وسط سوق شعبي شبه خال في صنعاء انحنت امرأة مسنة لتلتقط بعض الأعواد اليابسة والكثير من الكراتين الملقاة على الارض، وضعتها في كومة صغيرة ثم شدتها بحبل وحملتها على رأسها وسارت تشق طريقها نحو منزلها بانكسار.
نجحت تلك العجوز في كظم حزنها على وضع البلد المأساوي والحال التي وصلت إليه ، لكنها عجزت عن إخفاء غضبها من استمرار العزلة التي تعيشها صنعاء وتأخر وصول مادة الغاز المنزلي، بل وانعدامها تماماً.
وحين سألتها عن سبب جمعها للكراتين وبعض الأعواد اليابسة قالت بمرارة إنها تستخدمها كحطب لطهو الطعام.
وازدهرت في الآونة الأخير أسعار "التنورات" المصنوعة من مادة الطين التي لاقت اقبال لدى اليمنيين كبديل إجباري للأفران التي تعمل بمادة الغاز، وكل ما عليك فعله هو وضعها في سطح منزلك وحشوها بالحطب ومن ثم الطبخ، وهي مهمة شاقة بالنسبة لفتيات العاصمة اللواتي لم يألفن مثل هذا العمل من قبل.
وعلى ما يبدو فإن العودة نحو الماضي باتت خيار إجباري لمعظم اليمنيين.
فبالإضافة الى استخدام الحطب في الطبخ، انتشرت في بعض شوارع صنعاء الحمير التي تستخدم كوسيلة مواصلات.
ويوم امس السبت شوهد رجل على متن عربه يجرها حمار في شارع باب البلقه، وقال مالكها إنها ليست المرة الاولى التي يستخدم فيها الحمار كوسيلة للنقل وليست الأزمة الحالية هي السبب الرئيسي.
وفي محافظة صعدة تداول ناشطون صوراً لجمل يحمل أكياس كثيرة من مادة القات التي يمضغها اليمنيون لساعات طويلة.
وقال الناشطون إن الجمل صار بديلاً عن السيارة التي كانت توصل مادة القات بشكل يومي للسوق.
وقال الناشط بلال المساوى إن العديد من الفلاحين في صعدة يستخدمون الجمال والحمير في نقل بضائعهم نظراً لتعطل السيارات بفعل انعدام المشتقات النفطية.
ومنذ بدء عملية عاصفة الحزم بقيادة المملكة العربية السعودية قبل أكثر من شهر، تعيش اليمن حصاراً برياً وبحرياً وجوياً.
واستهدفت العملية مواقع عسكرية هامة تمردت على شرعية الرئيس هادي وبات ولائها لميليشيات الحوثيين والرئيس السابق علي صالح.
وتضرر آلاف المواطنين بفعل انقطاع الإمدادت الضرورية مثل المشتقات النفطية والحبوب والمواد الغذائية.
وكشفت الازمة الاخيرة عن حقيقة ضعف السلطات في اليمن، وبشكل خاص في العاصمة صنعاء.
وفي انتظار عودة الحياة لطبيعتها، سيتعين على آلاف من المواطنين أن يبتكروا بدائل تتناسب مع الواقع الجديد، وكثير منهم سينضمون لا محالة إلى ملايين من الفقراء الذين تعج بهم مدن اليمن وقراها المتناثرة.