الخارجية عبّر عنها خصوصا ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، فضلا عن التعاطف الشعبي الخليجي الواسع مع الجنود وذويهم، والذي عكسه سيل التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي.
وكان الشيخ محمد بن زايد الذي فقدت بلاده العدد الأكبر من الجنود في الهجوم الصاروخي على صافر قال خلال استقباله الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي “إن أبطالنا من أبناء القوات المسلحة في ميادين المعركة زادت عزيمتهم وتصميمهم بعد الحادث الأليم، على تحرير وتطهير اليمن من الحثالة الموجودة”.
ونُقل أمس، عن مصادر من المقاومة الشعبية اليمنية قولها إن تعزيزات عسكرية كبيرة تابعة لقوات النخبة السعودية وصلت إلى محافظة مأرب شرقي اليمن.
وشرحت ذات المصادر لوكالة الأنباء الألمانية التي أوردت الخبر أن القوة السعودية وصلت عبر منفذ الوديعة إلى منطقة صافر الواقعة على نحو 90 كلم من مدينة مأرب مركز المحافظة التي تحمل نفس الاسم وتعتبر بوابة تحرير العاصمة صنعاء.
وأشارت إلى أن تلك القوة انضمت لقوات التحالف المؤلفة من جنود يحملون جنسيات مختلفة بينهم إماراتيون في سياق التعزيزات التي أرسلتها قوات التحالف العربي للقتال ضد الحوثيين والقوات الموالية للرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح.
وبحسب المصادر ذاتها، فإن قوات التحالف توزعت في معسكرات بمنطقتين بمحافظة مأرب وهي اللواء 107 في صافر وأخرى في منطقة الرّويك.
وكان الناطق باسم قوات التحالف العربي العميد الركن أحمد عسيري أكد في تصريحات صحفية سابقة أن استراتيجيات الحرب على الأرض لن تتغير بعد الهجوم الصاروخي الذي استهدف مخزنا لقوات التحالف في صافر وأدى إلى مقتل 45 جنديا إماراتيا و10 جنود سعوديين و5 بحرينيين.
وقال فرانسوا هيسبورغ، من مؤسسة الأبحاث الاستراتيجية في باريس إنّه «فيما يتعلق بالسعوديين، أعتقد أنهم ذاهبون إلى الاندفاع. وبين التصعيد والتهدئة، اختاروا التصعيد وهذا ما يفسر عمليات القصف المكثف في الوقت الراهن».
ومن جهته قال ماتيو غودير أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة تولوز الفرنسية «يبدو أن المتمردين بلغوا نقطة اللاّعودة، ما سيدفع التحالف إلى تكثيف ضرباته وتوسيع نطاق تدخّله»، معتبرا أن «الخسائر التي وقعت في مأرب ستدفع بالتحالف إلى ضمان أمن أفضل لتدخلاته على الأرض وتوفير غطاء جوي أشمل لقوّاته».
وسجّلت أمس خسائر جسيمة في صفوف ميليشيات الحوثي وقوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح بفعل تكثيف قصف طيران التحالف العربي، وأيضا لتصعيد المقاومة الشعبية لهجماتها عليها في عدة مناطق.
وتحول قصف التحالف الدولي لمواقع قوى الانقلاب إلى ما يشبه العاصفة التي تواصلت أمس، بقصف مواقع لتلك القوى داخل العاصمة صنعاء. واستهدفت الضربات مخازن أسلحة ومواقع تجمع جنود تابعين لعلي عبدالله صالح.
وفي مدينة بيحان بمحافظة شبوة شرقي البلاد أفاد شيخ قبلي يمني أمس بمقتل 15 حوثيا جراء قصف طيران التحالف الذي تقوده السعودية لمواقع تابعة للحوثيين هناك.
وقال رئيس تحالف قبائل شبوة الشيخ عوض بن عشيم العولقي لوكالة الأنباء الألمانية إن بيحان هي المدينة الوحيدة بشبوة التي ماتزال في قبضة الحوثيين وقوات الجيش الموالية لصالح، مؤكدا أن المقاومة في سعي مستمر لتحريرها.
وفي مدينة تعز قال شهود عيان إنّ المقاومة أحبطت محاولة نقل صواريخ لا يعلم مداها ولا وجهتها في قافلة للحوثيين مؤلفة من ثلاث شاحنات ثقيلة تم استهدافها ما أحدث انفجارات هائلة عكست حجم المواد المتفجرة التي تحتويها الصواريخ.