الرئيسية > اخبار وتقارير > الجيل الثالث للمأساة مستمر في البحث عن تفاصيل الأولاد اليمنيين الذين قامت الدولة الاسرائيلية بخطفهم والاتجار بهم

قالوا لهم إنه مات

الجيل الثالث للمأساة مستمر في البحث عن تفاصيل الأولاد اليمنيين الذين قامت الدولة الاسرائيلية بخطفهم والاتجار بهم

الجيل الثالث للمأساة مستمر في البحث عن تفاصيل الأولاد اليمنيين الذين قامت الدولة الاسرائيلية بخطفهم والاتجار بهم

في صفحة الفيس بوك لـ شلومي حاتوخا لن تجدوا صورا من مراسيم انهاء صف البستان للأولاد. إنها صفحة واعدة، رسالة حاتوخا في الحياة. حيث يركز في السنوات الاخيرة على الصفحة شهادات، مقاطع أفلام وصور من اجل البحث عن أقرباء كجزء من الصراع الذي يديره حول خطف اولاد اليمن، والشرق والبلقان. هذا المساء سيكون يوم الذكرى الثانية لهذه القضية المؤلمة.
«أحاول أن لا يشغلني هذا الموضوع طول العام، لكن توثيق القصص التي تصل يجعل الموضوع مكثف جدا». واعترف حاتوخا «أطلب أن يرسلوا لي صورة وقصة، فأقوم بالنشر. هناك من توجد له أمنية شخصية في ايجاد الاخوة، أو اولئك الذين يريدون تحقيق وصية الوالدين. هذه مآسي من الصعب فهم كبرها».
? هل تستطيع تحديد ما حصل في حينه بالارقام؟
? «الحديث عن آلاف. أنا شخصيا أعرف عن مئات الحالات. نشرت اضافة إلى اليمنيين عن التونسيين والليبيين أيضا. بل وكان هناك اشكناز اختطفوا، وناجون من الكارثة. أعرف عن ثلاث أو اربع حالات كهذه. منذ قيام الدولة، وخلال 20 سنة بعد قيامها، لكن تركيز الخطف كان في الخمسينيات، وعام 1953 كان الأصعب».
ما زال اولاد اليمن هم الاغلبية بين المخطوفين. حسب القصص التي جمعها، كان هناك طريقتان للخطف. الطريقة الاكثر انتشارا كانت حول الأمهات اللواتي أنجبن في المعابر، حيث كانوا يأخذون الاطفال وبعد ذلك ببضعة ايام يقولون إن الطفل مريض وقد نقل إلى المستشفى، وهناك يقولون إنه مات.
في حالات اخرى، أمهات أنجبن في القرى الزراعية وتم أخذ الطفل بعد أن مرض، وتوجهوا إلى الطبيب المحلي الذي بدوره يحوله إلى المستشفى. هناك ايضا يُقال لهن إن الولد قد مات.
«لا توجد جثة»، كما يصف شلومي، «فكر في أنه في الطرف الثاني من العالم يستيقظ اليوم يمنيون أو مغاربة ويكتشفون أنه تم تبنيهم. أقلية الاقلية نجحت في ايجاد العائلة البيولوجية. في جميع الحالات تبين أنهم قالوا للأم إن طفلها توفي».
? ماذا كان الدافع؟
? «لولا الحاجة إلى التبني لما حدث شيء. تستطيع اليوم رؤية ما هم مستعدون لفعله. السفر إلى آخر العالم، دفع الكثير من المال. دافع قوي جدي. الحل كان في أولاد اليهود الشرقيين. من اجل حدوث ذلك يجب أن تتعامل معهم كبهائم. وتقول لنفسك إنهم لا يتلقون الرعاية الكاملة، غير متطورين. وكان هدف الربح المادي. دولة إسرائيل كانت في وضع اقتصادي متدنٍ. وكانت شهادات حول اطفال تم توزيعهم حسب المفتاح الحزبي».
حاتوخا نشيط في جمعية «عمرام» التي تختص بهذا الموضوع، وتبقيه على جدول العمل اليومي. وقد اكتشف أن عائلته ايضا جزء من القضية بعد موت جدته، وقالت له أمه عن السر العائلي. «جدتي أنجبت توأما في المستشفى في بيتح تكفا. سألوها اذا كانت مستعدة لأن تعطيهم للتبني، لأن لديها الكثير». وقال: «تلفظت بأدب. طلبوا منها الذهاب إلى البيت والعودة كل يوم للارضاع. وصلت في اليوم التالي فقالوا لها إن احدى الطفلتين ماتت. وقالت لي أمي إنه بعد بضعة ايام سألت الجدة عن ابنتها. لا تستطيع أن تفقد ولد ولا تفكر في الامر».
? لماذا لم تروِ لك الجدة ذلك؟
? «الكثير من الآباء شعروا بالذنب والخجل. هذا حدث للآباء الذين كانوا يتركون ابنهم في المستشفى. كان هناك طاقم طبي يطلب، شخص ذو صلاحيات. الولد يختفي. وحينما فهموا خلال السنين أنهم خُدعوا كانت هذه الصفعة الحقيقية. ولاحظوا أمرا غريبا، ليس هناك جثة ولا قبر ولا شهادة وفاة. وهناك من تلقى فيما بعد أمر التجنيد».

