تزداد نسبة البطالة في أوساط اليمنيين مع استمرار الأزمة السياسية والاقتصادية والعسكرية التي تشهدها اليمن، إذ فقد كثيرون أعمالهم بشكل نهائي من جراء إغلاق بعض المؤسسات والشركات.
ففي الوقت الذي كان يفكر فيه الشاب اليمني عبد الإله عبد القادر في تحسين وضعه الوظيفي والانتقال إلى وظيفة بمرتب جيد، تفاجأ بفقدان عمله الأساسي الذي كان يدر عليه نحو (150$) شهرياً.
وفي حديثه لـ"الخليج أونلاين"، يقول عبد الإله: "ما حدث لم يكن مفاجأة فحسب، بل كان صدمة لم تخطر ببالي، لقد درست أكثر من ستة عشر عاماً وأنا أتطلع للحصول على فرصة وظيفية جيدة أستطيع من خلالها تأمين أساسيات معيشتي، فضلاً عن مشروع الزواج والمسكن، لكن الواقع المر يجعلني أؤجل بمرارة أحلامي تلك".
عبد الإله، الذي كان يعمل محاسباً في أحد الفنادق بالعاصمة صنعاء، حمل أطراف الصراع في البلاد مسؤولية ما يحدث، واعتبر أنهم أدخلوا البلاد في مستنقع من الموت والدمار.
- تسريح جماعي
حال عبد الإله ينطبق على كثيرين، فقد زار مراسل "الخليج أونلاين" موظفي إحدى كبرى الشركات الأمنية الخاصة الذين يعتصمون أمام مقرها بالعاصمة صنعاء، بعد تسريحهم من أعمالهم قسراً بسبب الاضطرابات التي تشهدها البلاد.
يقول كريم أحمد، أحد المسرّحين، إنه وأربعين من زملائه اليمنيين تم تسريحهم دون صرف مستحقاتهم القانونية، خلافاً للتعامل مع المديرين الأجانب الذين تم ترحيلهم إلى مدينة دبي الإماراتية لتأمينهم، بالإضافة إلى استمرار رواتبهم.
ويطالب الموظفون، الذين تبلغ فترة عملهم مع الشركة ما بين 8 إلى 13 عاماً، برواتب ستة أشهر، وشهر عن كل سنة، وفقاً لقانون العمل اليمني، إلا أن الشركة ترفض مستندة إلى قوة بعض ملاكها الذين يعدون نافذين في البلاد، كما يقول المحتجون.
- قانون غير فعال
أمام هذه التعسفات، لا يستطيع اتحاد نقابات عمال اليمن مساندة هؤلاء العمال المفصولين، لأن الاتحاد يكتفي بالتخاطب مع وزارة العمل والشركة المعنية، وتظل مخاطبات لا تحمل صفة إلزامية، وفقاً لما قال عبد الله الجبري، أمين الدائرة القانونية بالاتحاد، في حديثه لـ"الخليج أونلاين".
الجبري أشار إلى أن البلاد تعيش أزمة سياسية واقتصادية وأمنية، وأوضح أن القانون اليمني في حال الأزمات أتاح للشركات تقسيم العمال على فترتي عمل بنصف راتب، لكن في حال التسريح فالشركة أو الجهة ملزمة بالتعويض على أساس الفصل التعسفي.
وكان تقرير اقتصادي صادر عن مركز بحوث التنمية الاقتصادية والاجتماعية في شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أوضح أن معدلات البطالة تقترب من 50%، مع أن هناك تفاوتاً كبيراً في تقديرات حجم بطالة الشباب في اليمن، لكن كل التقديرات تتجاوز 50% من حجم قوة العمل اليمنية، فيما قدر البيان المالي للحكومة اليمنية في موازنة عام 2014 البطالة بـ36%.
وأشار التقرير إلى أن هناك عدة أسباب لانتشار البطالة، منها تراجع دور الدولة في النشاط الاقتصادي، وسوء مناخ الاستثمار، والفساد الذي أصاب مؤسسـات الدولة، وضعف أدائها وضعف مستوى التأهيل والتدريب للقوى الشابة، وعودة المغتربين اليمنيين من السعودية بسبب حرب الخليج الثانية، وارتفاع نسبة الفقر، وتدهور المستوى المعيشي للأسرة، وغياب التخطيط للتنمية السكانية، وغياب العمل بآليات التنمية المستدامة.
ورغم عدم توفر بيانات وإحصائيات نهائية ودقيقة، يقدر اتحاد نقابات عمال اليمن عدد الذين فقدوا أعمالهم خلال الأزمة الراهنة بثلاثة ملايين عامل من العمالة المؤقتة وغير المؤقتة. وبحسب اقتصاديين، فإن القوى العاملة في اليمن تقدر بخمسة ملايين عامل، منهم مليون و250 ألفاً منضوون في الجهاز الحكومي، في حين أن عدد العاطلين يصلون إلى سبعة ملايين فرد.
- توافق سياسي على رؤية اقتصادية
يرى الصحفي الاقتصادي عبد الجليل السلمي أن أبرز أسباب البطالة عدم مواءمة خريجي الجامعات والتكوينات التعليمية لاحتياجات سوق العمل، إضافة إلى الاضطرابات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي تشهدها البلاد، بالإضافة إلى توقف البرنامج الاستثماري الحكومي "الأشغال العمومية"، وغالبية نشاط القطاع الخاص، الذي يعتبر المحرك الأساسي للتنمية في اليمن، ومغادرة جميع الشركات النفطية من البلاد.
وأضاف السلمي، لـ"الخليج أونلاين": إن مشكلة البطالة في اليمن بحاجة إلى دراسة لأسبابها وبنيتها، وكذلك دراسة احتياجات السوق على المدى البعيد، ومواءمة مخرجات التعليم مع احتياجات السوق. كما شدد السلمي على ضرورة التوافق بين المكونات السياسية على رؤية سياسية واقتصادية لتجاوز الوضع الراهن بعدما اهتزت ثقة المستثمرين.
وفي ظل هذا الوضع الصعب الذي يعيشه اليمنيون، لم ينجح الحوثيون بعد الانقلاب الذي سيطروا من خلاله على العاصمة صنعاء، في معالجة الوضع المعيشي المتدهور، فحياة اليمنيين أصبحت طوابير في قطاعات الحياة المختلفة، ويركز المتمردون الحوثيون جهدهم على جبهات القتال، حيث تستحوذ على النسبة الكبرى من المشتقات النفطية، وهو أمر أدى إلى ارتفاع الأسعار وإغلاق أغلب المحال والشركات، ما أسهم في زيادة نسبة البطالة بشكل غير مسبوق.