الأرشيف

“الحوثيون” رافعة سياسية ومجاميع مسلحة

الأرشيف
الثلاثاء ، ٠٧ ابريل ٢٠١٥ الساعة ٠٤:١١ مساءً

سلمان العماري


الحوثيون ليسوا قوة عسكرية، بل مجاميع مسلحة غير منتظمة ورافعة سياسية للرئيس السابق علي عبدالله صالح وحزبه المؤتمر الشعبي العام، ولايمكن أن تنطلي على المتابع الجيد والسياسي الفطن والحاذق مشاهد وصور لمجاميع منفلتة من الأطفال والشباب في مقتبل العمر ومثلهم عدد لابأس به من كبار السن، تم جلبهم للعاصمة صنعاء بأجر وثمن بخس، للتغطية والستر على القوى والأطراف المحلية والإقليمية والدولية التي نهشت في الجسد اليمني، وأحدثت في الفترة الانتقالية ودمرت ما تبقى من كينونة الدولة ومؤسساتها وأركانها، وتمرير أكذوبة سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء والمشهد السياسي اليمني والبلد برمته.

 

ذلك أن الحوثيين، في حقيقتهم الآن مجرد مجاميع مسلحة مختطفة تم تصعيدها للمشهد السياسي العام، ونشرها في عدد من المدن والمحافظات والمناطق في اليمن، وذلك في سياق دعم ورعاية الانتشار المُسلّح للمليشيات داخل إطار حالة التحويث للمشهد في البلد وخارج نطاق “الحوثيين”، فيمن اصطلح على تسميتهم بـ “المتحوثين” لتحقيق أهداف وأجندة معينة، كشفت عنها خارطة الاستهداف الممنهجة والمدروسة بعناية.

 

وجميع هؤلاء المسلحين بين كونهم “حوثيين” أصليين أو مناصرين ومتعاطفين معهم داخل هذا الإطار والمسمى “الحوثيون” نسبتهم وعددهم ليست بالصورة المتخيلة والمرسومة في الأذهان من واقع ركام التضليل السياسي والإعلامي الحوثي والمناهض له، وبين كونهم “متحوثين “وهم الأكثر حضوراً وتأثيراً في المشهد ومجريات الصراع السياسي والعسكري الجاري في اليمن، ومعظم هؤلاء مجندون رسمياً في نطاق مؤسسة الجيش والأمن ضمن مكون ألوية الحرس الجمهوري (القوات الخاصة) وجهازي الأمن المركزي والقومي، الواقعة حتى كتابة هذه السطور تحت تصرف ونفوذ الرئيس السابق علي عبدالله صالح، بالإضافة إلى العشرات والمئات من المجندين من أبناء المجتمع الغلابى وذوي البطالة، الذين تم الاستفادة منهم وتوظيف فراغهم وحاجتهم.

 

والحوثيون على هذا الأساس ليسوا قوة عسكرية رئيسة في اليمن، كماذهب إلى تقدير ذلك الكاتب والمحللّ السياسي، عزمي بشارة، في مقالته التي حملت عنوان “التسوية أو الحرب الأهلية الشاملة في اليمن”، التي نشرها موقع العربي الجديد، وأعاد نشرها موقع المصدر أون لاين.

 

كما أن تقديره في مجمله للحوثيين وواقعهم في الأصل من القضايا التي تقبل النقاش والتناول، وليست “من حقائق اليمن غير القابلة لـ الإلغاء” حد تعبيره، إذ مطلق الحقيقة والقول الفصل فيها لمن يقدم البراهين والدلائل القاطعة، في ما يطرحه ويجزم به من رؤية وبينة.

 

 ولست أدري في الحقيقة، كيف بنى الأستاذ والكاتب والمحلّل السياسي الألمعي عزمي بشارة تقديره ذلك، وعلى ماذا استند؟ ، وهل هذا التقدير والتصّور المتخيل عنهم في مقالته، أعني “الحوثيين” في اليمن من قبله موضوعي أوسياسي، غير أني أعتبره مجافيا للحقيقة ومحض هباء، وعبث وتقدير سياسي خاطئ.

