حافظ البرغوثي
تحركت السعودية في اليمن ليس حباً في الحرب أو نتيجة لجحود علي عبدالله صالح، بل لأن الحوثيين حسب معلوماتها كانوا حلقة ثانية في الكماشة الإيرانية حولها بعد العراق . . ولاحقاً في منطقة الخليج . ويبدو أن الحرب البرية صارت العلاج الأخير بعد أن ينتظم المعسكر الشرعي وقواته وقبائله في المعركة الدائرة حالياً، فمع مرور الوقت بدأت القبائل تنضم للشرعية رجالاً وعتاداً إضافة إلى أكثر من عشر كتائب عسكرية . وبدأ ميزان القوى على الأرض يميل لمصلحة الرئيس هادي تحت الضربات الجوية المكثفة وبعد أن تكون قوات الحوثيين وحليفهم صالح قد تشتت حيث من المحتمل أن يحاول الحوثيون وحليفهم فتح معركة برية، ولهذا بات العد التنازلي للمعركة البرية محتملاً في أية لحظة . في حسابات الدول لكل مصالحه في هذه الحرب، فالامريكيون يحذرون من التدخل البري والتصعيد ذلك أن مصلحتهم تكمن في إنجاز الاتفاق النووي وعدم التصعيد حتى تبقى المنطقة تحت سيطرتهم وحتى لا تتوفر ظروف لتمدد الجماعات المتطرفة من سوريا والعراق .
وقد حاولت بعض الدول انتهاز الفرصة للقيام بوساطة بين السعودية وإيران مثل تركيا، لكن الرياض ترى أن هذه الوساطات تنسجم مع السياسة التوسعية الإيرانية أي أنها تضفي شرعية على تدخل إيران في الشأن اليمني وهو شأن عربي لا يجوز التدخل فيه من الأجنبي .
ولهذا لم ترد على الوساطات بهذا الشأن . في المقابل تنظر مصر نظرة أوسع إلى الأمر لاحتواء الحرب وفتح حوار يمني لكن دون تدخلات خارجية . إلا أن مصر وقد خرجت تركيا من المشهد فإنها تجد نفسها أكثر نشاطاً في العمل السياسي والعسكري معاً وهي تعد قوات التدخل السريع لديها للحرب البرية إن فرضت، لأن خروج تركيا يعني أيضاً خروج الإخوان من المشهد حيث كانت تركيا تحاول تسويق جماعة الإخوان في اليمن وغيرها كقوة مساعدة في مواجهة الحوثيين لكن الوقائع على الأرض في اليمن أكدت أن جماعة الإخوان لا أثر لهم ولا قوة .
ويبدو أيضاً أن الولايات المتحدة غير سعيدة بأي تدخل عسكري عربي بري لأن هذا التدخل قد يدشن ولادة قوة عربية مشتركة تشكل رافعة لمحور عربي ناشئ في مواجهة إيران، فالولايات المتحدة تريد أن يبقى النظام العربي ضعيفاً وعاجزاً ورهين السياسة الأمريكية، أما "إسرائيل" كما أسلفنا فهي تهتبل الفرصة لمد خطوط اتصالات مصلحية مع دول عربية ولو عن طريق تسريب معلومات حول الخطر الإيراني حالياً ومستقبلياً، منطلقة من الاعتقاد أن إجهاض المشروع النووي الإيراني هو مصلحة مشتركة .
في الخلاصة، لا أحد يستبعد الحرب البرية لحسم المعركة على الأرض في اليمن، طالما لم يذعن معارضو الشرعية لشروط وقف الحرب وهي إعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل الانقلاب الحوثي، وليس ثمة احتمال لتدخل عسكري إيراني إذ إن إيران منهمكة في تعزيز فرصة اتفاقها النووي لفك الحصار ولا تريد إعادة الأمور إلى نقطة الصفر، ولا الدخول في حرب محفوفة بالمخاطر قد تفجر أزمتها الداخلية وتقلب الأمور لمصلحة المعارضة للنظام . ولعل الجولة التي قام بها وزير الدفاع المصري صبحي صدقي إلى باكستان ثم الرياض، تأتي في إطار دراسة آفاق الحرب البرية ونشر قوات على الحدود السعودية مع اليمن حيث قام الفريق المصري بتفقد قوات التدخل السريع المصرية فور عودته من الرياض .
إذاً حرب اليمن ستبقى في حيزها الميداني الحالي ولن يكون لها ارتدادات إقليمية، فالجميع فهم أن المملكة السعودية تخوض معركة مصيرية بالنسبة لها، ولن تتراجع مهما كان الثمن