حمد أحمد العامر
صرح وزير خارجية البحرين الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، إلى صحيفة «الوطن» البحرينية في عددها الصادر الأحد 8 شباط (فبراير) 2015 بقوله: «نحن في حال عداء مستقر مع إسرائيل يجب أن يحل بعملية سلام شاملة، وإلا فهو تهديد سينعكس سلباً على أمن المنطقة»، ويتابع: «أما إيران فهناك حال من عدم الاستقرار وتصل إلى حال من العداء من ناحيتهم تجاهنا. الوضع مع إيران متجدد ومتغير صباحَ مساءَ في سياستها تجاه المنطقة، كل يوم لها شكل من الأشكال، فيوماً نراها تتدخل في البحرين، ويوماً نراها في العراق، ويوماً نراها في اليمن، وهذا النوع المتجدد في أشكاله بالعلاقة مع إيران يعطي نوعاً من الخطورة على أمن المنطقة.»
وتعليقاً على هذا التصريح المهم الذي لم يدل به أي وزير خارجية خليجي من قبلُ، يكمن التلون والخطورة في المواقف الإيرانية وأطماعها في الخليج العربي، ويتجلى ذلك بعد أن أطلقت الولايات المتحدة يدها في العراق وأصبح مصير هذا البلد العربي وسياسته الداخلية والخارجية تسير في فلك السياسية التي ترسم في طهران وقم، وأشعلت نار الطائفية بين الشعب الواحد الذي دخل في حرب أهلية غير معلنة بين السنة والشيعة، ويعتبر هذا التدخل في نظري السبب المباشر الذي أدى إلى قيام ما يعرف بتنظيم دولة داعش، في الأنبار وشرق سورية. وكما هي الحال في العراق، ابحث عمن يقف وراء التوتر السياسي الداخلي والأمني في لبنان والعسكري على الحدود اللبنانية-الإسرائيلية، ستجد حزب الله أمامك، وهو يمارس الدور الإيراني بكل صلف وغرور، كما ستجد كبار المسؤولين العسكريين الإيرانيين يتحركون ويتجوّلون في لبنان، وكأنهم في طهران ويدخلون هذا البلد العربي بطائراتهم وسياراتهم بلا حسيب أو رقيب. أما سورية فهي الأخرى ضحية من ضحايا التمدد الإيراني في البلاد العربية، وما يزيد الأمر تعقيداً أن تشارك في مأساة الشعب السوري ومعاناته حتى الآن دولة عظمى كالاتحاد الروسي الذي يبحث عن نصيبه من الكعكة التي ابتلعتها المصالح الأميركية والفرنسية في ليبيا.
وأخيراً ها هي إيران في اليمن مع حليفها الشيعي العربي عبدالملك الحوثي الذي تحالف -وللأسف- بدوره مع قوى يمنية سنية تابعة للرئيس السابق علي عبدالله صالح، واتفقا على نسف المبادرة الخليجية الشرعية التي ارتضاها الشعب اليمني بآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني اليمني؛ لتدخل اليمن في دوامة من العنف والصراع القبلي وحرب أهلية قادمة بين أبناء الشعب أنفسهم.
والسؤال: لماذا تقوم إيران بهذا التمدد في أربع عواصم عربية؟ كما صرح بذلك نائب طهران في البرلمان الإيراني (زاكاني) المقرب من خامنئي بتاريخ ? شباط (فبراير) ????: «إن ثلاث عواصم عربية هي بغداد ودمشق وبيروت في قبضة إيران، وأن صنعاء هي العاصمة العربية الرابعة تحت القبضة الإيرانية...»؟
والجواب يتضح في الأهداف الإستراتيجية التالية لإيران:
- نشر مبادئ المرشد الأعلى آية الله الخميني للثورة الإيرانية والمذهب الصفوي، الذي يجب أن يعم البلدان العربية كافة، بالعمل على خلق فوضى داخلية في المجتمعات العربية، تقوم على تأجيج الطائفية والخلافات القبلية القائمة.
- إحكام سيطرة إيران على المضايق البحرية لتصدير النفط (مضيق هرمز بالخليج العربي ومضيق باب المندب في البحر الأحمر)، بما يؤكد سيطرتها على أسعار النفط في الأسواق العالمية، ويعزز موقفها التفاوضي مع الدول الغربية والولايات المتحدة حول ملفها النووي.
- الاعتراف بنفوذها وهيمنتها على دول مجلس التعاون وعدد من الدول العربية بما يتفق ومصالحها العليا في قيام نظام إقليمي جديد يجعل مرجعية القرار السياسي في طهران بما ينسجم وإرادتها ومصالحها الاستراتيجية.
- دخول إيران النادي النووي من أوسع أبوابه؛ لتثبيت نظام ولاية الفقيه أولاً بما يضمن استمراريته في العالم وتثبيته بالوصول إلى العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي كدولة عظمى بعد الاتفاق على نظام دولي جديد لعضوية مجلس الأمن، يأخذ في الاعتبار المتغيرات والمستجدات والمصالح الدولية والإقليمية الراهنة والقائمة على أرض الواقع.
أخيراً، لا بد من التوضيح بأن سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط والخليج العربي تقوم على مبدأين أساسيين هما:
- نشر الديموقراطية وحقوق الإنسان في البلاد العربية، وهذا ما كانت تهدف إليه من «الربيع العربي» الذي انتهى إلى ما انتهى إليه من نتائج سلبية عادت على الدول العربية وشعوبها بحال من انعدام الأمن وعدم والاستقرار حتى الآن.
- ضمان تدفق النفط عبر خطوط الملاحة الدولية في الخليج وباب المندب.
وهذان المبدآن ينسجمان تماماً مع المصالح والأهداف الاستراتيجية لكلا البلدين، لذلك فبعد أن كانت الولايات المتحدة «العدو الأكبر» أصبحت بعد سقوط برجي التجارة في نيويورك (11 سبتمبر) «الحليف الأكبر» وعكس ذلك ما صرح به في فبراير الماضي (النائب زاكاني) المقرب من خامنئي «بأن منطقة الشرق الأوسط أصبحت الآن تحت سيطرة قطبين الأول بقيادة الولايات المتحدة وحلفائها من العرب والثاني بقيادة طهران والدول التي وقفت مع مشروع الثورة الإيرانية».
سفير مجلس التعاون (الأسبق) لدى الاتحاد الأوروبي.
/نقلا عن الحياة/