 

ذلك أن هذا التقدير والتوصيف للحوثيين كـ”قوة عسكرية رئيسة في اليمن” من قبل الأستاذ والكاتب عزمي بشارة، فيه مجازفة وتجاوز للموضوعية والواقع الذي عليه “الحوثيون” من الناحية الاجتماعية والواقعية الذي لا يعدو كونهم أحد مكونات وشرائح المجتمع اليمني المنفلتة، التي جرى توظيف مشاكلها وإشكالاتها الاجتماعية والسياسية والفكرية، واستخدامها كورقة ورافعة في فضاء السياسة والإعلام المحلي والإقليمي والدولي، على أن هذا التقدير الذي اخترعه الكاتب والمحلّل السياسي الأستاذ عزمي بشارة، يفاقم المشكلة ويحول دون معالجة مُشكّل التوظيف والاستخدام  والاختطاف لـ ورقة “الحوثيين” والحوثية في اليمن.

 

فلقد تداعى الداخل اليمني والخارج الإقليمي والدولي على السواء، في استخدام وتوظيف ورقة “الحوثيين” في ماراثون المعترك السياسي والصراع العسكري المتشابك والمتداخل في اليمن والمنطقة عموماً، مذ خروج مشكلة “الحوثيين” إلى الواجهة والعلن في العام 2004، والتقاط وتوظيف أحزاب المعارضة “اللقاء المشترك” لمشكلة وورقة “الحوثيين” في صراعهم آنذاك مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح وحزبه المؤتمر الشعبي الحاكم، ليقوم نظام صالح بعملية الاستثمار والابتزاز لمواجهة قوى المعارضة وابتزاز دول الخليج (السعودية وقطر) في حالتي الحرب والسلم والمصالحة مع الحوثيين فترة الحروب الست العبثية والسينمائية في محافظة صعدة شمال اليمن التي امتدت من العام 2004 وحتى 2009، وصولاً إلى حالة اختطافهم ووقوعهم تحت قبضته وتصريفه لهم في السنوات الأخيرة ضمن حقبة الصراع مع الخصوم الفعليين ودورة الأحداث التي تمتد لأكثر من 10 سنوات، منذ الحروب الست وأثناء الثورة الشبابية الشعبية السلمية، وفي غضون الفترة الانتقالية التي آلت إلى الانقلاب، عدا إشراك وتمكين إيران والأمريكان والخليج قبل “عاصفة الحزم” معه في تحقيق بعض أجنداتهم في اليمن وضرب وتصفية الخصوم.

 

والحاصل أن الحوثيين -باعتباري مهتماً وباحثاً وكاتباً في هذا الشأن- مرّوا بمراحل ومنعطفات خطيرة وكثير متعرجة، وتحولات عميقة وجذرية بنيوية وفكرية وسياسية منذ نشأتهم الأولى التي كانوا عليها مجرد مجموعة دينية تقليدية لها رؤاها الخاصة ونظرتها للحياة والكون والإنسان، وحتى الحالة التي غدوا عليها مجاميع مسلحة موجهة ليس لها من الأمر شيء، وجماعة مختطفة لهم قائمة ومستقلة بذاتها.

 

 فقد كان الحوثيون بداية تخلّقهم نهاية ثمانينيات القرن الماضي مجموعة تقليدية تمارس حياتها وطقوسها الدينية بصورة طبيعية في الشمال باليمن، ثم انتظموا في مسمى “تنظيم الشباب المؤمن” كجماعة دينية وحركية طلابية، غلب عليها الطابع العلمي والتثقيف الديني المذهبي، عدا عملية الاحتواء والتوظيف النسبي والتأثير السياسي على توجهات التنظيم الذي عمدت له الشقيقة السعودية ورجلها التاريخي الرئيس السابق علي عبدالله صالح وحزبه المؤتمر الشعبي العام، لمجابهة التوجه السلفي وحزب ا?صلاح الإسلامي السني آنذاك في الجزء الشمالي من اليمن، إلى درجة تبوء قيادات الصف الأول في “تنظيم الشباب المؤمن” مواقع متقدمة وعضوية في حزب المؤتمر الشعبي العام، وتمثيله سياسياً في عدد من المناطق والدوائر.

