أحمد الضحياني
أسوأ ما عرفه التاريخ البشري في اليمن زعيم مليشيا مسلحة، يريد أن يجعل اليمنيين عبيداً، أو يجعل من السجون مقر إقامة دائمة.
كل شيء تقوم به مليشيات الحوثي مغاير للإطار القيمي الإنساني المعاش للمجتمع. يفرضون العبودية أو ينشرون الموت. مليشيا لا تعرف أي قيمة للإنسان اليمني، إن أراد أن يمارس حياته الاعتيادية الطبيعية، مخالفاً لسيد الكهف المراهق الذي حجبته إقامته الجبرية الاختيارية المفروضة بالمشروع الإيراني الطائفي، أن يرى على بصيرة أن الشعب ليس أحجاراً، يمكن ضربها أو تفجيرها.
هذا الحال المعاش تمارسه هذه المليشيا، وتنال من كرامة المجتمع، بكل السبل والسلطة التي سلمت إليها. هذا هو القهر المدجج بقوة السلاح وعنف المليشيا التي تصادر أجمل ما في المجتمع من سلم وتعايش وتكافل وتعاون واستقرار. ما دخلت قرية أو حارة أو مدينة إلا وعاثت فيها فساداً وفوضى. تقتل وتختطف وتعذب المخالفين والمناهضين لأعمالها، قبل مشروعها الاستئصالي. تفجر المنازل وتنهي المنازل على ساكنيها. إنها جماعة نازية فاشية ليس في مشروعها حياة سوى حياة القهر والعبودية.
كل شيء في هذ البلد المغدور به يمكن أن يعالج إلا الحرية، إن فُقدت، تحتاج إلى حياة جديدة وجيل جديد، يتمكن من فرض خياراته وواقعه على نحو مغاير لما عاشه الآباء والأجداد.
لا شك في أن العقل الرشيد لا يقر صلاحية المشروع المليشياوي لمجتمعٍ، يريد الحياة والأمن والاستقرار، حتى وإن تلبس صاحبه بروح الزعيم المنقذ لإزالة الفساد الذي يُمارس في مؤسسات الدولة.
ليس ثمة شيء نعول عليه في وقتنا الحاضر، إلا على قدرتنا في إنتاج مشروع مغاير يحترم القدرات البشرية، ويعمل على إيجاد المؤسسات المحترمة لتشغيلها، بحيث يعتمد على الإدارة الفاعلة، يقيم علاقة وطيدة بالأداء والجهد والنتائج، وليس الإجهاد القائم على الروتين الممل والانطباع والولاء الشخصي.
المشروع الذي لا يلقي للموارد البشرية أي اهتمام سيبقى مشروعاً يدور حول نفسه، وغير قادر على المنافسة وتحقيق الأهداف. فالموارد البشرية هي الأساس الأول لتحقيق الأهداف، وهي رأس المال الذي يعمل باستمرار وفق منهجية.
وللأسف الشديد، لدى أغلب أصحاب المشاريع، اليوم، نظر ضيق في ما يتعلّق بالموارد البشرية، ولا يقيمون علاقة حقيقية بين التقييم وتحسين الأداء، مبدأ الثواب والعقاب في الهامش. لهذا، ترى تقدير القدرات البشرية تقع في سلم أدنى وخاضعة لمزاج من يديرون، وليس وفق أسس علمية.
أما إذا قادك ظرفك المعيشي للعمل، فتلك عملية معقدة تعيش مخاضاً بين قدرتك على الإنتاج وتحقيق الأهداف، وضعف الحافز المادي الذي لا يكفي لمتطلبات الاحتياجات الأساسية. لهذا أنت في معركة شديدة واختبار حقيقي لمشروعك القيمي. فإما أن تجوع، لتحافظ على مشروعك، أو أن تتوقف، وتعلن المغادرة، خياران أحلاهما مرّ.