ملاحقة العدالة

أعلنت جمعيتا «عمرام» و»شحريت» عن يوم للتعارف، حيث يصادف اليوم الذكرى الثانية. وفي هذا الاطار سيتم اقامة نشاطات هذا المساء في القدس، حيفا وتل ابيب.
«لدينا الكثير من العمل في هذا الشأن»، تقول ياعيل غولان، من منظمي الذكرى ونائبة مدير المعهد وصحافية سابقة ـ مساعدة منتج برنامج «عوفده». «ما زال هناك من يعتقد أن هذه قصة وهمية، لكنها ليست كذلك. رغم صعوبة استيعاب ذلك إلا أن هذا قد حدث».
في ايلول نشرت غولان قصتها الشخصية في الفيس بوك. وحصلت على مئات التعليقات. «جدي وجدتي جاءا من دمشق في 1949 مع ستة اولاد. الأصغر بينهم كان رافي الذي كان ابن خمسة اشهر. وقد وصلوا إلى المعبر وهناك مرض الطفل الصغير، الجيران اقترحوا أخذه إلى المستشفى لأنه لا يوجد علاج في المعبر. أخذوه وتركوه. وعندما عادوا للزيارة قيل لهم إنه مات. كانوا أناس متعلمين ومتدينين. سألوا كيف مات، فمرضه لم يكن مرضا شديدا. وأجابوهم «مات». جدي قال لهم إنه انسان متدين ولهذا يريد الجلوس سبعة ايام للحداد. طلب رؤية الجثة، فقالوا لا توجد جثة. وطلب شهادة الوفاة، وقالوا لا توجد. أين القبر؟ لا يوجد قبر. جلسوا من اجل رافي سبعة ايام، لكن استغرقهم وقتا طويلا للوصول إلى شهادات متشابهة لدرجة مخيفة. في المستشفى الحكومي أخذوا الولد، ببساطة. وتألم جدي وجدتي حتى موتهما، فالولد لم يتركهما. ولم يؤمنا أن دولة اليهود التي وصلا اليها تفعل اشياء كهذه».
? هل تحدثت مع جدتك عن ابنها؟
? «كل حديث مع الجدة، بغض النظر عن مضمونه، كان يؤدي إلى رافي وكيف اختطف. كان عمره نصف عام، بحثنا عنه لسنوات. أمي تحدثت في القناة الاولى عند ران عفرون في أواخر السبعينيات. وقد وصلتنا معلومات، وتم أخذ الـ دي.ان.إيه، لكن هذا لم يساعد. أنا الجيل الثالث وأشعر بواجبي تجاههم وتجاه المجتمع الإسرائيلي لمعرفة القصة. هذا أمر يحتاج إلى تصحيح. هذه قصة تربت عليها قبيلتنا. ببساطة نريد العدل».
جاء يوم الذكرى متزامنا مع موت عوزي مشولام، الذي توفي قبل عامين. وهو معروف بنضاله في موضوع المخطوفين، قبل عشرين سنة تموضع في بيته مع مؤيديه وكانوا مسلحين. سجن ست سنوات ونصف وبعدها هاجر إلى كندا وهناك توفي في 2013.
«الحاخام مشولام أطلق على ذلك اسم خطف يهود اليمن، الشرق والبلقان». تقول نعمه قطيعي، وهي ناشطة في جمعية «عمرام». «كان يريد التدقيق في التفاصيل. وقد خاض صراعا هاما ودفع ثمنا باهظا».
قطيعي ايضا اكتشفت في مرحلة متأخرة أنها جزء من القصة. «جدتي أنجبت طفل في المعبر، وكان معها اربع نساء أنجبن ايضا. الممرضات ضغطن عليهن لكي يتركن الاطفال في الحاضنات، وبعد بضعة أيام قالوا إنهم مرضوا وأخذوهم إلى المستشفى. يبدو أن جدتي قد شكت بالامر، وقالت لجدي تعال نذهب ونبحث عن الطفل. جدي قال لها اتركي الامر، فهو مريض وسيعود. لم تكن مستعدة لتسمع، فذهبت لتبحث إلى أن وجدت الطفل وأعادته. وقالوا لباقي النساء إن اطفالهن ماتوا. وفقدت جدتي منذ تلك اللحظة الثقة بالمؤسسة. لم تعرف القراءة والكتابة لكن أبي ساعدها في البحث عن جميع المقالات والمعلومات فيما يتعلق بهذا الامر، وهي لم تغفر أبدا».
? كيف دخلت إلى هذا النضال؟
? «بشكل عاطفي. تضامنت مع الخوف. ماذا كنت سأفعل لو أنهم أخذوا ابنتي؟ يصعب على المجتمع الإسرائيلي الاعتراف بالمظالم التي فعلها. ليس فقط تجاه الشرقيين، بل طوائف اخرى والقادمين الجدد. هذه اشارات لمجتمع مريض، لذلك مطلوب التصحيح والاعتراف. ونحن نطمح لأن يكون اعتراف رسمي وأن يعرف كل ولد هذه القضية مثل باقي القضايا الصعبة في التاريخ الإسرائيلي. لا يمكن القول إن هذا لم يحدث».

