صادق ناشر

حددت جماعة الحوثي، أول من أمس الأحد، ثلاثة أيام لحسم الخلاف بشأن الواقع السياسي الذي يتأرجح بين الانتظار والانفجار، بخاصة مع إصرار الجماعة على تسيد المشهد، والاستئثار بالحل من دون توافق مع بقية الأطراف السياسية، بخاصة الفاعلة منها .
وبدا جلياً أن الحوثيين يعدون لانقلاب كبير على مسار التسوية التي رسمتها الاتفاقيات السياسية، بما فيها تلك التي وقعوا عليها بعد سيطرتهم على العاصمة صنعاء في الحادي والعشرين من سبتمبر/أيلول الماضي، وهي السيطرة التي مكنتهم لاحقاً من فرض رؤاهم على فرقاء العملية السياسية .
الحوثيون حشدوا خلال الأسبوع الجاري قواهم وأنصارهم وعقدوا اجتماعاً ادعوا أنه يمثل الأطياف السياسية والشعبية كافة، وخرجوا بعدة قرارات أفصح عنها يحي الحوثي، شقيق عبدالملك الحوثي قبل أن تخرج بقرارات بشكل رسمي، وتضمنت تشكيل مجلس وطني يدرس الحالة الراهنة ومن ثم الخروج بحلول من شأنها تغيير قواعد اللعبة في بلد يكثر فيها اللاعبون السياسيون المحليون والإقليميون والدوليون .
خطوة الحوثيين بإمهال القوى السياسية ثلاثة أيام للحل أو قبول بدائلهم يدل على قصور في فهم الخريطة السياسية والاجتماعية في البلد الذي لم يستطع طرف وحده حكم البلاد، حتى في عز قوة الرئيس السابق علي عبدالله صالح، الذي كان حريصاً على إشراك القوى الفاعلة في الساحة، وإن اختلف معها .
صحيح أن الحوثيين صاروا اليوم القوة الأكثر حضوراً في المشهد بسبب امتلاكهم القوة العسكرية، حيث صاروا يستخدمون هذا السلاح بحق ومن دونه، إلا أن القوة لم تصنع يوماً نظاماً عادلاً، ويبدو أن الحوثيين لم يستفيدوا من الدروس التي مرت بها الأنظمة السابقة، كان آخرها نظام الرئيس السابق، الذي اتكأ على القوة لكنه خسر سلطته بسبب بروز قوة بديلة له، والوضع نفسه يمكن أن يكون مع القوة التي فرضت نفسها بقوة السلاح خلال المرحلة التي أعقبت ثورة الاحتجاجات التي شهدها اليمن عام 2011 وأطاحت نظاماً عمر 33 عاماً، ونقصد بها جماعة الحوثي .
مسؤولية الحوثيين تتعاظم اليوم أكثر من أي وقت مضى، بخاصة وأن القوى السياسية لم تعد تستسيغ هيمنة الحوثيين على صناعة مستقبل البلد، لأن هذا المستقبل لن يرسمه إلا جميع أبناء اليمن الذين يشاركون مستقبله، كما يتشاركون اليوم حاضره، والفرص التي يضيعونها اليوم قد لا تتكرر غداً، فإما أن يحسنوا استغلالها وإما يدخلون البلاد في دوامة من أزمات لا تنتهي .

/الخليج/