ليس بوسع أحد فهم حقيقة ما يحدث في اليمن من أحداث وتطورات متسارعة وإلى أين يسير هذا البلد العربي الشقيق الذي مزقته حروب الداخل (حربي 1990 و1994 بين الشمال والجنوب وسبعة حروب مع الحوثيين مع الحرب الحالية) وبعد أن أصبح مسرحًا لعبث العديد من المنظمات الإرهابية التي تدعمها طهران إلى جانب وقوفه على حافة الانفصال بين شطريه، وهي أحداث مؤسفة ومؤلمة لاسيما وأن الشعب اليمني هو الذي يدفع الجزء الأكبر من فاتورة هذه النزاعات والفتن والدم المراق من خلال تردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية والسياسية، وهو ما يضاعف المسؤولية أمام كافة أطياف هذا الشعب لإخراج اليمن من محنته وانتشاله من الظروف الدقيقة التي يمر بها من خلال تغليب المصلحة الوطنية العليا على المصالح الفئوية والحزبية والعمل الجاد والمخلص بعيدًا عن المزايدات والمحسوبية والتواكل، مع ضرورة التمسك بالمبادرة الخليجية بكافة بنودها باعتبارها المرجعية الأساس للنزاع وأيضًا الجسر الذي أدى إلى الانتقال السلس للسلطة وإبعاد شبح الحرب الأهلية، والآلية المناسبة لتشكيل ملامح المستقبل في ضوء مخرجات الحوار الوطني. كما يتعين على الشعب اليمني إدراك أن الخروج عن هذا الإطار يعني المزيد من التردي في الوضع الأمني والاقتصادي والغوص في مستنقع الفتن. المملكة التي ظلت تدعم اليمن على كافة الأصعدة يهمها أن ينعم -باعتباره جارًا وشقيقًا- بالأمن والاستقرار، وأن يجتاز هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها حتى يعود إلى سابق عهده ويتابع مسيرة التنمية التي تعثرت كثيرًا من جراء تلك النزاعات التي تحركها مع الأسف جهات خارجية لا تخفي أهدافها الحقيقية في العمل من أجل الزج بالبلاد في أتون حرب أهلية وتفتيت وحدته وزرع الفتن الطائفية والقبلية في ربوعه. وما المساعدة الغذائية التي أمر بها أمس الأول خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله - بتكلفة 54 مليون دولار لإعانة 45 ألف أسرة يمنية إلا أحد مظاهر هذا الدعم السخي الذي ظل يتواصل دون انقطاع ، إلى جانب كافة أوجه الدعم الأخرى بما في ذلك وقوف المملكة مؤخرًا خلال أعمال الاجتماع المشترك الثالث بين المندوبين الدائمين للدول العربية الأعضاء في الجامعة وسفراء اللجنة السياسية والأمنية في الاتحاد الأوروبي إلى جانب اليمن بما يعكس الحرص على عودة الأمن والاستقرار والسلم الأهلي بأسرع وقت ممكن لمواصلة دوره الفاعل في الساحتين العربية والدولية.