 

وكان من أبرز القيادات والهيئات التي انتظمت ومثلت الوجهة السياسية عن حزب المؤتمر الشعبي العام في صعدة شمال اليمن، زعيم جماعة الحوثيين المؤسس حسين بدر الدين الحوثي، وشقيقه يحي الحوثي ورفيقه عبدالكريم جدبان، وحتى كتابة هذه السطور مازال عدد من القيادات والرموز البارزة في جماعة الحوثي المختطفة، ممثلين عن حزب المؤتمر الشعبي العام في البرلمان منذ فترة التسعينيات، وإلى اليوم ومن أبرز هؤلاء يحي بن بدر الدين الحوثي شقيق زعيم الجماعة.

 

وفي مطلع العام 2000، تعرض مكون “تنظيم الشباب المؤمن” للتصدع والانشقاق والتراجع الكبير، إثر حالة الفرز والتباين بين القيادات والطلاب من واقع مغايرة المؤثرات الدينية والسياسية الخارجية للموجهات المحلية الدينية العقدية والفكرية والسياسية في إطار المدرسة الزيدية، التي تسرّبت نتيجة ابتعاث وتفويج الطلاب للدراسة حينها في معاهد وجامعات إيران وحوزاتها، لينتهي الأمر عقب حالة التباين والخلاف داخل التنظيم باختطاف إيران للجماعة وسيطرة حسين بن بدر الدين الحوثي على “تنظيم الشباب المؤمن”، الذي لم يدم على حالته، وقيادته وتوجيهه منفرداً للجماعة ومن تبقى معه في “تنظيم الشباب المؤمن” وفق مرجعية الحوزات والتوجهات السياسية ا?يرانية.

 

وعقب صيرورة “تنظيم الشباب المؤمن” في يد حسين بن بدر الدين الحوثي وتبوء موقع القيادة والتوجيه للجماعة لم يلتزم خطى من سبقه بل أحدث وغيّر وبدّل في منظومة وبنيوية الجماعة العضوية والدينية والفكرية والسياسية، ما دفع أغلب علماء ومراجع الزيدية في اليمن للقول بخروجه عن المذهب وأصدروا في حقه وجماعته بياناً وفتاوى، وصادف تولي حسين بن بدر الحوثي زمام قيادة الجماعة في هذه المرحلة وقوع زلزال حدث الحادي عشر من سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة، الذي قذف به للواجهة واستثمار الحدث بشراهة، للخروج على الناس بشعار معاداة أمريكا وإسرائيل، ما أدى إلى وقوع خلافات بينه وبين الدولة انتهت بنشوب حرب بين جماعته وبين القوات الحكومية، أدت إلى مصرعه في سبتمبر2004.

 

وأدى مصرع زعيم الجماعة، حسين بن بدر الدين الحوثي، إلى سقوط وتلاشي الجماعة وذهاب ريحها بفعل واقعية المواجهات في الحرب ا?ولى والمعارك التي دارت على الأرض، بخلاف ما تلاها من حروب سينمائية وعبثية في الفضاء العام والسياسة والإعلام التي اتسمت بها الحروب الست، وسيطر على تفاصيلها الغموض والتضليل والتسييس، بدءاً من عملية اتصال الرئيس السابق علي عبدالله صالح التي تداولتها وسائل الإعلام ودعوته الرسمية لأسرة زعيم الجماعة وعلى وجه التحديد والده بدر الدين الحوثي، ونجل حسين الحوثي وأسرته للتصالح معهم، الذين أجابوه واستضافهم في العاصمة صنعاء وأقاموا تحت رعايته وضيافته لهم فيها شهورا، وأغدق عليهم بالأموال الطائلة، كما روت تفاصيل ذلك صحيفة الوسط المقربة من الرئيس السابق صالح.

