لماذا وكيف انطلقت عاصفة الحزم ؟
الأرشيف
الثلاثاء ، ٣١ مارس ٢٠١٥
الساعة ٠٧:٢٧ مساءً
غازي الحارثي
بعد اقتراب الميليشيات الحوثية من حدود العاصمة المؤقتة ” عدن ” كان التحرك الحثيث مطلوباً بأي شكل كان .. إما بتنشيط الحلول السياسية أو حتى اللجوء لآخر الحلول ” التدخل العسكري ” ..
المصالح الاستراتيجية أصبحت في مهب الرياح ولم يتبقى إلا التمسك ببقاء السلطة الشرعية ، وهذا لن يتم إلا برد المعتدين عليها .
لم يكن أكثر المتشائمين يتوقع أي عملية عسكرية تبدؤها السعودية في الاراضي اليمنية .. كل الأزمات السياسية الخانقة التي أثرت على الأمن القومي السعودي أظهرت السعودية كقوة سياسية تعمل بالحلول السلمية وفق المعطيات السياسية وتحقق كثيراً أهدافها دون أن تنجر لاستنزاف عسكري .
ولكن حين تظطر السعودية للعمل العسكري فإنها تحطم مخططات وتنهي معاناة شعوب ، وكما حدث في البحرين 2009 وبدأ الآن في اليمن .
على الأرض يمكن رؤية حلول سياسية متاحة للأزمة اليمنية ، لكن جدواها غير مؤكدة واقتراب الحوثيين من احتلال العاصمة المؤقتة سيقضي على ماتبقى من الشرعية التي تدافع عنها السعودية والخليج ، بالتزامن مع اقتراب إبرام دول 5+1 إتفاقاً مع إيران حول مشروع برنامجها النووي .
كانت الضربة العسكرية المباغتة أنجع الحلول التي التي لم تخطر على بال أيٌ من الأطراف السياسية في اليمن ، لكن مسارعة السعودية وحلفائها لهذا الخيار كانت خطوة استباقية وجريئة .. شرّعتها مواثيق الأمم المتحدة ، والجامعة العربية واستنجادات الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي .. حيث اختصرت كل الحلول السلمية التي لم تكن ستجدي نفعاً أو تفضي إلى حل مع الميليشيات الحوثية التي رفضت رمي السلاح ، وقوات الحرس الجمهوري والألوية التابعة لصالح .. ويحسب لها إعادة الاعتبار سريعاً بصناعة القرار السياسي للسلطة الشرعية بعد أن كانت مالميليشيات الحوثية تسيطر على القرار السياسي والعسكري على الأرض وتحاول فرض سياسة الأمر الواقع على السلطة الشرعية والشعب .
على النطاق الأوسع يمكن اعتبار العملية العسكرية بمثابة الضربة الاستباقية لنووي إيران أولاً .. الكل يدرك بأن مصير برنامج إيران النووي سيكون إلى الاتفاق سواءً اليوم ، أو غداً أو حتى بعد شهر .. لكن الرؤية السعودية على وجه الخصوص والخليجية عموماً كانت تقتضي بأن تستغل حالة العزلة الإقليمية الإيرانية قبل إتمام إتفاقها النووي والذي سيجلب لأحضانها كثير من الدول “المسترزقة” بحيث تغيّر الجغرافيا السياسية للمنطقة حتى عندما يتم الإتفاق حول النووي الإيراني تكون الأرضية غير مناسبة لإيران بتوسيع مخططاتها بفعل قوتها النووية .. هذا التحالف الإقليمي لايمكن أن يكون إلا ضد إيران وهذا مابدأ في اليمن وربما يستمر في دول المنطقة الأخرى بعدها .. عززه مشروع القرار العربي بإنشاء قوة عسكرية عربية مشتركة ، ويفسّر هذا التحالف رؤية هذه الدول (الخليجية وغير الخليجية) إلى إيران كقوة شر تسعى لتحقيق مصالحها الفردية بالأساليب المحرمة دولياً .. فهل إيران قادرة حتى بعد إتمام برنامجها النووي على مواجهة قوة إقليمية عسكرية مشتركة ؟
أو هل تملك من الجرأة السياسية مايمكّنها من توسيع مخططاتها السياسية بعد التحالف الإقليمي القائم ضدها ؟
لا أتوقع ذلك ، وهو “الزبدة” التي قام على إثرها تحالف عاصفة الحزم .