بدون لجان

أقيمت اربع لجان تحقيق لفحص موضوع الاطفال المخطوفين. كانت آخرها في عام 1995، بعد قضية عوزي مشولام والضجة التي أثارها. وترأس اللجنة القاضي من محكمة العدل العليا يعقوب كدمي. وفي 2001 تم تقديم تقرير من ألف صفحة. كانت الخلاصة أن 56 من المفقودين لا يوجد بخصوصهم أدلة قاطعة، ويمكن أن تم اعطاءهم للتبني. بخصوص 733 آخرين قالت اللجنة إنهم ماتوا. هذا لا يقنع قطيعي واصدقاءها، وهم غاضبون لأن بروتوكولات تلك الجلسات بقيت سرية وسيتم فتحها فقط بعد عشرات السنين. لديهم جميع الأدلة بدون تلك اللجنة.
«عندي الاخوة والاخوات والامهات الذين تم خطف اولادهم من بين أيديهم، وشهاداتهم تكفي». وتضيف قطيعي، «لا أنتظر مجيء لجنة تحقيق لكي تروي ما حدث». حاتوخا ايضا غير مستعد للتراجع: «ليس واضحا ما الذي سيحدث اذا اعترفت الدولة بهذا الامر، ترسل رسائل وتقوم بفحصوات الـ دي.ان.إيه. تستخدم قوتها من اجل اصلاح الظلم. تخيل كم حالة من لم الشمل ستحدث؟ لكنهم يخافون، الخوف من النتيجة والخوف من الخسارة. يصعب على الدولة الاعتراف بأنها خطفت وتاجرت بالاولاد».
قد يزيد ذلك الانقسام داخل الشعب.
«ليس هناك رغبة عند اليمنيين لحدوث حرب أهلية. فهم مسالمون. العائلات تريد أن يقوم أحد ما ويقول إن هذا قد حدث».

معاريف 21/6/2015

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)