أحمد عثمان
قتل الصحفيين الأجانب عار، لأنهم الأضعف ودخلوا آمنين إلى البلاد ولا يقفون وراء صواريخ ولاطائرات وكل الشرائع والقوانين السماوية والبشرية تجرم قتلهم ، يقتلون فقط لأنهم الأضعف ...هذه الأيام الضعفاء والأبرياء من يدفعون الثمن، ليثبت هذا العالم أنه يعود بسرعة إلى العصور المتوحشة بدهس كل القيم الإنسانية والشهامة مرة واحدة ,لا فرق بين الدول والجماعات المسلحة كلهم ينظرون للإنسانية من عين المنفعـة الخـاصة فيصمتون عن ذبح شعب، بل ويدعمون القتلة ويثيرون الدنيا عند ذبح فرد ليس من أجل الإنسان بل من أجل اللعبة القذرة.
الصحفي الأمريكي يُقتل في اليمن، مع أن القيم والعادات الحميدة تحرم قتل أسير الحرب، مابالك المسافر العابر الذي جاء آمناً.. يقتل الصحفيون هنا وهناك ليس لأنهم الهدف المناسب ولكن لأنهم الهدف السهل بغض النظر عن الحق والباطل والجرم والبراءة، كلها تحولت إلى تجارة عصابات.
يخطف أبو بكر البغدادي أو سواه جنوداً لبنانيين في سوريا أو العراق، فيكون الرد خطف زوجات وأطفال لا يتجاوز أعمارهم بضع سنوات، هنا تتساوى الجماعات المسلحة والدول في دهس القيم والقانون، لأنه لا يوجد في القوانين توقيف امرأة أوطفل بذنب أبيه.العالم يمر بأزمة ضمير إنساني وخواء تملأه الفتنة والحقد وأفعال تجعل التمييز بين الإنسان والسباع صعباً للغاية حتى وكأنهم يستعيرون حالة التوحش لماقبل التاريخ الذي عبّر عنه شاعر قديم قائلاً:
عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى
وصوت إنسان فكدت أطير
وعندما يصل البشر إلى أنهم يقحمون الآمنين والمسافرين والنساء والأطفال في معاركهم وحروبهم، فإنهم يعلنون قتل القيم الإنسانية وإعلان عهد الغاب البشري الجديد الذي يبدو أنه أكثر وحشية وهمجية من القديم ..
في السابق كان أسير الحرب لا يُقتل ولا يُعذب، اليوم يقتل ببساطة وبدون أي شعرة ضمير تهتز.
أكثر من قتل الأسير هو أن المسافر المسالم أو الصحفي العابر أو الزوجة والطفل البريء يؤخذ بجريرة آخرين ويقتلون ويخطفون دون ذنب أو حتى علم، لماذا يقتلون والفائدة يقتسمها الطرفان ويستغلها الطرفان، وأحياناً يكون طرف القتيل يحث الخطى ويعمل كل ما يؤدي إلى الاستفزاز، ليس من أجل إنقاذه بل من أجل قتله لأنه يرى أنه بحاجة إلى استثمار دمه أو استخدامه كورقة في مواجهة خصومه في الخارج أو الداخل أو لتمرير وتغطية قرار ما شعبياً ورسمياً.
هكذا أصبح الإنسان ورقة خفيفة الوزن في مهب أطماع السياسة، إنسان بلا قيمة وإنسانية يتيمة ومفزعة.
*الجمهورية نت