الأرشيف

دولة اليمن الحوثية

الأرشيف
الأحد ، ٠٨ فبراير ٢٠١٥ الساعة ١٠:٤٦ صباحاً

سمير الحجاوي


قادت حقبة طويلة من الاستبداد والفساد بزعامة علي عبد الله صالح إلى تشظي اليمن وتحويله إلى واحد من الدول الفاشلة التي تتذيل قوائم التعليم والصحة والتنمية في العالم، وأرسى قواعد بلد يفتقر إلى كل شيء على مدى 33 عاما من الحكم، الذي وصفه صالح بأنه "رقص على رؤوس الثعابين"، وهو الرئيس الوحيد في العالم الذي وصف شعبه بأنهم "ثعابين" وأنه يمكث في الحكم لأنه يجيد الرقص والقفز فوق رؤوسها، ولم يكن لصالح أن يرقص فوق الثعابين إلا بقدرته على اللعب بالتناقضات الداخلية والإقليمية والدولية، وإجادته للفن الإنجليزي الشهير "فرق تسد"، ولذلك كان كثيرا ما يبدل حلفاءه وتحالفاته باستثناء عائلته التي تحولت إلى أسرة جمهورية حاكمة في "جملوكية اليمن السعيد".

 

من بين الألاعيب التي قام بها علي صالح تحويل الحوثيين إلى حزب سياسي في مطلع التسعينات، حيث بدأت مرحلة التأسيس والتكوين للحركة الحوثية منذ عام 1990، في بعض مناطق محافظة صعدة، وتم تأسيس حزب الحق لمقاومة المذهب الحنبلي سياسياً وحركة الشباب المؤمن بقيادة حسين بدر الدين الحوثي، التي ركزت على جلب النشاط الشيعي الاثني عشري إجتماعيا ودينيا في اليمن بدعم من الرئيس علي عبد الله صالح.


ورغم أن الحوثيين ينتمون إلى المذهب الزيدي المختلف عن التيار الشيعي العام، إلا أن بدر الدين الحوثي والد حسين سافر إلى طهران وأقام بها عدة سنوات وتأثر بالمذهب الشيعي الاثني عشري والخميني واعتقد بإمكانية تطبيق النموذج الإيراني على اليمن. وهو ما تبناه من الناحية العملية، فبدأ بتأسيس المعاهد والمدارس الدينية في صعدة والجوف وصنعاء بدعم إيران، وتم طبع كميات كبيرة من الكتب ، وبدأ تغلغل التشيع الشيعي الاثنا عشري بقوة في أوساط الزيدية ، بعد ذلك انتقل الحوثيون إلى المرحلة الثانية، وهي مرحلة التنظيم المسلّح العلني للشباب المؤمن، أو ما بات يُعرف بجماعة الحوثي، في يونيو 2004م، وتحوّل التنظيم – أو قسم منه- إلى ميلشيات عسكرية ذات بُعد أيديولوجي شيعي. خاضت ستة حروب مع الجيش اليمني، بدءاً من 1862004 وحتى الآن.
كان هدف علي عبد الله صالح من تحويل الحوثيين إلى قوة سياسة عسكرية هو التصدي لنفوذ الإخوان المسلمين المتنامي وحزب الإصلاح التابع لهم، وقد وجد في الحوثيين مبتغاه، لذلك سهل لهم أمر الحصول على السلاح والاعتراف السياسي والعمل الاجتماعي والديني، إلا أن الامور قلبت في مرحلة بعد عقد من الزمان عندما انتهى "شهر العسل بين الطرفين" وبدأت المعارك بين الجيش اليمني والحوثيين، لأن صالح كان يرغب بالإبقاء على الحوثيين مجرد أداة في يده إلا أنهم "تمردوا" وبدل أن يعملوا لحساب صالح بدأوا يعملون لحساب أنفسهم ومشروعهم بدعم من مباشر وغير مباشر من إيران.

 


الآن وبعد 25 عاما تمكن الحوثيون من التحول إلى القوة الوحيدة في الميدان واستطاعوا أن يحتلوا العاصمة صنعاء ومحافظات أخرى، وانهار الجيش اليمني أمامهم كأنه قطعة من الملح، وفرضوا سطوتهم وشروطهم على الدولة وجميع مكوناتها، وتم تتويج ذلك يوم الجمعة الماضي بعقد المجلس السياسي لجماعة الحوثي مؤتمرا في القصر الجمهوري بالعاصمة صنعاء، أصدر فيه ما سماه "إعلانا دستوريا" قضى بحل البرلمان وتشكيل مجلس وطني انتقالي ومجلس رئاسي من خمسة أعضاء ينتخبهم المجلس الوطني وتصادق على انتخاباتهم "اللجنة الثورية"."لإخراج الوطن من الوضع الراهن، ومواجهة جميع القوى التكفيرية". لتأسيس الدولة الحوثية الشيعية جنوب الدولة السعودية، لتبدأ مرحلة جديدة ما زلنا في فصلها الأول.

 

/بوابة الشرق/

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)