عارف أبو حاتم

شعب الجبارين

عارف أبو حاتم
الخميس ، ٢٣ يناير ٢٠٢٥ الساعة ١٢:٤٦ صباحاً

‏وكأن هاتين الكلمتين لم تخلقا إلا لأهل غزة دون أحدٍ من البشر.. ومن يجرؤ أن يقولها لغيرهم؟!

‏بعد 471 يوماً من الحرب الوحشية بكل أسلحة الغرب الهمجي، انتهت الحرب بشروط "الجبارين" وبمقابل كل إسرائيلي حياً أو ميتاً يخرج من سجون الاحتلال 40 فلسطيني، تم اختيارهم بعناية ليكسب الطرف المفاوض كل فئات الشعب الموجوع، وهي خطوات لم تنفصل عن شروط إدخال شاحنات الوقود والمساعدات لكامل القطاع.

‏لقد خرج نتن ياهو وجيشه من غزة إلى محاكم التاريخ، وقبلها إلى محكمة العدل الدولية كمجرمي حرب، يلاحقهم شبح الاعتقال تحت كل سماء، ففي الأسابيع الماضية كان جنود اسرائيل يفرون كالأرانب في الجبال، بعد أن لاحقتهم تهم الإبادة الجماعية وإمكانية القبض عليهم من سيرلانكا إلى البرازيل، إلى أوغندا.

‏بالنظر إلى خسائر إسرائيل، نجدها مرعبة، وكفيلة بجعل الشعب اليهودي يبصق في وجه حكامه، فقد خسرت في جيشها وأمنها واقتصادها.

‏والأرقام التالية كلها صادرة عن البنك المركزي الاسرائيلي وحكومته، قبل ساعات من إعلان صفقة ايقاف الحرب مع حماس، عقب مفاوضات الدوحة:

‏ 60,000 شركة أغلقت

‏ 70% من قطاع المقاولات مغلق

‏70% من قطع السياحة توقف

‏67 مليار $ هو الخسارة الإجمالية

‏خسارة الجيش المباشرةتجاوزت 34 مليار$

‏40 مليار $ عجز الميزانية العامة وهو الأكبر في تاريخ إسرائيل

‏33٪ من السكان يعيشون تحت خط الفقر

‏25٪ من السكان يعانون من إنعدام الأمن الغذائي

‏نصف مليون من سكانها غادروا وربما بصورة نهائية.

‏وخسارتها السياسية والأخلاقية والدبلوماسية والقانونية أمام العالم لا تقدر بثمن، فقد ظهرت إسرائيل عارية كالفضيحة!.

‏أما المكسب الحقيقي لفلسطين فيتمثل في أمرين:

‏الأول القرارات التي منحت لصالح القضية الفلسطينية في الامم المتحدة والقرارات التي أدينت بها إسرائيل في الأمم المتحدة وفي محكمة العدل الدولية، من ضمنها محاكمة نتن ياهو ووزير دفاعه غالانت، وإغلاق عدد من السفارات الصهيونية في عدد من دول الغرب.

‏والمكسب الآخر هو الإحياء الحقيقي الذي شهدته القضية الفلسطينية داخل الدوائر الغربية الرسمية والشعبية والأكاديمية وهذا عمل لم يحدث في التاريخ من قبل.

‏وثمة مكسب آخر، هو تعرية إدعاءات ايران بنصرة القضية الفلسطينية، ثم التخلص من أدواتها الإرهابية في المنطقة وهي حزب الله ونظام الاسد.

‏هذه أحداث مرتبطة ارتباطا عضوياً بالقضية الفلسطينية ومتغيرات ما بعد 7 أكتوبر، ومن المحال تماماً أن يكون الشرق الأوسط ما بعد 7 أكتوبر كما قبله.

‏نزفت غزة من رجالها ونسائها وأطفالها وكوادرها، ودمرت بنيتها التحتية بالكامل، بقدر ما نزفت إسرائيل من أخلاقها وقيمها، في نظر شعوب الغرب ومؤسساته، فليس من أخلاق الحرب قصف المستشفيات والمدارس والجامعات ودور العبادة ومخيمات اللاجئين، وقتل قرابة 50 ألف طفل، واعتقال وتعذيب وقتل عشرات الأطباء.

‏أما طريقة خروج مقاتلي غزة ومظهرهم وهيئتهم وحركتهم في المشي والسلاح والملبس واستقبال الناس لهم، ذاك ما لا يسعه مقال ولا رأي، وكأن هؤلاء لم يكونوا في الأنفاق وتحت الأنقاض يقاتلون 471 يوم في أسوأ الظروف وأقساها، وهو مشهد يلخصه تساؤل صحفي إسرائيل لحكومته: ماذا كنا نفعل في غزة طوال 15 شهر!.

لقد قاتلوا وصمدوا ضد كل قوى الغرب التي أرسلت أقوى وأقذر ما لديها من سلاح وخطط ومدربين للقتال ضد الفلسطينيين، وهذا النصر بإنكسار القوي رغم قوته، وبقاء الضعيف صامد ومقاوم، رغم صعفه، هو رسالة ملخص فحواها: وَاللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمرِهِ!.

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)