علي أحمد العمراني
منذ وقع الرئيس السابق صالح على مبادرة الخليج، قررت الإحجام عن نقده، وترك ما له وما عليه، للتاريخ..
ربما لأنه كان رئيس بلادنا لفترة طويلة، ورئيس الحزب الذي كنت أنتمي إليه.. حزب الموتمر الذي يضم رجالا ونساء كثر جديرون بالإحترام..
وفي الحقيقة، كنت أقدر أن صالح سيترك السياسة.. ويكون رئيسا سابقا مثل الذين سبقوه في اليمن، ومثل بقية رؤساء العالم السابقين.. لكن يبدو أنه يفضل ألا يفعل..! و كان أولى به أن يفعل...!
عاد "الزعيم" قبل أيام يتحدث عن شركائه، في تحقيق الوحدة، وخصومه فيما بعد ذلك بقليل ، ويذكر بأنه تم طردهم من ثلاثة منافذ عام 1994...
كان أولى به أن لا يعاير، فالزعماء لا يفعلون ذلك عادة..!
يقول الان : هناك منفذ واحد فقط هو البحر ..!
ولا بد أن هناك كثيرون تساءلوا : هل هناك نية بشن حرب جديدة ..؟
وبصراحة لدي كلام كثير يلزم قوله للرئيس السابق صالح ...ولكن قد لا يتسع المجال له كله هنا ..!
وما يمكن قوله هنا هو :
- كيف يرى صالح نتائج حرب 1994، التي أسفرت عن إقصاء شركائه في تحقيق الوحدة وطردهم عبر منافذ البر والبحر..؟ هل عادت تلك الحرب وذلك الطرد على الوطن بخير ..؟ لقد عاد السيد البيض قبل سبع سنوات وخرج عن صمته الطويل ليقول للناس إنه أعطى صالح ما لم يعطه إياه أحد من قبل ولا من بعد،،ومنحه فرصة خمسة عشر عاما، ولم ينجح صالح ،،فعاد البيض من جديد، يطالب بفك الإرتباط ..!
مع أنني كنت ولا زلت أرى خيار الإنفصال مرفوضا وبائسا ..
- كيف يرى صالح حال الوحدة اليمنية التي تغنى بها اليمنيون كثيرا، وحلموا بها طوال السنين .. وشرفه القدر أن يوقع على اتفاقياتها .. واكتسب احتراما ومشروعية بسبب دوره في ذلك الإنجاز التاريخي .. وكان سببا في إبقاء كثيرين إلى جانبه طويلا، على الرغم من كثرة التشوهات والأخطاء الكبيرة ...؟
- وكيف يرى صالح حال الجمهورية التي تربع على رأس قيادتها أكثر من ثلاثة عقود ..؟
إعداؤه السابقون وحلفاؤه الجدد المسيطرون على صنعاء وغيرها، يتحدثون الان عن اختلالات خمسة عقود ويدينون حقبة الخمسة عقود صراحة وضمنا.. وصالح يعلم ما الذي يعنيه ذلك...!
- تكلم صالح عن أربع سنوات مضت، وقال إنها لم ترق له .. مع أنه شريك فيها بأكثر من النصف ، وفي الحقيقة أكثر بكثير...ثم أن نائبه السابق هو رئيس البلاد، وصالح الذي اختاره نائبا وارتضاه رئيسا، إضافة إلى حقيقة بقاء نفوذ صالح في الأمن والجيش الذي كان يجب بناؤه على أسس وطنية وليس عشائرية كما هو الحال.. أما الأربع السنوات الماضية فهي إبنة الثلاث والثلاثين ، وخلاصتها ونتيجتها.. كانت ولا تزال الثلاث والثلاثون عام ماثلة بممارساتها وقيمها وتقاليدها وثقافتها وكل إخفاقاتها ...
الرئيس السابق صالح يشمت بالرئيس هادي ...و يقول : خلعه أنصار الله ... وحاصروه ...!
هنا، كل الناس يتساءلون أين قوات الأمن والجيش الذي يفترض أن تحمي الرئيس.. ألم يبن القائد الأعلى السابق، طيلة أكثر من ثلاثين عاما مؤسسة جيش وطني يحمي السيادة ورموزها وأهمها عاصمة البلاد ورئيسها ورئيس حكومتها ..؟
أخيرا أنصار الله .. يقول الرئس صالح ... !
حسنا ...!
لكن لماذا كانت كل تلك الحروب مع أولئك الأنصار ..؟
لمَ كل تلك الدماء وذلك الدمار وتلك الحروب التي قيل إنها كانت تبدأ وتنتهي بتلفون ...؟
لا باس أن يكون صالح وأنصار الله متسامحين إلى هذا الحد فيما بينهم وبما يجعلهم يبدون متحالفين الان في أكثر من مجال على الرغم من كل ما حدث في الماضي القريب ...؟
التسامح يجعلنا متفائلين.. !
لكن، يبدو أن المهم فقط من منظور التحالف الجديد، هو أن يكون أنصار صالح وأنصار الله بخير ..!
أما الوطن الجريح الممزق فلا يهم ...
أكرر : الزعامة تقتضي كلاما ودورا غير ما تقول وتفعل سيادة الرئيس .. !
وصدقني إنني آقول الصدق والحقيقة ولا شيء غير ذلك ..
وقد لا يعيب عدم توافق ما أقول هنا مع كثير مما يقوله لك بعض المنتفعين القريبين منك، الان ودائما، وأثناء حروب صعدة واجتياح صنعاء، وحرب الجنوب السابقة والتي قد تأتي ...ويجب أن لا تأتي أبدا..
في 2005 قال المفكر الأمريكي، الخبير في الشأن اليمني، روبرت بوروس في مقابلة صحفية : اليمن أشبه بسفينة تغرق بسبب الفساد المهول.. ولا تتوفر القدرة ولا الرغبة في إنقاذها .. وزاد على ذلك بقوله : ( اليمن بلد يحكمه اللصوص لصالح اللصوص..) .. كنا حينذاك، نظن روبرت بوروس متشائما أكثر من اللازم وكنا نظن أننا قادرون على الإنقاذ والإصلاح والتصحيح من الداخل، على الرغم من كثرة الصعوبات وتعاظم الجشع ..!
تبين مع الزمن أن تقييمات الدكتور بوروس كانت تلخص واقعا مريرا ، كثير منا لم يدركه،،ولم يعترف به لحد الآن...
منذ أكثر من خمسة عشر عاما والمؤسسات الدولية تصرخ بأعلى صوتها، والعالم يتحدث عن مآلات الدولة الفاشلة في اليمن قبل أي بلد عربي أخر ، وقبل الربيع الذي تسمونه عبريا.. لكن هل هناك من وجد أذنا صاغية ..؟
كا الصمم والعمى يتحكم..
وكان الجشع وحده يسود ..
وكانت ثورة 2011 نتيجة لكل ذلك الصمم والعمى والجشع، الذي حذرنا منه مرارا في مناسبات عدة سبقت 2011..
كانت ثورة أو انتفاضة 2011، أو ما تشاؤون من تسميات، استحقاقا حتميا، وصفحت وقدمت تضحيات كبيرة وتنازلات ، وحصانات عدها كثيرون اتنقاصا من حجم تضحيات شباب اليمن .. كان ذلك بدافع الحرص على سلامة بلد عزيز ، لم يتعامل معه آخرون إلا مجرد غنيمة .. مثلما يفعل الغرباء عادة، للأسف ..!