 

ثم لم تمض سوى أيام، حتى فوجئ الشارع اليمني والعالم بورود أنباء وأخبار في وسائل الإعلام، تفيد بهروب بدر الدين الحوثي وأسرته من العاصمة صنعاء إلى مدينة صعدة، ويومها سرّبت وسائل الإعلام أخبار عودة الحرب في صعدة بين القوات الحكومية وجماعة الحوثي، على الرغم من أن وضع الجماعة في تلك الفترة لم يكن مستوياً وزعيم الحوثيين الحالي عبد الملك الحوثي قد تسلم القيادة فعلياً خلفاً لشقيقه الصريع حسين الحوثي عقب مقتله، بل مضت فترة زمنية طويلة ليست بالقصيرة التي جرى فيها تهيئة الفتى الشاب عبد الملك الحوثي وإعداده زعيماً للجماعة، وبرغم هذه المعطيات والتفاصيل كانت تجري الحرب وتدور.

 

وفي هذه الفترة والمرحلة عاشت اليمن فصول الحروب الست السينمائية، التي كانت تندلع وتتوقف باتصال وضغطة زر للتلفون، وكان فيها وضع الحوثيين غير طبيعي وواقع الجماعة على الأرض غير مستو وقائم، والتي لم يكن الحوثيون حينها سوى ورقة ابتزاز للمملكة وغطاء لاعتمالات صراع خفي داخل الدولة نفسها وتصفية حسابات داخلية بين طرفي النظام الحاكم على خلفية ملف “توريث الحكم” أفرزت حالة من المواجهة بين مكونات الجيش اليمني وبين مؤسساته القديمة والحديثة (الفرقة أولى مدرع والحرس الجمهوري)، عدا حالة الصراع السياسي والمكايدة بين حزب المؤتمر الحاكم والمعارضة في تلك الفترة.

 

ولم تجر من الحروب الست السينمائية سوى بعض المواجهات المحدودة، وكانت الحروب الست في مجملها بين الدولة والحوثيين في الفضاء العام سياسية وإعلامية، أكثر منها ميدانية وعسكرية، وبذلك نستطيع القول إن الرئيس السابق علي عبدالله صالح قد تمكن من جعل الحوثيين ورقة سياسية رابحة أمدّته بالأموال الطائلة وفتحت له الآفاق الرحبة وجسور العلاقة والاتصال بالأمريكان وإيران والاستفادة منها ودعمها السياسي واللوجستي والمادي للحوثيين وتوظيف إشكالاتهم السياسية واستثمارها عن طريق بعض رجالاته في أجهزة ومؤسسات الدولة الرسمية، وابتزاز الجارة السعودية لمحاربة الحوثيين كفزاعة في الفضاء السياسي والإعلامي، وابتزاز قطر ودفعها لرعاية المصالحة مع الحوثيين أيضاً في نفس الوقت.

 

وبهذه التناول المتسلسل للمعطيات والوقائع، نستطيع تقدير وضع الجماعة والحوثيين في هذه المرحلة كونها جماعة مستلبة وموجهة ومخترقة، عدا كونها استخدمت وجرى توظيفها كورقة ابتزاز، ومن اللافت والمهم التأكيد عليه في هذا السياق لتتضح الصورة أكثر في هذه السطور حول نقطة وموضوع تسمية الحوثيين بـ “أنصار الله” وبناء هيكلها العضوي الذي حدث في العاصمة صنعاء من قبل بعض رجالات صالح وليس في صعدة عام 2009، الذي تزامن مع دخول الوساطة القطرية على الخط والتي كان من نتائجها افتتاح صندوق مالي في اليمن باسم “إعمار صعدة”، وقد جاءت التسمية بـ جماعة “أنصار الله” في العاصمة صنعاء عقب هذا الابتزاز الكبير المفتوح الذي لم ولن يحدث في تاريخ البشرية.

 

ومنذ ذلك اليوم الذي نحت فيه مُسمى جماعة “أنصار الله” للحوثيين وبناء هيكل الجماعة العضوي في العاصمة صنعاء، وتفريعاتها التي مازالت تتوالد إلى اليوم تحت مسميات مختلفة ومتعددة بحسب مستجدات الساحة والوضع السياسي العام للبلد وحاجة الحاوي الكبير “الراقص على رؤوس الثعابين” الرئيس السابق صالح لأي لعبة وسيناريو يخلقه في الواقع والمشهد العام اليمني.

