الأرشيف

اليمن كضحية جديدة للأمم المتحدة

الأرشيف
الاربعاء ، ٠٨ ابريل ٢٠١٥ الساعة ٠٤:١٩ صباحاً

علي ناجي الرعوي


ليس بوسع الأمم المتحدة ومبعوثها الى اليمن المغربي جمال بنعمر التنصل عن المأساة التي يتجرع اليوم كؤوسها ابناء الشعب اليمني.. كما ليس بوسع هذه المنظمة غسل يديها عن كل ما اصاب ويصيب 25 مليون انسان هم قوام هذا الشعب من الكوارث والويلات والمحن وما سينتج عنها من آثار نفسية واقتصادية وسياسية وثقافية واجتماعية وبالذات وهي من اخذت على عاتقها مسؤولية ادارة الملف اليمني منذ عام 2011 وكانت هي المتصرف الوحيد بمسارات هذا الملف والمتحكم بقواعد اللعبة في المشهد اليمني وتفاعلات ازمته ان لم تكن قد تعهدت بنقل هذا البلد من واقع الاضطراب الى حالة الاستقرار بعد ان وضعته تحت الوصاية الدولية وقرارات مجلس الامن بذريعة ان المنطقة لا تحتمل دولة فاشلة تتخطفها الفوضى الى جانب الصومال الغارقة في الصراعات الداخلية والتوترات المحمومة منذ اكثر من ربع قرن لما قد يترتب على ذلك من اخطار على الامن والاستقرار وخطوط الملاحة في هذا الشريط الاقليمي الذي يربط بين الشرق والغرب.

فالحقيقة انه ومهما بدت بعض الوقائع ملتبسة أو غير واضحة فان ذلك لا يعني بأي حال من الاحوال ان الادلة منعدمة او ناقصة للحكم على ان ما يحدث في اليمن في اللحظة الراهنة من اهوال وما يتعرض له من نكبات ليس سوى افراز لذلك التعاطي السيئ والخاطئ مع الازمة اليمنية والدور المشبوه الذي لعبه مبعوث الامم المتحدة في نطاق هذه الازمة والذي عمد من اليوم الاول الذي وصل فيه الى صنعاء الى شيطنة المشهد والانقلاب على بنود المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية والانحراف بمجرى التسوية السياسية ودفعها الى زوايا ضيقة بما سمح له بإعادة توصيف الواقع وفق رؤيته والسيناريو الذي كان يحمله دون النظر الى مدى ملائمة ذلك السيناريو ونجاعته حيث وان كل ما كان يفكر به جمال بنعمر هو كيف يصبح حاكما فعليا لليمن وكيف يتمكن من فرض نفوذه على كافة الافرقاء والمتصارعين على الساحة اليمنية وان يتحول الى (بريمر) اخر في اليمن.

كان ممكن للأمم المتحدة أن تلعب دورا محوريا في مساعدة اليمنيين على تحقيق مبدأ المصالحة فيما بينهم وبما يضمن عدم تصدع النظام السياسي وانهيار منظومة الحكم لكنها مع الاسف اغفلت او تغافلت عن هذا الدور واتجهت الى دفع البلاد بسرعة متناهية عن طريق مبعوثها الى حالة من الفراغ العميق وغير المسبوق في حين اعتقدنا انه وبدخول الامم المتحدة على خط الأزمة اليمنية وتكفلها بالإشراف على حلحلة هذه الأزمة وإيجاد المعالجات لها أن قطار التسوية قد انطلق بنا نحو محطة اليمن الجديد والدولة اليمنية الحديثة ان لم نكن قد ضبطنا ساعاتنا على مرحلة انتقالية لن تزيد على عامين كما قدر لذلك في بنود المبادرة الخليجية لكن يبدو ان التاريخ قد خدع هو الاخر مثلنا فبينما كنا مفعمين بالرغبة بالتوصل لحلول لذلك الصراع المحتدم على السلطة والخروج من هذه المعمعة كان المبعوث الاممي يصر على ان أي حل لا بد وان يأتي متوافقا مع اجنداته والسيناريو الذي حمله معه الى اليمن مدججا بسوء النوايا التي تبدت على امتداد الفارق الزمني بين عام 2011 والعام 2015.

ليس من التجني القول ان نظرية المؤامرة تتجلى اليوم بأبشع صورها في الداخل اليمني فمن خلال هذه المؤامرة جرى تفكيك الدولة اليمنية ومؤسساتها وتدمير نسيجها الاجتماعي وتفتيت مكونات هذا النسيج الى جماعات متصارعة تضرب بعضها البعض على اساس مذهبي أو طائفي أو جهوي أو حزبي وهو الصراع الذي اسس له التدخل الاممي في اليمن اعتقادا انه وكل ما تصاعد التوتر ضمن هذه النزعات يسهل تجميع كل المتضررين تحت راية التطرف القاتل ودفعها الى التسليم بالحل الوسط إلا انه وعلى عكس ما كرس له جمال بنعمر الذي لجأ الى كل أنواع المكر السياسي وأكاذيب غوبلز في العهد الهتلري فها هي اليمن تشتعل بالحرائق التي لا يتبين فيها الخيط الابيض من الخيط الاسود وهي لعبة سياسية قديمة تعرضت لها المنطقة العربية على طول تاريخها الحديث بحيث تظل تأكل بعضها بعضا.

الرياض السعودية

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)