سامي غالب
يفترض ان لدى جماعة الحوثي (أنصار الله) مستشارين قانونيين ومحامين متحمسين جدا لاسترداد الحقوق وإعمال القانون وإنصاف المظلومين. بل إن عديدين منهم تابعوا مثلي، ومثل كثيرين غيري، فداحة خرق القانون وضماناته في ما يتصل بمعتقلين مشتبه بهم في التورط في اعمال إرهابية.
كان القانون قبل سنوات هو سلاح "المستضعفين" الذين يتم استهدافهم أمنيا من سلطة الرئيس علي عبدالله صالح.
وكان محامون _ يضعون خبرتهم في خدمة الجماعة الآن_ يجأرون بالشكوى جراء تجاوز السلطة للقانون في تعاطيها مع خصومها.
لكن هؤلاء الخيراء ورجال العدالة يقدمون الآن مثالا سيئا عما يمكن أن يفعله رجل القانون العصبوي.
صاروا أداة تنكيل بالخصوم باسم القانون.
صاروا الهراوة يستخدمها السياسي (الحوثي) لترويع خصومه أو تهشيم عظامهم، وكرامتهم إن لزم الأمر.
قبل أسبوع همس أحد المعتقلين في حبس "المنطقة الغربية بالعاصمة" في أذن أحد شباب اليسار الذين زجت بهم الجماعة في الحبس نفسه، قائلا: " أنا سام الأحمر"!
كان ذلك كافيا لوضعنا جميعا أمام تحد أخلاقي.
ليست المسألة في "قائمة الأدلة السرية" التي تحتفظ بها الجماعة كركيزة لقرار اتهام موجه ضد المعتقل المذكور اعلاه!
كلا.
وإنما في موقع القانون في عقل "الجماعة".
بالأحرى في غياب القانون كليا من عقل الجماعة.
هناك مواطن يمني يتم تجريده من كل الحقوق والضمانات، يقبع منذ شهرين في حبس في قسم شرطة يخضع لسلطة جماعة سياسية.
هذا يشبه تماما ما كان يفعله اللواء علي محسن الاحمر إذ يرسل معتقلين دون تهم إلى السجن المركزي.
هناك فارق بالتأكيد.
فاللواء المدحور لم يكن يزعم أنه فائد مسيرة قرآنية، ولا سمعناه يوما يتوعد المفسدين ومنتهكي القانون بالويل والثبور. لم يخرج على أصحاب النفوذ شاهرا "القانون" في وجههم كما يفعل السيد عبدالملك الحوثي.
هناك فارق جوهري بالتأكيد.
فعلي محسن الأحمر لم يزعم لنفسه العصمة والاصطفائية. وقصارى ما ادعاه لنفسه هو وصف "قائد أنصار الثورة" لا "قائد انصار الله".
ما يفعله قائد "أنصار الله" ومحاموه في العاصمه صنعاء، مروع وخطير لأنه يؤسس من جديد لانتهاك الحقوق باسم الثورة ومكافحة الإرهاب.
***
أكتب هذا وأنا استدعي حالة الشهيد هاشم حجر (استشهد جراء المرض في السجن المركزي بعد رفض القضاء الإفراج عنه لأسباب صحية علما بأنه كان مجرد متهم محبوس احتياطيا).
لقد جُرد ذلك الشاب الطيب من ضمانات القانون وحرم من حقه في إنهاء حبسه الاحتياطي لأسباب مرضية بدعوى انه خطر على الأمن القومي.
مات هشام بعد أيام من جلسة قضائية للنظر في طلبه بالإفراج عنه.
كان استشهاده مأساة أرقت كثيرين.
أرقت كثيرين ليس من بينهم _ كما أرجح الآن_ هؤلاء الذين ينكلون بكثيرين من اليمنيين من فئات مختلفة بدعاوى مكافحة الدواعش والتكفيريين.
***
رفض التمييز بين اليمنيين يبدأ من رفض التنكيل بأي فرد منهم باسم الإرهاب أو التمرد او الفساد بالخروج على القانون أو ضدا عليه.
***
اللجان القانونية لجماعة أنصار الله هي خير تجسيد لانتهاك القانون الذي تمارسه الجماعة منذ شهور.
في هذا البلد كل شيء مضروب حتى نقابة المحامين!
وإلا هل كان يتجرأ محامون على ارتكاب او تبرير انتهاكات جسيمة ضد اليمنيين كما يفعلون الآن؟
***
قبل أسبوع همس احدهم في أذن شاب يمني اقتادته الجماعة إلى مكان اعتقال جديد في العاصمة، قائلا:" انا سام الأحمر"!
مرت الواقعة بسلام.
لا أحد يشعر بالخزي خارج المعتقل.
لأن قائد المسيرة القرآنية لديه محامون أنصار يحترمون القانون ويعلون من الكرامة الانسانية، ويغرقوننا بفتوحاتهم القانونية _ الفضائحية_ في مواقع التواصل الاجتماعي، مسلحين بخلطة سحرية مركبة من جهل وغطرسة، خلطة "قانون القوة الحوثية" لا قوة القانون.
***
يمكن تأويل ثورة الحوثيين على السلطة في أنها محض ثورة على احتكارها القمع. وما يفعله الحوثيون الآن هو محاولة بائسة (وكارثية) لاحتكار القمع باسم الدين والدولة معا.
* من صفحة الكاتب على موقع "فيس بوك"