 

ولعل آخر هذه السيناريوهات حضوراً في المشهد الإعلان الدستوري في العاصمة صنعاء، ومسمى اللجنة الثورية التي هي امتداد وتفريع لحالة واقع الحوثيين ووضع جماعتهم المختطفة، الذي لم يخرج قيد أنملة عن حالة الاستخدام والتوظيف والاستلاب وا?بداع من قبل الرئيس السابق علي عبد الله صالح وعدد من رجالات حزبه المؤتمر الشعبي العام.

 

ولذلك؛ حين هبّت رياح التغيير وسرت في المنطقة أحداث الربيع العربي، اندلعت في اليمن ثورة الشباب الشعبية السلمية، وكان الرئيس السابق صالح ونظامه حينها يعالج السقوط، وتعرض قبلها لهزات وخضات عنيفة من قبل أحزاب المعارضة (اللقاء المشترك) وكان في الواجهة نجل أحد حلفائه التاريخيين ورفيق دربه في قبيلة حاشد وحزب الإصلاح الإسلامي، رجل المال والأعمال الشيخ حميد بن عبد الله بن حسين الأحمر، الذي كان قد خرج عليه وعلى حكمه قبل ذلك في آخر انتخابات رئاسية عام 2006.

 

حينها لم يكن من أمر الرئيس السابق علي عبدالله صالح إلا استقدام جماعة الحوثي ومسلحيها إلى العاصمة صنعاء ودفعها بقوة للمشاركة والانخراط في حدث الثورة الشبابية الشعبية السلمية للتأثير عليها وضرب قواها ومكوناتها من الداخل، ليتمكن عملياً وفعلياً من تحويث الثورة، وعقب تحويث الثورة عمد إلى تحويث المشهد السياسي العام اليمني طيلة الفترة الانتقالية التي حوَّلها إلى انتقامية، ليتسنى له في الجملة تصفية الثورة السلمية وبعض قادتها ورموزها، عدا الإساءة لها وطمس معالمها بـخلق ثورة مضادة.

 

عدا حالة التنسيق والتناغم والانسجام في الموقف السياسي العام، التي غدوا عليها في الواقع وخروجهم كتلة واحدة في السيطرة على الدولة والمشهد والواقع على الأرض، ودعوة الأطراف والخصوم للتسليم بشرعية الأمر الواقع وقسرهم عليها، عدا إعلان الحرب المفتوحة والتعبئة العامة للقتال والتجييش للشعب، وإطلاق يد الجيش والقوات الموالية لـ غزو الجنوب ومدينة عدن على وجه الخصوص الذي ترافق مع استعداء الشقيقة السعودية، وتهديد أمنها واستقرارها من خلال بعض التصريحات والمناورة على الحدود.

 

ما يعني أن الحوثيين في المحصلة مجرد مجاميع مسلحة ورافعة سياسية وغطاء لا أكثر، جرى تصعيدهم بطريقة وأخرى في المشهد العام في اليمن، من خلال سيناريو الحروب الست السينمائية عام 2004، وبدءاً بتحويث الثورة السلمية التي انطلقت في 2011، مروراً بتحويث وتفخيخ الحوار وتخريب الفترة الانتقالية فالثورة المضادة التي انتهت بالانقلاب الشامل الذي تم تدشينه بالإعلان الدستوري وإعلان الحرب والتعبئة العامة، وصولاً إلى تدشين الحرب الأهلية في الداخل، واستعداء الخارج وفي المقدمة الشقيقة السعودية التي لم يكن بوسعها رغم وفرة إسداء النصح والتحذيرات للرئيس السابق صالح وحلفائه الحوثيين سوى إطلاق “عاصفة الحزم” في أجواء اليمن.

 

على أن الحوثيين من كل ذلك حاضرون في المشهد التمثيلي والدراماتيكي لا أكثر وليسوا هم المشهد ولاحتى بعض أجزائه، كما أنهم في واقع الحال ليسوا جماعة مستقلة بذاتها تملك أمرها وقرارها حتى نعطيها بعض التقديرات والتوصيفات المبالغ فيها من وجهة نظري، التي لا تعدو في حالتها الأخيرة سوى مجاميع مسلحة مختطفة ومجرد أداة ورافعة سياسية للرئيس السابق علي عبدالله صالح وحزبه المؤتمر الشعبي العام، الذي يعتبر في واقع الأمر الحاضن والحامل السياسي له.

 

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)