د.عمر عبد العزيز
كانت ألحان باقتادة تجد استمراريتها وبُعدها الآخر في التوزيع اللَّحني الذي تميز به، وأخرجه من دائرة الآلات الشرقية المعروفة ليُباشر إدراج آلات جديدة، عاقداً مُصالحة فنِّية إبداعية بين المستويين، وبانتقالات لحنية تُجسِّر العلاقة بين الشرقي والغربي، وتُحلِّق في برازخ «الانفصال- الاتصال» بين المستويين، ودونما فقدان للهارموني والتماسك البنائي في اللحن.
كانت السلالم الموسيقية الأكثر انتشاراً في إفريقيا وآسيا البعيدة حاضرة في ثقافته الموسيقية، وسأذكر هنا ترويحتين لحنيتين موسيقيتين شجيتين كان يؤديهما الفنان أحمد باقتادة بروحية سودانوية رفيعة.. الأولى أغنية «حُسنك فاح مشاعر» للفنان السوداني عبدالكريم الكابلي، والثانية أغنية لا أذكر اسمها من كلمات الأُستاذ الشاعر السوداني اليماني مبارك حسن خليفة.
لكن الأهم من هاتين الترويحتين تلك التجربة الفريدة التي جرت مع الفنان الصومالي عبدي محمد أمين، فقد تمكَّنت «فرقة الأصدقاء» بإشراف الأُستاذ أحمد باقتادة من استيعاب وهضم وتسجيل جملة من الألحان الصومالية في رابعة من نهار امتدت من العصر حتى المساء، وكانت المفاجأة الكبرى أن المجموعة عزفت الألحان الخماسية أفضل بكثير من مألوف الأداء عند الفرق الصومالية. ذلك ما قاله الفنان عبدي أمين. مستغرباً ومندهشاً من سرعة الإنجاز وإتقان الأداء، وحسن التوزيع الموسيقي.
وقبل أن أنهي هذه التطوافة العاجلة عن الفنان أحمد باقتادة، أسمح لنفسي بافتراض أن جملة الألحان الهامة والمتساوقة مع أعماق الجميل والجليل الفني تستحق إعادة تدوير أدائي يتَّسع للموسيقى الفنية الصافية .. تلك التي نأمل ذات يوم قريب أن تؤدى من فرق الكونسرفتوار العالمية، كما أتمنَّى أن يتم اعتماد تدريس ألحان باقتادة في قسم الموسيقى بمعهد جميل غانم للفنون بعدن، ليقيني الداخلي بأنها ستصبح ذات يوم قريب قيمة موسيقية أكاديمية، تُمثل عتبة انطلاق ذوقي ومعرفي في فنون التأليف والتوزيع والأداء الفردي.
كما أتمنى على الصديق الفنان .. الشاعر الغنائي والمتابع العاشق لفن الغناء والطرب الأستاذ عبدالله باكداده أن يرفق مبادرته التوثيقية الرفيعة باسطوانة تضم ألحان الفنان أحمد باقتادة، وبعض الصور الفوتوغرافية المختارة ذات الصلة بالموضوع، وإذا ما تمَّ توثيق الألحان بنوتات موسيقية فقد استقام العمل كمالاً وجمالاً.
*الجمهورية نت