د/ احمد الشامي
حشد عبدالملك الحوثي كل قوته يوم امس واليوم في صنعاء تحت اسم مؤتمر وطني جامع لتقرير مصير اليمن.
المؤتمر الذي بشر به في خطابه قبل بضعة ايام لم يأت في المستوى المتوقع
حيث كان يترقب الكثيرون ان يكون النقطة الفاصة في الانقلاب الحوثي على السلطة ويعلن من خلاله الفصل الاخير لاطول انقلاب عسكري متمرد عرفته مسيرة الانقلابات العسكرية المتمردة !
فمنذ 21 سبتمبر والحوثيون يمسكون بزمام السلطة في صنعاء ولكن دون ان يكونوا رسميا الرقم واحد !
وحيث ان التستر خلف رئيس ضعيف كعبدربه منصور هادي ومطيع ينفذ كل ما يريده الحوثي لأن فوهة البندقية لم يرفعها الحوثيين من على رأس الرئيس المتردد !!
وبما ان هذا التستر لم يعد مجديا كان ولابد من الاجهاز على هذا الرجل في حركة الضرب على دار الرئاسة والانتهاء من اخر اشكال رموز السلطة في 19 يناير ولكن استقالة الحكومة بشكل مباغت ولحقها استقالة رئيس الجمهورية الغت اخر اوراق التوت ليظهر الحوثي متمردا خارجا عن القانون والاعراف وغير مرغوب فيه شعبيا وغير معترف به دوليا .
فكانت الازمة القائمة حتى الان على هذه الصورة :
- الحوثي يريد السلطة المطلقة وعدم تحمل المسئولية! ويريد من الحكومة البقاء تحت الاوامر الحوثية ويجني هو ثمرة الثورة وتجني الحكومة والرئيس الشكلي مثالب السلطة وسخط الجماهير في دولة منهارة وخدمات معدومة !
- وعلي عبدالله صالح يريد ان يبقى اللاعب الرئيسي الذي يدير الامور من معزله ويجعل الحوثي مخلب القط للعمليات القذرة من تأجيج الفتنة الطائفية والصراع المذهبي الذي يرتديه الحوثي الى مشاركة فاعلة في الحكم والظهور بمظهر المبعد المقصي !
- والاحزاب التقليدية لا تزال في دائرة الانتظار والعجز تريد ان تكون في السلطة بأي حجم واي حصة !
وامام كل هذا المشهد ترقب الناس مؤتمر يوم امس الجمعة الذي دعا اليه الحوثي وحشد له كل قدراته ! ولكن ظهر كالاتي :
- حشد هائل يعد بالالاف في قاعة الرياضة المغلقة بصنعاء لوجوه لا يعرفها احد ولا يكاد يميز الباحث السياسي الحصيف والمتابع والعارف بدقائق الامور اكثر من عشرة اشخاص معروفين بالقاعة المكتضة بالمخزنيين والواضح انهم من البسطاء المدفوعين لا اكثر ! وليظهر الحوثي بأنه فصيل معزول عن بقية الفصائل السياسية والمنظمات والشخصيات الاجتماعية والدينية.
- جاء اخراج المؤتمر كصورة مكررة من لقاءات علي عبدالله صالح ولكن بأكثر كاريكاتورية ابتداء من مقدم حفل بسيط الى طالب يتصدر الحضور وانتهاء بكلمات اشخاص من الصف الثالث !
- المراجع لمؤتمرات الحشود التي كان يعملها صالح او حزب الاصلاح وبقي الكل يراهن ان هذا الحشد يمثل الشعب ثم اثبتت الايام انه لا يمثل الشعب ويأتي الحوثي ليكرر اسوأ فصول المهازل السابقة اليوم.
- من الواضح ان الحوثي يدرك انه يقود حربا مذهبية ومناطقية واضحة فهو يوجه خطابه العدواني على الجنوب وعلى اقليم الجند وعاصمته تعز على اساس ان هؤلا السنة الرافضين له هم اخر معاقل الاعداء الذي يرفضون انقلابه, ولهذا تتجلى عقدة النقص في ان يحشد بقائمة المتحدثين اشخاص من تعز وليس مهما مستواهم وحجم حضورهم فيكفي مسقط رأسهم ليعوض هذا النقص المدمر لديه.
وبمراجعة للاسماء في هذا المؤتمر نجد بعد صالح الصماد الممثل الوحيد لصعدة حشد الاسماء بممثل للبرلمانينن هو عبده بشر بعد رفض البرلمانيين من الجنوب واب وتعز المشاركة ليكون صديق لهم من ذمار ! ثم ثلاثة من تعز عبدالناصر الجنيد بأسم الصوفيين التعزيين !! وتوفيق الخامري عن التجار ومحمد القيرعي عن فئة الاخدام المهمشين !! وكل واحد من هؤلاء يعاني من عقدة نقص عجيبة ابتداء من الصوفي الباحث عن الاعتراف به انه من ال البيت وانتهاء بالتاجر الذي يعاني من فلس بسبب مشاكل العائلة ومشاكل القبائل الناهبين لامواله في الشمال ويبحث عن حماية ناهيك عن عقدة شقيقه المتزوج من شقيقة حميد الاحمر وضرورة ان يجد لدى الحوثي ما يحميه من غضب اعداء حميد ! الى مهمش يبحث عن اي منصة يمدح فيه السيد مقابل لقمة العيش !
وهنا يكذب الحوثي على نفسه لو ظن انه وجه رسالة الى الجنوب والجند والى 80% من السكان الرافضين لخطابه العنصري المذهبي ! وانه وجد حصان طرواده الذي سيدخله الى تعز ومنها الى عدن !
بل بالعكس تماما كانت الصورة مؤكدة على عزل الحوثي في ركنه الطائفي ومنطقته الجغرافية المحدودة.
الملاحظة الاخيرة والاهم هي ان المؤتمر اظهر مدى القلق الامني اوالرعب الذي يعاني منه الحوثي حيث اختصر اللقاء لساعة او اقل, والتاكيد على ذلك هو مد المؤتمر الى اليوم التالي والذي يليه!
وذلك يعني انتظار المباحثات القائمة من اجل نقل السلطة في اليمن واتخاذ مواقف
او اختصار المشهد لاحتفالات عابرة لا تعبر الا عن اضطراب حقيقي !!