صادق ناشر
يترقب اليمنيون التطورات التي ستحملها الأيام المقبلة بعد إقدام الحوثيين على إعلان ما وصفوه ب "الإعلان الدستوري"، وهو الإعلان الذي شطب دولة قائمة منذ أكثر من ستين عاماً وأدخل البلاد بأكملها في غياهب المجهول .
ما الذي راهن عليه الحوثيون في خطوتهم التي أقدموا عليها، وهل يعتقدون أن بإمكانهم تمرير "الإعلان الدستوري" في ظل رفض سياسي وقبله شعبي لهذا الإعلان الذي تمت صياغته على عجل ولا يحمل أية صفة قانونية أو دستورية، ذلك أن أي إعلان دستوري لابد أن يكون صادراً من رئيس دولة، وهذا الرئيس يقيم في منزله تحت القوة الجبرية المفروضة من الحوثيين؟
أي سيناريو ينتظر اليمن في المرحلة المقبلة؟ سؤال يتردد كثيراً على ألسنة اليمنيين، الذين وجدوا أنفسهم يدفعون ثمن رغبتهم في التغيير نحو الأفضل، عندما خرجوا عام 2011 ينشدون إسقاط نظام مهترئ لم يقدم لهم شيئاً خلال 33 عاماً، لكنهم اليوم يدفعون ثمناً باهظاً من أمنهم واستقرارهم ومن وحدة بلادهم أيضاً .
سيناريوهات كثيرة تنتظر اليمن في الأسابيع والأشهر بل والسنوات المقبلة، فمن المؤكد أن أحداً لن يسلم بهيمنة طرف بعينه على بلد بأكملها، والحوثيون يدركون أن إدارة البلد من قبل طرف واحد أمر غير ممكن، وأن الشراكة الحقيقية تقتضي أن يجلس الجميع إلى طاولة حوار لبحث أفضل السبل للعيش المشترك .
أكثر السيناريوهات تشاؤمية هي تلك التي تتنبأ بنشوب حرب أهلية في البلاد كافة، بخاصة مع توفر المناخ لذلك، وأقلها تشاؤماً هي تلك التي تشير إلى إمكانية عودة الحوثيين عن مشروعهم الذي يقود البلاد إلى المجهول، تراجع يقبل بإلغاء القرارات أحادية الجانب، والتي جاءت بصيغة الإعلان الدستوري وتجاوز المؤسسات الدستورية والشرعية والانفراد بالحكم .
وفي كل الأحوال فإن اليمن لن يعود ذلك الذي عرفناه قبل سنوات، بخاصة في ظل المواقف التي بدأت تظهر من هنا وهناك، وبالذات من الجنوب الذي تنتظره أحداث كبيرة في الفترة المقبلة إذا ما أصر الحوثيون على الاستمرار في مشروعهم الانقلابي والتدميري للبلد بأكمله .
سيكون الحوثيون مسؤولين عن تمزيق البلد إذا ما استمروا في الطريق الذي اختطوه قبل أيام، فمن المؤكد أن القوى السياسية في الداخل لن تستسلم لمشروعهم، وكذلك الحال مع دول الإقليم والمجتمع الدولي، الذي يرفض ما قام به الحوثيون وستكون له كلمته في المرحلة المقبلة .
الخوف على اليمن من التمزق والتشرذم هو ما يمزق قلوب اليمنيين اليوم، بخاصة في ظل المؤشرات الكبيرة التي نرى شواهدها ماثلة للعيان، حيث يخشى الجميع دخول البلاد في دوامة حرب أهلية شبيهة بدول عربية كثيرة، وهي حرب في حال نشبت لن يسلم منها أحد .